أعيدوا سنجار والمناطق المحررة إلى أهلها

حزب العمال الكردستاني وقوات الحشد الشعبي التي ساهمت بالقتال والتحرير وهي مشكورة ومحل تقدير واحترام، لكن ترفض الخروج أو إخلاء مواقعها للقوات الشرعية الحكومية التي هي مسؤولة عن ضبط الأمن وإدارتها حسب أحكام الدستور والقوانين العراقية.

عربي بوست
تم النشر: 2017/04/01 الساعة 04:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/04/01 الساعة 04:11 بتوقيت غرينتش

مناطق ومدن كثيرة تم تحريرها من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، وأصبحت تحت سيطرة القوات العراقية، أو كما هو مفروض أو معلن من أنها عادت إلى سلطة الحكومة الشرعية، وهذا في كلام وتصريحات الإعلام والفضائيات والاجتماعات وسجل تعداد الإنجازات الذي تفتخر به هذه الجهة أو تلك القوة، أو ذلك الفصيل، أو عشرات القوات والحشود التي تعددت أسماؤها وراياتها وقادتها وإنجازاتها.

لكن الموجود على الأرض والواقع الذي يعيشه أبناء تلك المناطق والمدن ما زال بعيداً عن التحرير وعودة الأمن والسلام ورجوع النازحين والمُهجرين إلى بيوتهم ومناطق سكناهم الأصلية لأسباب ومسببات كثيرة بعضها يمكن التصريح به ونشره، وبعضه ما لا يمكن حتى الاقتراب منه، فهو يشبه ما هو مكتوب بالقرب من المناطق المهمة والحساسة بأنه ممنوع الاقتراب والتصوير.

بعد ما يزيد على السنتين أو أكثر من تحرير مدن بيجي وتكريت وقصبات أخرى كثيرة في ديالى، وقد تكون معلوماتي غير دقيقة، لكنها بالتأكيد أكيدة ومؤكدة فيما يتعلق بالمناطق والمدن التابعة لمحافظة نينوى مثل سنجار وزمار وتلكيف والحمدانية وبعشيقة وعشرات القرى التي ما زالت مهجورة أو ممنوعة على أهلها من الدخول أو الرجوع، مما يتطلب رفع الصوت عالياً لمساعدة أهاليها لمعرفة الأسباب والقوات التي تمنع هؤلاء الناس من الخلاص من حالة التشرد والنزوح والضيم والمعاناة التي يعيشون فيها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات.

وتمثل سنجار التي احتلها داعش في (3 – 8 – 2014) النموذج الواضح للمدينة التي ما زالت تنزف وتعيش حالة الحرب والصراع، رغم أن تحريرها الرسمي تم في (13 – 11 – 2015)، أي قبل أكثر من سنة وأربعة أشهر.

إن التركيز يتم عادة على الصراع الموجود داخل البيت الأيزيدي، وتأثير ذلك على الأوضاع في سنجار وهو أمر طبيعي ومشروع؛ لأن الأيزيديين قد تعرضوا إلى أبشع وأكبر وأقسى إبادة جماعية جعلت العديد من الأطراف تستغل هذه المأساة الإنسانية لتفرض عليهم سلطة الأمر الواقع، وتزيد في معاناتهم ومصائبهم من خلال الإبقاء على حالة الصراع وتثبيت المواقع وجلب القوات والأنصار من كل مكان بحجة مساعدة ونجدة أهلها.

إن المشكلات والتحديات التي تواجهها سنجار قد تفاقمت واشتدت بسبب بقاء الحال على ما هو عليه بعد تحريرها، رغم أن العقل والمنطق والإنصاف والوطنية والقومية تتطلب تقديم الشكر لكل من أسهم في تحريرها، والطلب منهم انسحاب جميع القوات من المدينة وتسليمها بيد السلطة المحلية المنتخبة؛ كي تمارس دورها وواجبها؛ لأنها الأعلم والأكثر دراية بظروف وأحوال السكان.

أما الإبقاء على حالة الحرب وتحشيد الناس بالأفكار التي تدعو إلى الثأر والانتقام وتحميل الآخر المسؤولية واعتبار طرف معين هو المحرر والمنقذ لأهلها إلى الحد الذي يجعله وصياً وولياً عليها، ومنحه فرصة تجنيد شبابها وغسل أدمغة فتيانها وفتياتهم المراهقات بحجة الدفاع عن الوجود الأيزيدي هو محض ادعاءات لا تقوم على أساس من الواقع والمقبولية.

إن الانعكاسات السلبية الخطيرة والمدمرة على الشباب والأطفال الذين تعرضوا لظلم وإجرام داعش لا يعطي المبرر لأي كان حق استغلال مأساتهم من أجل تحشيد وتجييش المجتمع الأيزيدي ضد الآخر إلى جانب المواقف والأعداد الكبيرة من التعاطف والتأييد للنكبة الأيزيدية لا يعطي التبرير لخطف أو اختطاف سنجار والمناطق المحيطة بها لصالح طرف أو حزب أو تنظيم، مهما كان دوره أو قوته أو مَن يمده بالرواتب والتجهيزات أو من يستغله ويُسيره لخلق أوضاع وظروف جديدة في سنجار.

إن مشكلة سنجار وأغلب المدن التي تم تحريرها بكل صراحة هي:
1- حزب العمال الكردستاني وقوات الحشد الشعبي التي ساهمت بالقتال والتحرير وهي مشكورة ومحل تقدير واحترام، لكن ترفض الخروج أو إخلاء مواقعها للقوات الشرعية الحكومية التي هي مسؤولة عن ضبط الأمن وإدارتها حسب أحكام الدستور والقوانين العراقية.

2- بعض الأحزاب الكردية والعراقية التي تجد في قوات الببككا والحشد الشعبي مدخلاً مهماً وفرصة للدخول وتوسيع النفوذ على حساب السلطة الشرعية والحكومية القائمة في تلك المناطق ومنذ أكثر من 14 سنة.

3- الناس الذي يتم استغلال مأساتهم وحاجاتهم من أجل التلاعب بعواطفهم وقضيتهم من قِبل أطراف خارج تلك المناطق، وهي جالسة هناك تُنظر وتفكر في كيفية التغيير لمجرد التغيير وحتى وإن كان نحو المجهول.

إن الحل الحقيقي والصحيح لمشكلة سنجار وكل المدن التي تم تحريرها من سلطة داعش هو في إعادة الثقة والأمان والاطمئنان لدى أهالي سنجار وسهل نينوى والموصل وكل المدن التي تعرضت لاحتلال داعش، من خلال تحقيق صريح وشفاف يبين الأسباب الحقيقية ومَن يتحمل التقصير والمسؤولية من القوات العسكرية التي كانت موجودة في تلك المناطق، ولماذا تم الانسحاب السريع وغير المنظم وترك الأهالي والسكان المدنيين ومحاسبة مَن يثبت تقصيره احتراماً لأرواح الشهداء، وتضميداً لجراح ومأساة الناس المظلومين الذين خسروا كل شيء، ومتابعة ملف سقوط الموصل الذي قام به مجلس النواب العراقي، الذي توصل إلى نتائج وأسماء وحقائق لم نجد على أرض الواقع أي متابعة أو محاكمة أو مسؤولية لأحد، والتي ربما سينتهي التحقيق والمحاكمة فيها بأن الفاعل مجهول!

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد