أن تكون داخل " الشلّة " ، أن تنتمي إلى " القبيلة الشللّية " يعني أن كل ما تفعله هو مسنود ، لو أخرجت كتاباً ، فإن القبيلة الشللّية ستتكفل ضمن اتفاقية المنفعة العظمى بينك و بينهم على الترويج لكتابك ، ووضعها في مساق العباقرة ، و اقناع الجماهير بأنه كتاب لا مثيل له ، حتى لو كنت دون المستوى ، حتى لو كان كتابك رديئاً ، لا داعي للقلق ، بل الحق يقال بأن الذي ينتمي للقبيلة الشللّية لا يقلق البتة بل على العكس يظل منفوخ الجناحين.
فهناك قبيلة بكاملها تروّج له، يحدث أن تكتب مقالاً و ترفعها القبيلة الشللّية نفسها لمصاف المبدعين الكبار على الرغم من وجود مقالات في الموضوع نفسه و أكثر رصانة و أكثف إبداعاً ، لكن أيضا لا تقلق فلا أحد يجسر على منافستك طالما أنت ضمن الشللّية و المصالح المشتركة التي تقتضي أن تكون عملية الترويج متبادلة بينك و بينهم ، ما يحدث رائج تماماً بالقدر نفسه صار من طبيعة الحياة البشرية ، فمعظم مجالات الحياة الثقافية منها و الفنية و غيرها صارت كذلك!
أن تكون داخل الشلّة ، فإن معظم الجوائز ستكون متاحة لك ، و القائمين عليها سيخضعون تماماً لشروطك لاسيما إن كنت في مركز يتيح لهم تعويض ما يقدمونه لك !
أن تكون داخل الشلّة ، فإن اسمك سيكون حاضراً في معظم الجولات الثقافية ، لا يهم إن كنت أهلاً لذلك ، لا يهم إن كانت الندوة أو المحاضرة التي تقدمها ضمن ثقافتك أو معرفتك طالما أنك سبق و هيأت ظروفهم لما يتوافق مع مصالحهم ، فإنهم سيسعون نحو الأمر نفسه ، سيهيئون ظروفك ؛ سيجلبونك كما جلبتهم من قبل ُ؛ ليكون اسمك موجوداً ضمن لوحة الحضور ، و وجهاً مألوفاً في كل كرنفالات الأدبية منها و الفنية ..!
أن تكون خارج الشلّة ، خارج القبيلة الشللّية ، فيعني ببساطة أن تكون وحيداً ، تكتب وحيداً ، تصحح ما تكتبه وحيداً ، تسعى إلى البحث عن مجلة أو صحيفة تقبلك و انتاجك إذا كنت محظوظا كفاية ، و يحدث أن ترفضك فهو أمر وارد تماماً ، فأنت خارج الشلّة و وحيد تماماً.. !
و حين تكتب مقالة مهما كانت بديعة ، مختلفة ، سباقة في طرح فكرها ، فلا تنتظر أحداً أن يروج لك أو لفكرك ، فأنت كائن منسي ، كائن منفي ، كائن مخفي ، غير مرئي ، فأنت خارج الشراكة الشللّية الضخمة ، تقبّل ذلك ببساطة تامة و أعمل دائماً لوحدك ، لعل مكافأتك الحقيقية هو شعورك الحقيقي بالإنجاز ، شعورك بإبداعك و ما يصلك من وجهات نظر من المجهولين ، العابرين ، أولئك الذين يكونون خارج المنافع والمصالح ، خارج القبيلة الشلليّة و حدودها المكلفّة ، هم وحدهم الحقيقيون و آراؤهم كذلك ، فهم لا يعرفونك و أنت لا تعرفهم ، و لا توجد بينكم مصالح مشتركة البتة ، انطباعاتهم بريئة من تاريخ المنفعة الشخصية ، هؤلاء هم المنتصرون للجمال ، للفكر ، للفن ، للإنسان ، لك أنت لأنك مصدر للجمال و الإبداع فحسب ، لأنك مؤهّل ، لأنك حقيقي مثلهم و لست مزيّفاً أو معلبّاً من صناعة قامات شلليّة ..!
أن تكون خارج القبيلة الشلليّة معناه أن تكون وحيداً و منفياً و هامشياً ، أن تفعل كل شيء بنفسك ، تسعى بنفسك ، تطور من إنتاجك و قدراتك بنفسك ، لا تنتمي لأي شلّة ، تكتب لوحدك ، تناقش أفكارك وحدك و تغيرها لوحدك ، تعرضها على الملأ لوحدك دون أن أطلب من صديق الشلّة ، صديقة الشلّة أن يقوموا بعرضها نيابة عنك ثم تدّعي بسذاجة أنك متفاجئ !
دون أن تسعى إلى ذلك و لا أن يسعى أي عضو من الشلّة لذلك ، فأنت خارج الشلّة و لست داخلها و لا تنتمي لها ، و ما يصادفه الآخرين من أخطاء ؛ فهي لك وحدك ، تقف أمامها وحدك ، تواجهها وحدك ، و ليس هناك قطعا من سيبررها عنك ، أنت مسؤول عن نفسك ، أنت خارج القبيلة الشللّية ، أنت وحيد ، أنت حرّ!
يكفيك أنك حقيقي وناءٍ بشخصك عن كل ما يشوّه مسيرتك الثقافية ، يكفيك أن توقن أنه مع مرور الزمن أولئك الشللّيون سيسقطون ، و سيبقى انتاجهم هزيلاً و رديئاً بعد أن تلفت أرواحهم ، و بعد أن عصي الإبداع عليهم سيستحيلون رماداً في قاع منفضة مبخرة فاخرة ..!