المسلمون ليسوا إرهابيين: نظرة موضوعية على الإرهاب والإسلام

لست هنا أزعم أن الإرهاب لا يهددنا، فالحقيقة واقعة لا مراء فيها. لكن من الخطأ الجسيم ربط كلمة "مسلم" بكلمة "إرهابي" عندما تكون جميع الحقائق بالأرقام منافية متعارضة لهذا الربط المجحف. لعل الطريقة الوحيدة التي سنهزم بها الإرهاب في وطننا أميركا وحول العالم هي باستهداف جذور أسبابه. في الولايات المتحدة نفذ 355 اعتداء إطلاق ناري هذا العام، وإن اتهمنا المسلمين زوراً وبهتاناً بالمسؤولية عن حادثة سان بيرناردينو فهذا لن يحل المشكلة الأساسية بتاتاً. لقد آن أوان أن نعالج مشكلة الإرهاب من وجهة نظر مثقفة تستند إلى الحقائق.

عربي بوست
تم النشر: 2015/12/21 الساعة 10:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2015/12/21 الساعة 10:43 بتوقيت غرينتش

مع كل حادثة إرهابية يتابع المسلمون الأخبار بمزيد من القلق والتوجس، ضارعين ألا يكون وراء الاعتداء مسلم، ليس لأن أغلب الظن في هذه الحالات أن يكون الفاعل مسلماً، بل لأن الجاني عندما يكون مسلماَ نرى ضجة وتغطية إعلامية شاملة وجعجعة صحافية تغالي وتفرط في الحض على كراهية المسلمين غير المبررة.

وبصفتي مسلماً، أقول إني ضقت ذرعاً من إدانة الاعتداءات الإرهابية التي ينفذها أناس أسلوبهم العنف والبطش يسريان في عروقهم بينما يدعون الانتماء لديني الإسلامي الذي يلطخونه ويشوهونه. سئمتُ شجبَ هذه الاعتداءات وتبرئة ساحتي أمام أناس متبلدين باردي الأعصاب لا يعبؤون ولا يحفِلون أن أولئك المتطرفين الإرهابيين ذاتهم يذبحون المسلمين كذلك ويريقون دماءهم لا فرق عندهم بين مسلم وغيره.

مللت من اسطوانة "مسلم إرهابي" في حين أن منفذ العملية الأميركي القوقازي الأبيض غير المسلم يكون دوماً مجرد "مختل عقلي". ملّ قلبي من مشاهدة الاستنفار الإعلامي والتعبئة والتغطيات الإخبارية الشاملة والمراسلين الصحافيين المدججين بعدساتهم المصورة يطوقون مكان الحدث من كل مكان ومن كل زاوية عندما يكون المشتبه به مسلماً، في حين أن مئات الاعتداءات الوحشية السافرة الأخرى لا تلقى عشر معشار التغطية الصحافية ذاتها لأن مرتكبيها ليسوا مسلمين.

والأكثر من هذا وذاك أني متعب ومنهك ومضنى من إعادة وتكرار أن المسلمين ليسوا إرهابيين. آن الأوان لكي نخرس لسان الإسلاموفوبيا بالحقائق الدامغة. فيما يلي 5 حقائق ستثبت قطعياً أن المسلمين ليسوا إرهابيين:

1. معظم إرهابيي الولايات المتحدة من غير المسلمين: فبحسب إحصائيات مكتب الاستخبارات المركزية الفيدرالية (الإف بي آي)، فأن 94% من الاعتداءات الإرهابية التي نفذت في الولايات المتحدة بين عامي 1980 و 2005 كان وراءها غير المسلمين، ما يعني أن احتمال كون المشتبه بضلوعه في الحادث أميركياً غير مسلم يفوق بـ9 مرات احتمال كونه مسلماً. وطبقاً للتقرير ذاته فإن حوادث الإرهاب التي تسبب بها يهود في الولايات المتحدة فاقت عدد تلك التي تسبب بها مسلمون، لكن من منكم سمع بـ"تهديد الإرهاب اليهودي" في الإعلام؟ إننا لا نستطيع أن نتهم ديناً برمته (كاليهودية والمسيحية) بالعنف لمجرد أن مجموعة صغيرة تنتهج العنف وتتخذ من الدين ستارة لها، ولهذا السبب ذاته لا مبرر ولا مسوغ أبداً لإدانة الإسلام والمسلمين كلهم بجريرة قلة شاذة.

2. معظم إرهابيي أوروبا هم أيضاً من غير المسلمين: على مدار السنوات الـ5 الماضية سجلت في أوروبا أكثر من 1000 حادثة اعتداء إرهابية. خمنوا كم كانت نسبة الاعتداءات التي تسبب بها مسلمون من المجموع. خطأ، حاول مرة أخرى. هل تستسلم؟ الجواب: أقل من 2%

3. حتى لو فرضنا أن جميع الحوادث الإرهابية نفذها مسلمون، مع ذلك لا يمكنك ربط الإرهاب بالإسلام: فمنذ عام 1970 نفذ حوالي 140000 اعتداء إرهابي حول العالم، لكننا حتى لو فرضنا جدلاً أن كل هذه الاعتداءات وراءها مسلمون (وهي فرضية سخيفة لا أساس لها خاصة في ضوء الحقيقة المذكورة في نقطتي الأولى)، فإن عدد هؤلاء المنفذين الإرهابيين المسلمين لن يتعدى حدود نسبة 0.00009 % من تعداد كل مسلمين الكون. ولتقريب الصورة الذهنية أكثر، أقول لكم أن امكانية إصابتكم بصاعقة كهربائية أثناء عاصفة رعدية احتمالٌ واردٌ وأكبر بكثير من احتمال قيام مسلمٍ ما بعمل إرهابي خلال فترة حياتكم.

4. إن كان كل المسلمين إرهابيين، إذاً كلهم صانعو سلام: إن كان بعض المغرضين يستند على الإحصائيات السابقة لتعميم إرهاب الأقلية الشاذة على جميع المسلمين ووصمهم جميعاً بالعنف (رغم أن نسبة هؤلاء لا تتعدى رقماً مؤلفاً من خانة واحدة)، فالمنطق ذاته يقول أن علينا تعميم إحصائيات أخرى، مثل الإحصائية القائلة أن 5 من آخر 12 فائزاً بجائزة نوبل للسلام (أي 42%) كانوا من الـمـسـلـمـين، ما يجعل كل المسلمين صانعي سلام.

5. إن كنت تخاف من المسلمين، عليك إذاً أن تخاف من أثاث المنزل ومن الأطفال الرضع: فقد أظهرت دراسة أجرتها جامعة كارولينا الشمالية أن أقل من 0.0002% من الأميركيين الذين قتِلوا منذ أحداث 11 سبتمبرأيلول كان وراء مقتلهم مسلمون (المفارقة هنا أن هذه الدراسة أجريت في تشابيل هيك – نفس المكان الذي قتل فيه أميركي قوقازي غير مسلمٍ 3 أبرياء مسلمين وسط تعتيم إعلامي قلل من شأن الخبر وعزاه إلى "مشادة حول ركن السيارة"). بالاعتماد على هذه الأرقام وعلى إحصائيات هيئة سلامة المستهلك من المنتجات فإن المواطن الأمريكي المتوسط العادي قد يلقى حتفه سحقاً تحت أريكة الجلوس أو يتهشم رأسه بسقوط شاشة تلفاز عليه باحتمالٍ نسبتُه تفوق نسبة أن يكون السبب مسلماً، بل والأكثر من ذلك أن إحصائيات عام 2013 تشير إلى أن احتمال أن يلقى الأميركي حتفه على يد طفلٍ يفوق أكثر احتمالَ القتل على يد ما يسمى بـ "مسلم إرهابي".
عندما يتسبب سائق مخمورٌ بحادثة سيارة لا نلوم صانعي السيارة على أفعال السائق المستهترة لأننا نعي أنه من غير المنطقي إدانة شركة كاملة برمتها تنتج ملايين السيارات الآمنة لمجرد أن أحد سياراتها استغلها شخص مستهتر واستخدمها لإحداث الضرر. إذاً بأي حقٍ نلقي باللائمة على دينٍ بأكمله يدين به 1.6 مليار نسمة مطمئنة مسالمة لمجرد أن قلة قليلة وشرذمة ضئيلة شذت بأفعالها عن السرب المسالم؟

لست هنا أزعم أن الإرهاب لا يهددنا، فالحقيقة واقعة لا مراء فيها. لكن من الخطأ الجسيم ربط كلمة "مسلم" بكلمة "إرهابي" عندما تكون جميع الحقائق بالأرقام منافية متعارضة لهذا الربط المجحف. لعل الطريقة الوحيدة التي سنهزم بها الإرهاب في وطننا أميركا وحول العالم هي باستهداف جذور أسبابه. في الولايات المتحدة نفذ 355 اعتداء إطلاق ناري هذا العام، وإن اتهمنا المسلمين زوراً وبهتاناً بالمسؤولية عن حادثة سان بيرناردينو فهذا لن يحل المشكلة الأساسية بتاتاً. لقد آن أوان أن نعالج مشكلة الإرهاب من وجهة نظر مثقفة تستند إلى الحقائق.
بصفتي أميركياً مسلماً أرجوكم جميعاً التمعن بالحقائق المذكورة ها هنا وأن تتذكروها في المرة القادمة إن شاهدتم خبراً وعنواناً عريضاً عن الإسلام والإرهاب. ورحم الله مارتن لوثر كينغ الأصغر عندما قال: "الكراهية لا تدفع الكراهية، بل الحب وحده يدفعها." لا مجال لنسمح للتباين الكبير في حجم التغطيات الإعلامية أن يعمينا عن الحقائق ويملأ قلوبنا بالغل والحقد، فنحن أذكى من ذلك.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد