كلمات نرددها في مواقف عدة، سواء محزنة أو مفرحة، فقدان وظيفة، سفر للعمل، فسخ خطوبة، طلاق، زواج، كلها أشياء قد تبدو من اختيارنا، لكن هل هي كذلك؟!
كلما تذكرت كيفية التحاقي بعملي كمضيفة، الذي حدث بالصدفة؛ حيث كانت أختي تطالع إحدى الصحف فوجدت إعلاناً عن وظيفة مضيفة، وبادرت بمراسلة الشركة وتقديم أوراقي دون حتى علمي، وبناء عليه انتهى بي الحال في الخليج أعمل في مهنة كانت حلماً وأصبحت حقيقة، أتساءل: هل هذا محض الصدفة؟!
وصلنا إلى الدوحة؛ حيث استقبلتنا في المطار ماريا "سيدة إسكتلندية" بابتسامه باردة، وقبل العودة للمنزل اصطحبتنا إلى مول صغير للتبضع ولإجراء اتصالات هاتفية بذوينا لطمأنتهم، لم يكن معنا هذا الجهاز الذكي (الموبايل)؛ حيث لم يكن يقتنيه إلا المرفهون، هل لكم أن تتخيلوا الحياة دون هذا الجهاز الصغير حجمه العظيمة منافعه؟
في المول اقترب منا زوجان لم يرزقهما رب العالمين بأطفال، علمت ذلك لاحقاً، بادرا بالحديث معنا وانتهى الحديث بدعوة لتناول العشاء، وبالفعل كانت أول خطوة لبناء علاقة أبوية جميلة بيننا، ومن حسن الحظ أن منزلهما مجاور لسكن المضيفات الخاص بنا، هما في حاجة لنا على قدر حاجتنا لهما، في مواقف كثيرة عندما نعيش محنة ما يُرسل لنا رب العالمين مَن يخفف عنا ويساعدنا على اجتيازها، أعتقد أن وجودهما هناك لم يكن صدفة.
عند عودتنا قررنا نقل أَسّرة الفتيات إلي غرفتي بما أنها الأكبر، والنوم فيها معاً؛ للتغلب على شعور الخوف الذي تملكنا جميعاً، خاصة أنها الليلة الأولى بعيداً عن أمهاتنا وموطننا وعن الحضن الآمن ودفء الأسرة، كانت فكرتي وقد دفعت ثمنها لاحقاً، كم كنت ساذجة في الوثوق بالناس بهذه السرعة، لكن أعتقد أنه القدر الذي جمعني بهم، قدر كتب علينا معاشرة أُناس جدد نتعلم منهم ونتعلم فيهم أيضاً، كيف لنا أن نقرأ الأشخاص ونفهم معادنهم سوى بالعِشرة!
للأسف مهما كثرت التجارب سأظل عفوية في معاملاتي وحسنة الظن بالآخرين رغم أنني أدفع ثمن سذاجتي الكثير، لكن ألسنا جميعاً نعيش تجربتنا الخاصة كما قُدرت لنا.
لا أعلم هل نحن مخيرون؟! لم أُخيَّر في تكوين شخصيتي ولا خُيِّرت في المجيء للدنيا من عدمه ولا حتى خُيرت فيمن يهواهُ قلبي ولا من أُشفق عليه من قسوتي، هل خُير الشيطان في التوبة؟! هل كان مقدراً لي السفر أم أنه اختياري؟ هل اخترت تلك الفتيات لأسكن معهن وأعاشرهن؟ وكيف يكون بناء على اختياري، أرى الدنيا وتجاربنا فيها كأنها عمل فني وأنا فقط أقوم بدور البطولة، لم يكن البطل متحكماً في قصة الفيلم، فالسيناريو معد سابقاً وموقع التصوير محدد، حتى الكومبارس تم اختيارهم قبل بدء التصوير.
يقول البعض إننا نصنع قدرنا بأنفسنا، علينا فقط أن نتفاءل ونفكر دائماً في أسباب النجاح، كما ذكرت روندا بايرن في كتابها "The Secret"؛ حيث تحدثت عن قانون الجذب وكيف أن للأفكار قوة مغناطيسية تجذب الأمور التي تحصل لنا في حياتنا؛ لذا سأحرص دائماً على أن تكون مشاعري إيجابية، لعلها تجلب المزيد من الأفكار والأشياء الجيدة لحياتي. وبناء عليه قررت أن أستمتع بكل لحظة مقدرة لي حتى وإن بدت صعبة.
قليل من النوم وكثير من الأفكار، هكذا بدأت يومي.
تُرى هل ستكون بداية مشوقة؟
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.