التحول من اقتصاد اليأس إلى اقتصاد التنمية
من الواضح أن هناك حالة من الإحباط يعيشها الوطن العربي، ليس على المستوى السياسي فقط، وإنما على مستوى الحياة اليومية والاقتصادية للمواطن البسيط في العالم العربي.
وللأسف أصبحت اقتصاديات الكثير من الدول العربية محبطة للغاية من تدهور مؤشرات الاقتصاد الكلي وانحدار مؤشرات التنمية البشرية وغياب عوائد التعليم والإنتاج بالنسبة لفئات مجتمعية كثيرة في معظم البلاد العربية، صحيح أن اقتصاد اليأس هو مصطلح أدبي وليس اقتصادياً، ولكنه يعكس بصورة كبيرة الواقع العربي.. فاقتصاد اليأس بذورة الفساد وحصاده الإحباط، وليس في الواقع الاقتصادي فقط.
بل على كافة المجالات أيضاً، وصحيح أن هناك محاولات كثيرة لخلق مستقبل أفضل في الوطن العربي ولكنها محاصرة بالفساد والإرهاب وعدم الاستقرار السياسي، اقتصادياً الوطن العربي يحتاج إلى إعادة هيكلة الكثير من القطاعات، وليس إصلاحاً اقتصادياً فقط وفي ظل التقدم التكنولوجي والمعرفي في العالم ظهر مفهموم الاقتصاد المعرفي، فهل يستطيع العرب التحول إلى الاقتصاد المعرفي في المستقبل؟
الواقع يقول إن هناك العديد من المؤشرات الإيجابية في العديد من الدول العربية اتخذت خطوات من أجل التحول للاقتصاد المعرفي كتونس والإمارات وقطر والسعودية، ما يحتاجة العالم العربي الآن هو إرادة سياسية حقيقية، لتحقيق التنمية الاقتصادية في العالم العربي، حيث يقول الله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّي يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} [سورة الرعد: 11] .
والتنمية الاقتصادية هي ليست مسئولية الحكومات وإنما الأفراد والدول شريكة في تحمل مسئولية التنمية الاقتصادية، رأس المال البشري اليوم للدول أصبح أهم كثيراً من رأس المال التقليدي؛ لأنه كلما زادت جودة التعليم وتمت إدارة المواهب بشكل صحيح، كان لذلك تأثير إيجابي على المجتمع، أصحاب المواهب والمعرفة ورأس المال التقليدي هم الثروة الحقيقية للدول.
ثلاث محددات مهمة للنهوض في الوطن العربي لابد أن تكون لدى صانع القرار في العالم العربي:
- الاهتمام بالعلم والمعرفة والتطبيق العلمي في كافة المجالات بوضع خطط استراتيجية.
- الاهتمام بزرع العدل في المجتمع ومحاربة الفساد الحقيقي والحكم الرشيد والاهتمام بالصحة .
- الاهتمام بالشباب واعطاء فرصة للطاقات الشباب في ادارة التحول الاقتصادي ورسم السياسيات .
- فمهما كانت الجهود والانجازات دون الاخذ في الاعتبار ما سبق لن تحدث تنمية اقتصادية حقيقة في الوطن العربي.
فهل يمكن التحول من اقتصاد اليأس الي اقتصاد المعرفة في الوطن العربي يقوم الاقتصاد المعرفي إلى أربع ركائز أساسية هي:
الإبتكار الذي يستند إلى البحث والتطوير من خلال نظام فعال يربط مؤسسات التعليم بالمؤسسات الصناعية بغية التطوير المستمر. المعلومات والمعرفة: ونشرها وتبادلها والتطبيق مع الاحتياجات المحلية الإنسان وتنمية مهاراته الإنتاجية وتنمية مهاراته الشخصية: مع تطبيق ذلك ليس في العمل والإنتاج فقط، بل في كافة أشكال الحياة، التعليم : وهو العامل الأهم والأساسي في الإنتاجية والتنافسية الاقتصادية.
تاريخياً كان الإقتصاد منذ بداية البشرية اقتصاد بسيط يعتمد على الزراعة أو اقتصاد الطبيعة أي ما يعني تعامل الانسان مع الطبيعة التي خلقها الله لسد الاحتياجات اليومية فقط ثم التحول اقتصاد الصناعة وأسباب ذلك زيادة عدد السكان واكتشاف الانسان للطبيعة وزيادة الموارد ومن ذلك ظهرت الصناعة وظهر مفهمو الاقتصاد الصناعي وخصوصاً بعد الثورة الصناعية في اوروبا
وأخيراً فأن مفهوم الاقتصاد المعرفي وهو نتيجة للتطور التكنولوجي والمعرفي والتطور في العلم وهناك عدة تعريفات للاقتصاد المعرفي ومنها اقتصاد ما بعد الصناعة والاقتصاد الرقمي وغيرها لايوجد تعريف شامل او محدد للاقتصاد المعرفي وسيساهم العلم في تحديد مفهموم محدد للاقتصاد المعرفي في المستقبل ويمكن القول في الاقتصاد المعرفي أن المعلومات هي العنصر الغالب في العملية الإنتاجية، والمعلومات وتكنولوجياتها هي التي تشكل أو تحدد أساليب الإنتاج وفرص التسويق ومجالاته.
وربما يقصد بالمعلومات هنا مجرد الأفكار والبياناتDATA. وربما تشمل البحوث العلمية والخبرات والمهارات، اي ان مفهوم الثروة الحقيقي في المعرفة اصبح من يمتلك المعرفة يمتلك الثروة .
الإبتكار : تضطر البلدان العربية الي استيراد التنكولوجيا من أوروبا وأمريكا وآسيا ،فلا يمكن القول ان هناك تكنولوجيا عربية خالصة يمكن الاعتماد عليها ويعاني قطاع الابتكار من مشاكل جمة في أغلب البلدان العربية، لعل أهمها وجود فجوة كبيرة بين البحوث التي تجري في الجامعات والمراكز البحثية، وبين تطبيق هذه الابحاث في الصناعة والخدمات .
( Teoria Resheiqy Izobreatatelskikh Zadatch ) على سبيل المثال في الابتكار تستخدم العديد من المؤسسات الدولية نظرية TRIZللابتكار والخروج بحلول غير تقلدية وهذة النظرية عبارة عن الأحرف الأولي باللغة الروسية TRIZ ( نظرية الحل الإبتكاري للمشكلات) تميزت هذه النظرية عن غيرها بأنها تستخدم طرقاً فريدة وغير تقليدية في حل المشكلات بطرق إبداعية رائعة وتطوّر لدي الشخص الدافعية نحو التفكير بطريقة إبداعية،
ومن هذا المنطلق فقد اعتمدت هذه النظرية الكثير من كبريات الشركات العالمية في تدريب موظفيها، أمثال TOYOTA، LG، FORD SAMSUNG، NASA والكثير من الشركات العالمية .
تتكون هذه النظرية من أربعين مبدأً – استراتيجية – تستطيع بها أن تحل معظم المشاكل التي تواجهك في الحياة وبطرق إبداعية فريدة رائعة، أوجدها لنا المخترع الروسي المهندس " هنري ألتشلر " الذي كان يعمل بتسجيل براءات الاختراع في الاتحاد السوفييتي عام 1946م،
وبعد أن لاحظ أن الاختراعات تقوم على مبادئ معينة قام بدراسة مليوني اختراع بمساعدة حكومته حتي اكتشف أن هذه الاختراعات تقوم على أربعين مبدأً فكوّن بها هذه النظرية.
مرت هذه النظرية بالعديد من التطويرات حتي استطاعت أن تثبت جدواها في إيجاد حلول إبداعية للمشكلات في جميع مجالات النشاط الإنساني: الصناعة والتقنية والخدمات والتسويق وإدارة الأعمال والطب والفنون والاجتماع والاقتصاد وغيرها الكثير من المجالات.
المعلومات : فالتوظيف المتزايد الإعلام والاتصال والمعلومات في مجمل الأنشطة أصبح سمة تميّز عالمنا اليوم. كما يقوم على فهم جديد أكثر عمقاً لدور المعرفة، ورأس المال البشري في تطور الاقتصاد وتقدم المجتمع ومن ذلك تطور الاعلام البديل ودورة في الاقتصاد الوطني ،على سبيل المثال في التخطيط باستخدام البحث العلمي للدول تعتبر مؤسسة راند RAND Corporation هي أكبر مركز فكري في العالم، ومقرها الرئيس في ولاية كاليفورنيا الأمريكية.
وتقوم مؤسسة راند، الذي اشتق اسمها من اختصار كلمتي (البحث والتطوير Research and Development)، بجمع أكبر قدر ممكن من المعلومات، ومن ثم تحليلها وإعداد التقارير والأبحاث التي تركز على قضايا الأمن القومي الأمريكي في الداخل والخارج.
يعمل في المؤسسة ما يقارب من 1600 باحث وموظف يحمل غالبيتهم شهادات أكاديمية عالية، وميزانيتها السنوية تتراوح بين 100-150 مليون دولار أمريكي. وتعتبر راند أحد المؤسسات الفكرية المؤثرة بشكل كبير على المؤسسة الحاكمة في أمريكا، وهي تدعم توجهات التيار المتشدد في وزارة الدفاع وتتولي الوزارة دعم كثير من مشروعاتها وتمويلها، كما ترتبط بعلاقات ومشروعات بحثية مع وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالي.
تنمية المهارات : تنمية مهارات الانسان من خلال التدريب والتعليم وخلق بيئة سياسية واجتماعية مناسبة والاهتمام بالصحة وحقوق الانسان ،والعمل على خلق مهارات وليس غسيل شهادات مقنن شبيهة للغاية بغسيل الاموال ،تنمية الانسان هي هدف التنمية الاقتصادية وفي نفس الوقت الانسان هو اداة التنمية الحقيقة .
في التعليم: يواجه الوطن العربي تحديات كبيرة من أجل تطوير التعليم وخصوصاً في ظل ظهور أنواع جديدة من التعليم مثل التعليم عبر المحاكاة لو انك طيار وتدربت على نموذج للطائرة طبق الأصل في الدراسة الجامعية كم سيوفر هذا من مجهود وتكاليف بالإضافة الي انك ستكتسب خبرة سريعة وهكذا يمكن استخدام المحاكاة حتي مع الأطفال للوصول الي المواهب عند الأطفال، والتعليم هو قاعدة البناء في الأقتصاد المعرفي ولذلك يحتاج إلى جهود كبيرة في العالم العربي .
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.