شارك المخرج اللبناني – الفرنسي زياد دويري، مساء الثلاثاء 12 سبتمبر/أيلول 2017، في حفل إطلاق فيلمه "القضية رقم 23" أو "الإهانة"، بإحدى دور السينما في العاصمة اللبنانية بيروت، بعد يوم من تبرئته من قِبل المحكمة العسكرية من تهمة "التطبيع مع إسرائيل".
وواجه دويري تهمة "التطبيع مع إسرائيل" على خلفية زيارته لتل أبيب بين عامي 2011 و2012 والإقامة فيها 11 شهراً لتصوير فيلمه "الصدمة"، والذي مُنع عرضه في لبنان وبعض الدول العربية.
إثارة القضية متعمد
مصدر مقرب من المخرج – طلب عدم الكشف عن هويته -، أوضح لـ "عربي بوست" أن "القضية تمت إثارتها إعلامياً؛ ما جعل الأجهزة الأمنية والقضاء يتحركان، كما حصل خلال تكريم وزير السياحة اللبناني أواديس كيدانيان ملكة جمال المغتربين اللبنانيين آماندا حنا، التي تحمل الجنسية السويدية في بيروت في 15 أغسطس/آب 2017، ولاقى ذلك حملة إعلامية على خلفية زيارتها إسرائيل قبل سنوات، وجرى بعدها نزع اللقب منها وإعطاء التاج إلى وصيفتها".
وأكد المصدر أن "الدخول إلى إسرائيل – الذي يعاقب عليه القانون اللبناني – تم منذ فترة، وكان زياد خلالها زار لبنان عدة مرات، لكن عندما تحرك الإعلام تحركت الأجهزة الأمنية. وفي المقابل، تحركت جهات سياسية مع إدانته وأخرى ترفض ذلك، ويبدو أن الضغط الذي مورس من دعاة الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات ومن قِبل فريق سياسي معين في لبنان لمصلحة زياد، ساهم في الإسراع بطي ملف زياد وعدم توقيفه قضائياً، بغض النظر إن كان مذنباً أو لم يكن".
وكانت وسائل إعلام لبنانية شنت هجوماً عنيفاً على دويري واعتبرت أنه يسعى إلى التطبيع الفني مع إسرائيل، من خلال زيارتها والإقامة فيها لـ 11 شهراً، والعمل مع مخرج وممثلين إسرائيليين، في فيلمه "الصدمة" الذي يروي قصة طبيب جراح عربي إسرائيلي يكتشف أن زوجته نفذت عملية انتحارية في تل أبيب ويسعى إلى معرفة الحقيقة، وهو مقتبَس عن رواية الكاتبة الجزائرية ياسمينة خضرا.
وكان المخرج قد شارك بفيلمه "إهانة" في مهرجان البندقية، الذي اختُتم في 10 سبتمبر/أيلول 2017، وحصد بطله الفلسطيني، كامل الباشا، جائزة أفضل ممثل بمهرجان البندقية، في إنجاز غير مسبوق عربياً، ونال الفيلم استحساناً كبيراً من الجمهور الذي صفق طوبلاً لأبطال العمل بعد مشاهدته هناك.
إلا أن دويري تم توقيفه، فور عودته من النمسا، في مطار رفيق الحريري الدولي ببيروت، للتحقيق معه على مدى ساعتين، وحجز جوازي سفره اللبناني والفرنسي، وطُلب منه الذهاب إلى المحكمة العسكرية صباح اليوم التالي، حيث استُجوب من قِبل القاضي، بتهمة زيارة إسرائيل والإقامة فيها، "وهو ما يمنعه القانون اللبناني الذي يعتبر إسرائيل دولة معادية".
قبل أن يتم إخلاء سبيله وتسليمه جوازي سفره، بعد أن اعتُبرت فعلته "جنحة"، وسقطت مع مرور الزمن (3 سنوات)، فضلاً عن عدم وجود أي نية جرمية، كما أوضحت والدته ومحاميته وفيقة منصور لـ "عربي بوست".
والدته – محاميته تتحدث
قضية المخرج دويري التي أثيرت إعلامياً وخلقت انقساماً في الوسطين السياسي والثقافي، لا تزال تتفاعل، بين فريق يعتبر أن زيارته لإسرائيل والإقامة فيها هي نوع من التطبيع مع إسرائيل، ومن يرى أن القضية أثيرت على خلفيات سياسية وأخرى فنية تتعلق بنجاحه في فيلمه الجديد "القضية رقم 23″، بحسب ما أكدته منصور، التي قالت: "ابني ضد التطبيع ومع القضية الفلسطينية، وفيلمه (الصدمة)، صوّره في فلسطين المحتلة، بنية فضح ما يفعلونه بحق الفلسطينيين، وعمد في عمله إلى كشف ممارسات الإسرائيليين، بدليل أنّهم انزعجوا من الفيلم، ولدي تساؤل: هل يُعقل أن يشارك الممثل الفلسطيني كامل الباشا، الذي سجن عامين لدى الاحتلال الإسرائيلي، في فيلم مخرجه يسعى إلى التطبيع مع إسرائيل؟!".
وأضافت منصور: "هناك جهات سياسية وفنية أثارت هذه القضية لأهداف معروفة، وأهمها نجاح زياد المتواصل على المستوى العالمي، وإن كان هناك فعلاً من جريمة ارتكبها، فلماذا لم يتم توقيفه سابقاً، علماً أنه كان قبل فترة في لبنان، هم يحاولون العرقلة، ولكن نجاح زياد في افتتاح فيلمه أثبت أنهم أعجز من أن يوقفوا مسيرته".
وتابعت: "زياد تقدَّم قبل ذهابه إلى فلسطين المحتلة، بطلب رسمي إلى مخابرات الجيش اللبناني عن طريق وزارة الثقافة، يقول فيه إنّه يصور فيلماً عن القضية الفلسطينية وإنّ التصوير سيجري على أرض الواقع، يعني فلسطين المحتلة، وذيَّل الطلب بعبارة (ننتظر ردكم)، وانتظر شهرين ولم يأتِ الجواب؛ ممّا يُفهم على أنه موافقة، وبعد عودته إلى لبنان قام بعرض الفيلم على الأمن العام اللبناني ولم يعترضوا، حتى على جملة واحدة فيه ولا على أي مقطع تصويري! ولكن، مُنع حينها بسبب الظروف الأمنية التي كان يمر بها لبنان أو لأسباب أخرى لا نعرف ما هي".
ورفضت تحديد الجهات التي تقدمت بالدعوى، معلقةً بالقول: "الأيام ستكشف الحقيقة، ولا يزايد علينا أحد في مسألة رفض التطبيع مع الإسرائيليين".