كان الكشف عن لقاء نادر بكار، القيادي بحزب النور "السلفي"، بوزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، دقيقاً فى التوقيت، حيث سمحت أجهزة الأمن المصرية بالكشف عنه فى يوم زيارة وزير خارجية النظام سامح شكري لإسرائيل والاحتفاء الواسع الذى قوبل به هناك من قِبل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لدرجة مشاهدة الاثنين مبارة كرة قدم معاً ووقوف شكري فى مؤتمر صحفي بجوار تمثال "هرتزيل"، مؤسس الكيان الذى اغتصب أرض وعرض العرب والمسلمين.
ورغم الكشف عن اللقاء الفضيحة لنادر بكار فى يوم الزيارة الفضيحة لسامح شكري منذ أيام، لم يرصد أي رد فعل من قِبل حزب يعمل على الساحة السياسية وله أعضاء بمجلس النواب، ويصدر نفسه بأنه حزب إسلامي، كل ما رصد هو استمرار فرحة بكار بحصوله على درجة الماجستير من جامعة هارفارد، إلا أن الحزب فى النهاية اضطر لإصدار بيان تفضحه كلماته، وتؤكد اللقاء رغم أنه، أي البيان، وصف ترويج هذه الأخبار بأنها كذب.
بيان الحزب الذى تحدث بأسلوب المكايدة وإدانة من فضحوا بكار بأنهم لا يحبون الخير لشباب مصر أو الترقي فى التعليم، رغم أن منصب نادر بكار وشهادته غالباً لن يكون لها دور فى مصر ولا قيمة، تجاهل أخبار الإذاعة العامة الإسرائيلية التي أكدت اللقاء وهي فى مثل هذه الجوانب تكون أكثر صدقاً عن نظرائها من وسائل إعلام "سيساوية". فمسألة ادعاء أو اختلاق مثل هذه الأخبار هناك سيكون له رد فعل قوي إذا ما كانت متعلقة بشخص عادي، فما بالنا بزعيمة سياسية بارزة؟!
إذاً هناك تنافس واضح وحقيقي على إعلان الولاء والتقرب إلى إسرائيل، وليس مجرد التطبيع، من قِبل نظام 30 يونيو/حزيران الحاكم فى مصر والمكونات السياسية فيه، خاصة أكبرها، بعد أن تيقن الجميع أن الوصول للحكم والاستمرار فيه فى مصر يكون بأوامر إسرائيلية وبالتبعية دعم أميركي، وهو ما عبر عنه مصطفى الفقي، أحد رموز عصر مبارك سابقاً، حيث لن يكون هناك رئيس لمصر إلا بموافقة أميركية ورضا إسرائيلي.
ولما كانت المرة الوحيدة التى جاء فيها رئيس مصري حقيقي بإرادة شعبية خالصة، فإن الانقلاب عليه كان جاهزاً ومعداً سلفاً.
رغم الانبطاح الفج لحزب النور وساسته أمام النظام العسكري المصري، فإن خطيئة بكار وبالضرورة حزبه لن تمر مرور الكرام من جانب السيسي وجنرالاته، إذ تم العصف والإطاحة بتوفيق عكاشة، فتى الاستخبارات المدلل والداعم لإسرائيل وصاحب "رفع الحذاء" لشعب فلسطين على شاشات التلفاز، والذي يعتقد بصورة كبيرة أن إسرائيل تحميه، تمت الإطاحة به من مجلس النواب بأوامر مباشرة وبصورة لا يمكن اتباعها في ظروف طبيعية لبرلمان حقيقي، وتمت تنحيته إعلامياً وغلق قناته "الفراعين" بعد أن استقبل السفير الإسرائيلي فى منزله.
الأمر نفسه قد يحدث لحزب النور، فالسيسي لن يسمح أبداً أن ينافسه أحد على الولاء للكيان الصهيوني أو التقرب منه، فإذا كان السيسي عصف بشخص واحد، قدم خدمات إعلامية وسياسية جليلة لإسرائيل، ويحظى بحمايتها وهو توفيق عكاشة، فما بالنا لو فعل هذا حزب، اختلفنا أو اتفقنا، له قطاع من الجمهور وينافس على السلطة ويستغل الدين فى ذلك.
ومن هنا فإن السيسي لن يسمح أبداً بأن يطرح حزب النور نفسه بديلاً أمام الكيان صاحب الأمر فى تنصيب الحكم المصري، ولن يسمح لأحد غيره بنيل الرضا الإسرائيلي.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.