تحولت دعوة رسمية وجهتها جامعة "جنوة" الإيطالية لطالب تونسي إلى قضية عامة في إيطاليا تناولتها الصحف الإيطالية خلال الأسبوع الماضي حتى وصل صداها إلى أروقة البرلمان الإيطالي، حيث دعا أحد نواب اليسار إلى مساءلة كل من وزيري الخارجية والتربية والتعليم في إيطاليا؛ لتقديم توضيح رسمي حول أسباب رفض السفارة الإيطالية بتونس منح هذا الطالب تأشيرة الدخول لإيطاليا، رغم تلقيه دعوة رسمية في الغرض بحسب ما جاء في صحيفتي "كورياري" و"جينوفا" الإيطاليتين.
المشكلة في تذكرة الطائرة
وتعود القصة بحسب ما يرويها الطالب والباحث في علم الاجتماع صفوان الطرابلسي إلى إبريل/ نيسان الماضي، إذ تلقى دعوة رسمية من الجامعة للمشاركة في ورشة علمية، لكنه فوجئ برفض السفارة الإيطالية بتونس منحه التأشيرة دون تقديم أسباب واضحة.
يقول صفوان إنه على الرغم من امتلاكه الوثائق اللازمة لاستخراج فيزا "شنغن"، لكن السفارة رفضت منحه تأشيرة الدخول، معللة ذلك السفارة بطبيعة الرحلة، إذ إن تذكرة السفر ليست مباشرة لإيطاليا، بل تقتضي التوقف نحو ساعتين في فرنسا، وهو ما اعتبرته السفارة مشكلة، على إثر الإجراءات الأمنية الجديدة التي اتخذتها فرنسا بعد الهجمات التي استهدفتها نوفمبر/ تشرين الثاني 2015.
صفوان اتصل بجامعة جنوة ليخبرهم برفض السفارة طلبه للسفر، وهم أكدوا له اتصالهم مباشرة بالسلطات الإيطالية في تونس لتوضيح المسألة، بهدف تسهيل إجراءات منحه التأشيرة قبل يوم من موعد الرحلة، لكن تمسكت السفارة الإيطالية بالرفض وتحججت بغياب وثائق أخرى لا بد له من توفيرها قبل ساعات من الرحلة.
دعوة لمساءلة وزيري الخارجية
القضية لم تمر في إيطاليا بعد تصعيد رئيس جامعة جنوة، الذي وجه رسالة احتجاج وتنديد إلى وزارة الخارجية الإيطالية لما أسماه غياب سبب واضح لرفض سفارة بلاده بتونس، كما دعا النائب عن اليسار الإيطالي ستيفانو كارنتي، خلال جلسة برلمانية إلى مساءلة فورية لوزيري الخارجية والتعليم في بلاده، قائلاً "من غير المعقول أن يمنع باحث يمثل جزءاً من مشروع بحثي يموله الاتحاد الأوروبي دخول بلادنا لأسباب غير واضحة".
قضية الطبيب الأردني تطفو على السطح
النائب الإيطالي عرج أيضاً على قضية الطبيب الأردني "خالد رواش" الذي أوقفته السلطات الفرنسية في السادس من أبريل الماضي بمطار نيس في رحلة عودته من تونس إلى إيطاليا رغم حمله الجنسية الإيطالية.
ووصف البرلماني ستيفانو كارنتي، حادثة هذا الطبيب وحادثة الطالب التونسي "بالفضيحة" إذ يعامل هؤلاء معاملة "الإرهابيين" على حد وصفه، كما اعتبر أن مثل هذه الإجراءات "البيروقراطية" من شأنها أن تقلل من ثقل إيطاليا في باقي أوروبا و"تحبط مجهودات بعض من يسعون لمحاربة الإرهاب عبر الاستثمار في الثقافة والتعليم".
توضيح السفارة
الخارجية الإيطالية من ناحيتها، أكدت أنها لم ترفض منح التأشيرة للطالب التونسي بل إنها طلبت منه توفير وثائق إضافية لم يتسنَّ له إحضارها في الوقت المحدد.
كما اعتبرت -بحسب الصحف الإيطالية- أن توقُّف رحلة هذا الشاب في فرنسا لمدة ساعتين من شأنه أن يخلق إشكال قانوني قد يتعارض مع الإجراءات الجديدة التي فرضتها فرنسا وكامل منطقة "شنغن" بعد هجمات باريس.
صفوان أكد أن هذه الحادثة لن تحبط عزيمته في مواصلة البحث العلمي والأكاديمي في مجال "علم الاجتماع السمعي البصري"، ويواصل العمل على مشروعه المتمثل في فيلم وثائقي سيتم عرضه ومناقشته خلال "المؤتمر العالمي لعلم الاجتماع السمعي البصري" الذي سينعقد في جامعة "إيفري" الفرنسية في سبتمبر/ أيلول 2016.