المرأة الإنسان

أعتقد أن المرأة مرشحة لأن تحتل مكانة المساواة، وذلك لأن قضيتها قضية اجتماعية نسبية، وعلى المرأة أن تدرك أنها المرشحة الأقوى لعملية التغيير وذلك لأنها المتضرر الأكبر من عملية التسلط الذكوري.

عربي بوست
تم النشر: 2018/01/07 الساعة 04:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/01/07 الساعة 04:13 بتوقيت غرينتش

يعتبرُ موضوع المرأة من أكثر وأهم الموضوعات التي توقّف عندها الكُتّاب والباحثون في مختلف المجالات والميادين منذ آخر مائة سنة ماضية، بحيث يعتبر موضوع القرن بامتياز، وذلك لامتلاكه لعاملين أساسيين هما: وجود حالة من الغبن والظلم وعدم الإنصاف مطبقة على المرأة، وثانياً إلى أي مدى يدرك الرجل حريته من دون المرأة كونه كائناً ناقصاً؛ لأنه -بطبيعته- بحاجة للمرأة!

شيء لافت في وقتنا هذا أن ترى كماً هائلاً من الكتب والمجلات والصحف تتكلم عن قضية حواء، وسيلفت نظرك عناوين تتهم المرأة وأخرى تمتدحها، وأخرى تطالب بفك أسرها، ولكني أجزم وضمن كل تلك الاختلافات بأن هذه التوجهات تكون شرعية عندما تشق طريقها نحو الكشف عن حقيقة المرأة الإنسان، أي لخلق فكرة الإنسان لأجل الإنسان.. ولمَ لا المرأة الإنسان؟!

ولطالما تميزت البشرية عن سائر مكونات مملكة الطبيعة بالعلاقات الإنسانية وبالإدراك وبمستوى وعي الذات، فالإنسان هو الكائن الأسمى في حضارة الطبيعة، وبما أن الإنسان هو ذكر وأنثى، فقد أطلقت صفة الأنسنة على جنسَيه، وذلك لامتلاكهما لعامل الدماغ المحرك الأساسي للإنسان.

فالمرأة والرجل على حد سواء يملكان الدماغ ولا يوجد أي اختلاف في البنية التشريحية لدماغيهما، مع اختلاف بسيط في الوزن (وزن المخ لدى المرأة يقل 15% عن وزن مخ الرجل) وموضوع التباين في الوزن ليس له أي تأثير على العملية الفكرية والإدراكية والذكاء… وإنما بسبب إفرازات هرمونية مختلفة عند كل جنس على حدة، وهذه الهرمونات تقوم بتنظيم وتنسيق الوظائف والعمليات الحيويّة لجسم الإنسان، ولا علاقة لها بموضوع من هو أفضل أداءً من الآخر والاستقلال الذاتي.

وبما أن الدماغ هو المحركُ الأساسي والمميز الأول بين جمع الكائنات، وحيث إن جميع نساء العالم يملكن أدمغة هي نفس أدمغة الرجال، وبما أن القشرة المخية هي مركزُ النشاطات الفكرية والإدراكية، وبالإضافة إلى وجود التلافيف الدماغية (عند الجنسين لها نفس العدد)، فالتلافيف الدماغية وكثرتها هي التي تحدد عامل الوعي والذكاء والإدراك، وليس كبر الدماغ، ولو كان للكبر أية تأثير لرأينا فرس النهر بأنه أحكم الحكماء.

فموضوع إقصاء المرأة هو موضوع ليس له أية أبعاد بيولوجية، وإنما ذو أبعاد اجتماعية بحتة تتغير بتغير المكان والزمان، فلو تأملت قليلاً البلدان التالية (سوريا – نيبال – السويد – كينيا..) ستلاحظ أنك تجد تركيبة غريبة ومختلفة لكل بلد على حدة، وذلك لاختلاف العامل المناخي والعامل الاقتصادي والثقافي والاجتماعي.

وبالتالي أعتقد أن المرأة مرشحة لأن تحتل مكانة المساواة، وذلك لأن قضيتها قضية اجتماعية نسبية، وعلى المرأة أن تدرك أنها المرشحة الأقوى لعملية التغيير وذلك لأنها المتضرر الأكبر من عملية التسلط الذكوري.

وأعتقد أن من يحاول إقصاء المرأة من ممارسة دورها الحقيقي في المجتمع هو ضرب من الجنون؛ لأن المرأة بالنهاية إنسان، فتقييد المرأة هو تقييد للإنسان بامتياز، وبالتالي هو تجميدُ لمجموعة من الأدمغة من أداء عملها في الميدان الحضاري، وبالتالي سيتحمل الذكر لوحده التأخر والفشل الحضاري والفكري والعلمي للبشرية جمعاء، وذلك لأن عقل الإنسان يولّد خلال 24 ساعة 60000 ألف فكرة، وبرأيي فإقصاء المرأة هو إقصاء لكل هذا العدد من الأفكار، وبالتالي أن مَن يحارب الأفكار هو متخلف بامتياز.

ولو فرضنا أن عدد نساء مدينتي هو 100 ألف، فإقصائهن هو إقصاء لـ100 ألف مضروبة بـ60 ألفاً، الجواب عدد هائل من الأفكار المقصية وذلك طبعاً لليوم الواحد فقط! وبالتالي ما هو حجم التعطيل الذي أصيب به التطور في سنة؟!

وفي النهاية أعتقد أن المرأة والرجل هما -إنسان- والإنسان هو الكائن الأسمى في مملكة الطبيعة، وكل مَن يحاول من أحد الطرفين إقصاء أو قمع الآخر هو بالنهاية يقوم بتعطيل حركة التاريخ واغتيال لإنسانيته وصورتهِ السامية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد