هل تدفع السعودية إسرائيل إلى حربٍ مع إيران وحزب الله؟ .. هآرتس تكشف ما وراء استقالة الحريري من الرياض

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/06 الساعة 06:27 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/06 الساعة 06:27 بتوقيت غرينتش

حذّر دانيال شابيرو سفير أميركا السابق لدى إسرائيل تل أبيب من الانجراف وراء رغبة ما وصفهم بحلفائها في السعودية في محاربة حزب الله، كاشفاً عن السيناريوهات المرجحة وراء استقالة رئيس الحكومة اللبنانية رفيق الحريري.

وتساءل الدبلوماسي الأميركي في مقال نشره بصحيفة هآرتس الإسرائيلية – ما الرابط بين استقالة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري المفاجئة وتهديد حزب الله بالاغتيال، وبين السعودية وإسرائيل؟، مضيفاً: كل ذلك يتعلق بإيران.

وأضاف السفير الأميركي السابق في تل أبيب يجب ألا تدفع إسرائيل من قبل الرياض إلى مواجهة سابقة لأوانها.

وأشار إلى أن سعد الحريري، رئيس وزراء لبنان الذي استقال السبت، كان يواجه حالة من الخسارة الجماعية في محاولته للاضطلاع بمهام منصبه.

لكن رحيله يبشر بامتداد التوترات المتصاعدة بين السعودية وإيران عبر المنطقة، مع ما يترتب على ذلك من آثار كبيرة على إسرائيل.

ويقول الكاتب: "الحريري رجلٌ طيب، ولكنه ليس قائداً سياسياً بطبيعته. لقد فرضت عليه المسؤولية كزعيم للكتلة السنية اللبنانية بعد اغتيال والده رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام "2005.

ويضيف: "خلال فترة ولايته الأولى كرئيس للوزراء، من 2009 إلى 2011، اختار سعد العمل في ظل والده المؤثر. عندما زرت مجمّعه في بيروت، لم أنبهر فقط بالثراء الفاحش ولا الترتيبات الأمنية الخانقة، ولكن أيضاً بالاحترام البالغ لذكرى رفيق الحريري. في الصالون حيث استقبل الضيوف، جلس سعد في الكرسي الثاني على الجانب اللبناني. فقد تم حجز الكرسي الأول لصورةٍ لوالده اتشحت بشريطٍ أسود".

ولكن كانت هناك قوة أخرى تدفعه إلى القيام بهذا الدور: "رعاته السعوديون. فقد دعمت السعودية السنة في النظام السياسي الطائفي في لبنان منذ فترة طويلة، وكذلك أثناء الحرب الأهلية. ولكنهم قدموا أيضاً دعماً مالياً لإمبراطورية الحريري التجارية. لم يستطع الحريري التحرك يميناً أو يساراً دون دعمٍ سعودي، ولم يستطع أن يرفض الأوامر بالعودة إلى لبنان كرئيس للوزراء".

خلال فترة ولاية الحريري الأولى، واجه مشكلات لا حصر لها: وزراء موالون لحزب الله في مجلس الوزراء كانوا يستطيعون إسقاط حكومته في أي وقت؛ وتعطل إجراءات المحكمة الخاصة التي تحقق في مقتل والده؛ وتهديدات حليف حزب الله في سوريا، بشار الأسد. بالإضافة إلى أن معرفته بأن حزب الله، المدعوم من الأسد، ضالع في مقتل والده، لا شك أنها جعلت كل يوم نوعاً خاصاً من التعذيب.

وقد عكست هذه العوامل جميعها محاولة إيران المستمرة للاحتفاظ بنفوذها في لبنان واستعادة الأرض التي فقدتها بعد انتفاضة 14 آذار/مارس الشعبية التي اندلعت بعد اغتيال رفيق الحريري، والتي أسفرت عن انسحاب القوات السورية بعد 30 عاماً.

التراجع السعودي الأول


يقول الكاتب: بدعم مستمر من المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، صمد سعد الحريري أمام هذه الضغوط لبعض الوقت. لكن الدعم السعودي تراجع في عام 2010، عندما سعى الأمير عبد العزيز، ابن الملك عبد الله آنذاك، إلى التقارب مع الأسد.

وعندما رفض الحريري مجاراته، سحب حزب الله وزراءه من حكومته، مما أدى إلى سقوطها بطريقة مهينة. حين نظرت إلى وجه الحريري أثناء لقائه بالرئيس الأميركي باراك أوباما في واشنطن في يناير/كانون الثاني 2011، بدا عليه الارتياح.

يقول شابيرو مع معرفتي بهذا التاريخ، فوجئت حين عاد الحريري إلى رئاسة الوزراء في أواخر العام الماضي 2016، بعد الجمود الذي طال أمده، حتى وصل الأمر لدرجة أن القمامة لم تكن تُجمع في العاصمة اللبنانية. ولم تحل الأزمة إلا حين صعد ميشال عون، الحليف المسيحي لحزب الله، إلى الرئاسة.

لماذا عاد الحريري في ظل ظروف أكثر صعوبة من تلك التي سادت خلال ولايته الأولى؟ مرة أخرى، لأن السعوديين قدموا له عرضاً لا يمكن رفضه.

ولكن هذه كانت سلالة جديدة من الحكام السعوديين. لم يكن الملك عبد الله يحب إيران، التي وصفها بأنها رأس الثعبان الذي ينشر السم في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

لكنه اختار مواقع محددة لمواجهة خصومه الإيرانيين، وخفض خسائره في لبنان في عام 2011. ويبدو أن خليفته، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وابنه الأمير محمد بن سلمان، مصمِّمان على مقارعة إيران من اليمن إلى سوريا إلى لبنان. ومن هنا كانت إعادة رَجُلِهم، الحريري، إلى بيروت على الأقل تمثل وجود لاعب لهم في الميدان.

مهمة مستحيلة


واجه الحريري مهمة مستحيلة حقاً. فقد زادت هيمنة حزب الله على السياسة اللبنانية. وعلى الرغم من استمرار الدعم الأميركي للقوات المسلحة اللبنانية، التي تبدو وكأنها موازنة للقوى الشيعية، أصبح من الواضح بشكل متزايد أن حزب الله يمكنه أن يخيفها، ويتغلغل فيها، وعندما يدعو الأمر، يهيمن عليها.

كما أن تطورات الحرب الأهلية السورية زادت الوضع سوءاً. فكلما اشتعل القتال، كانت أولوية حزب الله هي دعم نظام الأسد، مما سهل نقل الأسلحة الإيرانية إلى أيدي حزب الله. حين تم ضمان مستقبل الأسد، برعاية روسيا وإيران، عاد مقاتلو حزب الله إلى ديارهم في لبنان، وبالتالي تمكنت قيادتهم من العودة للتركيز على المعارك اللبنانية الداخلية.

يقول الدبلوماسي الأميركي: لقد عرف الحريري منذ فترة طويلة أن أيامه كرئيس للوزراء معدودة. فقد يتهور حزب الله في أي لحظة، فيصبح مصيره كمصير والده. ومن الإنصاف القول بأن محاولة الاغتيال التي ألمح إليها في إعلان استقالته تمثل تهديداً بالقتل كان يواجهه دائماً. ولم تكن المسألة سوى مسألة وقت.

لماذا استقال؟


السؤال الأكبر، حسب الكاتب، هو ما إذا كانت استقالته علامة على سحب السعوديين دعمهم له مرة أخرى.

في البداية، يبدو أن ذلك لا يبدو متسقاً مع رغبة الملك سلمان والأمير محمد في مواجهة وكلاء إيران على كل جبهة.

ولكن من المحتمل أن السعوديين يحاولون خلق سياق لطريقة مختلفة لمقارعة إيران في لبنان: الحرب بين إسرائيل وحزب الله.

وبما أن الأسد قد نجا من التحدي الذي شكَّلته المعارضة المدعومة من السعودية، فإن القيادة السعودية قد تأمل في نقل مواجهاتها مع إيران من سوريا إلى لبنان.
ومن خلال سحب الحريري من منصبه، قد يأملون في التأكد من أن حزب الله يتحمل اللوم والمسؤولية عن تحديات لبنان، من رعاية اللاجئين السوريين إلى تطهير البلاد من تنظيمي القاعدة وداعش.

الحرب


فقد يعتقد السعوديون أن ذلك قد يقود حزب الله إلى السعي إلى مواجهة مع إسرائيل كوسيلة لتوحيد الدعم اللبناني لهيمنة الحزب.

ويلفت الكاتب إلى أَن اعتقالات هذا الأسبوع للأمراء السعوديين في ظل حملة الفساد المزعومة- توضح أنه لم يعد لدى الملك سلمان والأمير محمد سوى القليل من الصبر على ترتيب الأوضاع في الصورة.

أهدافهما متحدة


يستعد القادة الإسرائيليون للحرب المقبلة مع حزب الله منذ عام 2006. إن تصعيد إيران المتزايد في المنطقة يدل بوضوح على أنها ستكون حرباً لتقليص التهديد الإيراني على حدود إسرائيل، حتى أكثر من الحرب السابقة.

إن أهداف إسرائيل والمملكة العربية السعودية متحدة تماماً في هذا الصراع الإقليمي، حسب الكاتب، ولا يمكن للسعوديين إلا أن يعجبوا بتصعيد إسرائيل المتزايد لضرب التهديدات الإيرانية في سوريا.

وسيتعين على إسرائيل أن تتخذ قرارها عندما يكون الوقت مناسباً لذلك. وعندما تأتي لحظة الحقيقة، يجب على حلفاء إسرائيل، مع الولايات المتحدة، أن يقدموا الدعم الكامل. إن عدوان إيران أو حزب الله قد يكون الشرارة، لأن نواياهما الخبيثة واضحة تماماً.

لكن على القادة الإسرائيليين ألا يندفعوا إلى مواجهة سابقة لأوانها بسبب مناورات حلفائهم في الرياض.

تحميل المزيد