فوز ترامب يعني ازدياد الإسلاموفوبيا

خلال حملته الانتخابية الرئاسية، وجد المسلمون أنفسهم في مرمى ثورات ترامب أكثر من مرة. توعد ترامب مراراً بفحص مُشدد للمسلمين وتسجيل المعلومات الخاصة بهم في قاعدة بيانات وطنية، وإجبارهم على حمل بطاقات هوية خاصة، وتشديد إجراءات الرقابة على المساجد عبر البلاد.

عربي بوست
تم النشر: 2017/01/28 الساعة 02:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/01/28 الساعة 02:51 بتوقيت غرينتش

منذ ظهور نتيجة الانتخابات الرئاسية الأميركية، شهدت أميركا ارتفاعاً حاداً في جرائم الإسلاموفوبيا.

على سبيل المثال، في مدينة آن آربور، اقترب رجل غريب من طالبة محجبة في جامعة ولاية ميشيغان، مهدداً بإشعال النار فيها إذا لم تخلع حجابها. وفي ولاية جورجيا، وجدت مدرسة مسلمة بمدرسة ثانوية رسالة من مجهول، كُتب فيها أن "حجابها لم يعُد مسموحاً به". واقترحت الرسالة أن تخلع المدرسة حجابها ثم تستخدمه لشنق نفسها. وعلى نحو مشابه في ولاية أوهايو، هدد رجل امرأة مسلمة، بصحبتها أطفالها ووالداها المسنان، في أثناء توقف سيارتهم في إشارة مرورية. وبينما كان يصرخ بأقذع الشتائم في وجه العائلة المذعورة، قال الرجل للمرأة المسلمة إنها "لا تنتمي إلى هذه البلاد". بطرقٍ عدة، ليس مفاجئاً أن ارتفاع معدل جرائم الكراهية المرتبطة بالإسلاموفوبيا جاء تزامناً مع ظهور دونالد ترامب في دور الرئيس المنتخب.

وبحسب مركز قانون الفقر الجنوبي، وهي منظمة غير هادفة للربح تتابع نشاط جماعات الكراهية وجرائم الكراهية، ظهر هذا الارتفاع المفاجئ في أكثر من 300 حادثة مسجلة من "ترهيب وتحرش تحركه الكراهية". وحتى تصبح هذه الأرقام مفهومة في سياقها، تشير تقارير مركز SPLC إلى أن 300 حادثة هو عدد نموذجي لحوادث الإسلاموفوبيا المسجلة في 5 أو 6 أشهر، وليس في 6 أو 7 أيام. وفي بيان للمركز، كانت "حملة ترامب الانتخابية المفعمة بالكراهية" عاملاً محفزاً لهذا الارتفاع غير المسبوق.

خلال حملته الانتخابية الرئاسية، وجد المسلمون أنفسهم في مرمى ثورات ترامب أكثر من مرة. توعد ترامب مراراً بفحص مُشدد للمسلمين وتسجيل المعلومات الخاصة بهم في قاعدة بيانات وطنية، وإجبارهم على حمل بطاقات هوية خاصة، وتشديد إجراءات الرقابة على المساجد عبر البلاد.

وبالإضافة إلى استهدافه المسلمين ضمن حملة أوسع لقمع الهجرة، في ديسمبر/كانون الأول عام 2015، قال ترامب لمجموعة من مؤيديه، في تجمع لحملته في مدينة تشارلستون بولاية ساوث كارولينا -بعد بضعة أيام من حادثة إطلاق النار بمدينة سان بيرناردينو- إنه ".. ينادي بمنعٍ كامل لدخول المسلمين إلى الولايات المتحدة وإلى أن يعلم ممثلو بلادنا ما الذي يحدث حقاً". لكن ذلك لم يمنع الناخبين من التصويت له؛ بل دلت عملية الانتخابات التمهيدية على أن أغلبية قوية في عدة ولايات تعبر عن دعمها المباشر لخطة منع المسلمين من دخول البلاد. والمقلق أكثر، أن ما يقارب نصف الناخبين الأميركيين أيدوا بتصويتهم أسلوب ترامب المعتمد على الكراهية ورفض الأجانب، أو على الأقل حرضوا عليه.

ومع ذلك، لم يأتِ ارتفاع معدل جرائم الإسلاموفوبيا عقب الانتخابات من فراغ. وتشير بيانات جديدة، نشرها مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، إلى أن ارتفاع معدل جرائم الكراهية المرتبطة بالإسلاموفوبيا ظاهرة تحدث منذ مدة: شهد عام 2015 وحده ارتفاعاً بنسبة 67%. وبحسب البيانات، كان هذا أعلى رقم سُجل منذ عام 2001، الذي شهد حدوث رد فعل عنيف ضد المسلمين إثر أحداث الحادي عشر من سبتمبر/أيلول. وبحسب مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية، وهو أكبر منظمة للدفاع عن الحقوق المدنية للمسلمين في البلاد، كان هذا الصعود المفاجئ والجذري نسخة متسارعة مما كان في طريقه للحدوث بالفعل. ويرى أحد المتحدثين باسم المنظمة، إبراهيم هوبر، أن المستقبل يبدو مظلماً أمام المسلمين الأميركيين، خاصةً بسبب مخاوفه من استمرار مستويات جرائم الكراهية الظاهرة الآن في الارتفاع.

سيكون من المفاجئ أن يصبح هوبر مخطئاً في حال عدم ارتفاع عدد جرائم الكراهية ضد المسلمين عبر الولايات المتحدة في المستقبل القريب؛ لأنه عندما تجعل أي شخصية سياسية بارزة -سواء كانت ترامب أو غيره ممن يعتلون منصات عالمية ويصل صوتهم للكثيرين- الإسلاموفوبيا شيئاً شائعاً وتمنحها صوتاً، يصبح من الحتمي أن يجد من يملكون ميلاً لارتكاب جرائم كراهية تعتمد على كون ضحاياها مسلمين، سواءً بالتفكير فيها أو ارتكابها فعلياً، تبريراً وصحة لمعتقداتهم وأفعالهم المشحونة بالكراهية.

من دون تغيّر فوري في النهج والأسلوب اللذين يتبعهما ترامب -وهذا يبدو مستبعَداً- نرى المستقبل مظلماً بالفعل. وليس مظلماً أمام المسلمين ممن تعرضوا لجرائم كراهية مسبقاً فقط -في عدة أماكن بولايات ميشيغان، وجورجيا، وأوهايو- وهم يمارسون حياتهم العادية ونشاطاتهم اليومية؛ بل أمام المسلمين في الأماكن الأخرى أيضاً، في الولايات التي لم يرتفع فيها معدل جرائم الإسلاموفوبيا بعد. ما نشهده الآن -وما يتعرض له بعض الأميركيين المسلمين- قد يتعدى كونه مؤشراً لما سيحدث مقبلاً: قد يكون نذير شؤم بقدوم موجة سامة وغادرة من الإسلاموفوبيا، وهو ما سيتضح أكثر تحت رئاسة ترامب.

– هذا الموضوع مترجم عن النسخة البريطانية لـ"هافينغتون بوست". للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد