عاد حزب "العدالة والتنمية" إلى قيادة الحكومة بـ129 برلمانياً (ة) تحت قيادة عبد الإله بنكيران، وأمام الحزب فترة غير محددة دستورياً لتشكيل تحالف الأغلبية، لكن ما يقلق بنكيران هو ضمان استمراره بدون هزات خلال العمل الحكومي المقبل.
تجربته المريرة في الأعوام الماضية قد تجعله أكثر حذراً في تشكيل فريقه الحكومي، دون أن يخرج ذلك عن منطق إرضاء القصر الذي يراقب الوضع بكثير من الريبة.
يعتبر حزب الأصالة والمعاصرة أول الأحزاب التي تموقعت ضمنياً في المعارضة البرلمانية ضد الـ"بي جي دي"، فبعد أن فشل في تصدر الانتخابات البرلمانية لـ7 أكتوبر/تشرين الأول الحالي، وكرس ما سمي بالقطبية الحزبية بالمغرب، أعلن رسمياً أنه من غير الممكن التحالف مع حزب المصباح، واعتبر أن معركته اليوم كحزب ستكون في المعارضة.
أما حزب "التجمع الوطني للأحرار" الذي عقد تحالفاً مع الاتحاد الدستوري، عاش نصف تجربة حكومية سابقة إلى جانب "العدالة والتنمية"، لكنها تصدعت في الدقائق الميتة لولاية بنكيران الأولى، بعد أن عاد صلاح الدين مزوار إلى قصف المصباح وتجربته الحكومية.
وعندما نعود قليلاً إلى الوراء، نجد أن حزب "التجمع" دخل سرب الحكومة السابقة بشروط مكلفة جداً على المستوى السياسي والأخلاقي والمالي، رفعت التجربة عدد وزراء الحكومة إلى 39 وزيراً، وأزاحت القيادي في حزب المصباح سعد الدين العثماني من وزارة الخارجية، قبل أن يتهم حزب العدالة والتنمية بحماية الفساد الكبير الذي تورط فيه صلاح الدين مزوار، إثر تبادل للعلاوات مع بنسودة، وبعيداً عن السيناريوهات المحتملة، فقد عقد حزب التجمع والاتحاد الدستوري تحالفاً اندماجياً، معرباً عن عدم رضاه عن التجربة الحكومية السابقة ووضع شروط تعجيزية على طاولة بنكيران لقبول التحالف.
يتذكر عبد الإله بنكيران بكثير من الغبن أن حزب الاستقلال، تحت قيادة حميد، حزب "لا ثقة فيه"، بعد أن تسبب له في أزمة كادت تفجر "حكومة الانقلاب الربيع" بعد 2011، حين انسحب الحزب في ظرف حساس كان فيه بنكيران قد انطلق في ترتيب بيته الحكومي.
قرار بالانسحاب كاد يسقط حكومة عبد الإله بنكيران سنة 2013 لولا نجاحه في عقد تحالف مع حزب التجمع الوطني للأحرار بشروط مكلفة، ورغم أن فقد عمودية فاس بسبب اكتساح العدالة والتنمية للانتخابات الجهوية والمحلية الماضية، فإنه لم يخفِ رغبته في التحالف مع حزب العدالة والتنمية في الحكومة المقبلة.
من جانب آخر، يعتبر حزب التقدم والاشتراكية أقرب المرشحين للالتحاق بالتحالف الحكومي المقبل؛ إذ لم يتوقف طيلة الخمس سنوات الماضية عن الثناء على حزب العدالة والتنمية، والافتخار بالعمل إلى جانب الإسلاميين في الحكومة، رغم مرجعيته اليسارية.
المصير المشترك للحزبين أكده عدد من الإشارات السياسية، خصوصاً حينما هاجم الديوان الملكي الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، نبيل بن عبد الله، على خلفية تصريحاته المنتقدة لفؤاد علي الهمة، مستشار الملك محمد السادس، بالوقوف وراء التحكم.
وفيما يخص حزب الحركة الشعبية، فقد أكد في أكثر من مناسبة أنه ليس لديه خطوط حمراء في التحالفات الحزبية، غير أن الظرفية الأخيرة تميزت بصراع مضمر بين الأمين العام الأبدي محند العنصر وعبد الإله بنكيران.
أما الاتحاد الاشتراكي فقد قطع حبل الود بينه وبين الحكومة من جهة، وبينه وبين الأصالة والمعاصرة من جهة أخرى، حين لجأ لتبرير فشله برفع مذكرة إلى الملك، منتقداً ما سمّاه بالقطبية المصطنعة، منبهاً إلى أنها غير مبنية على أي سند سياسي، أو اختيارات اقتصادية أو اجتماعية، غير التموقع الانتخابي، بأساليب كرست نموذجاً زبونياً – نفعياً، أساسه الغالب المال والمساعدات العينية، تحت غطاء الإحسان.
البنادق مرفوعة من غالبية الأحزاب لعقد تحالفها مع بنكيران، لكنها تطل بأعينها راضية عما يسمى الكتلة التاريخية، التي يتزعمها حزب الاستقلال.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.