قبل ثورة يناير/كانون الثاني بسنوات أخذ أكثر الشعب المصري يتابعون القنوات الفضائية الإسلامية.
وزاد متابعو هذه القنوات وشيوخها زيادة عظيمة، وانصرف الناس إلى القنوات الإسلامية، وزادت مظاهر التدين بين الناس.
وبعد ثورة يناير وقبل انقلاب العسكر حين تنفس الناس الحرية، وصار لهم كلمة قوية تُسْمَع، بدأت مَسَاوِئ الأخلاق تظهر على كثير من الناس، ثم انتشر سوء الخلق في الناس، وفشا سوء الطبائع في المجتمع.
وأخذنا نشكو: ماذا حدث للناس؟!
وأخذ مشايخ الفضائيات يشكون: ماذا حدث للناس؟!
وسمعتُ أحدهم – وهو شيخ عالم عَلَمٌ مرموق في الفضائيات وكنا نحبه – يعلل ويبين أسباب سوء أخلاق الناس، ويقول:
لقد كان طلاب العلم فيما مضى يلازمون شيوخهم فيتعلمون منهم الأدب والسلوك قبل العلم والمعرفة، أما الآن فقد أخذ الناس عن العلماء العلم، ولم يأخذوا الأدب والخلق.
ثم انقلب الجيش وسَلَبَ الشعب حريته، وجرت دماء الأبرياء أنهاراً، وصارت السلطة في أيدي عصابة من المجرمين الفَسَقَة الفَجَرَة، وعَمَّت المنكرات بأنواعها المجتمع وفَشَت.
وأخذنا نبحث عن العلماء الأعلام، والشيوخ الأطهار الأجلاء، فوجدناهم كأنهم موتى، فلم نسمع لهم أمراً ولا نهياً، ولم نجد منهم صرفاً ولا عدلاً، بل آثروا السلامة، ودفنوا ألسنتهم في أفواههم، يرون المنكرات تغشى أبصارهم، فيعمون، يرون الفجور قد طال وصال وجال فيقعدون، يرون البغي والظلم قد عَمَّ وطَمَّ، فيتغافلون، فإن استنفرناهم أن ادفعوا الظلم، أن ادفعوا المنكر، صرخوا فينا فتنة، فتنة، فتنة، الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.
ألا وربي إنهم في الفتنة سقطوا، وعَمَّا أمر الله به انصرفوا، سقطتم وربي سقوطاً مريعاً، سقطت هيبتكم، انكشفت سوأتكم.
وأقول لهذا الشيخ الذي زعم أن: "طلاب العلم فيما مضى كانوا يلازمون شيوخهم فيتعلمون منهم الأدب والسلوك قبل العلم والمعرفة، أما الآن فقد أخذ الناس عن العلماء العلم ولم يأخذوا الأدب والخلق".
أقول له ولأقرانه من مشايخ الفضائيات: الحمد لله أننا أخذنا عنكم العلم ولم نتخلق بأخلاقكم ولم نتأسَّ بكم، فإنكم بئس القدوة، وبئس الأسوة.
الحمد لله أن رزقنا الصدع بالحق على ضعفنا.
الحمد لله أن رزقنا الصبر على البغي والقهر رغم العَوَز والألم والحبس والتعذيب والقتل.
الحمد لله أننا لم نقارنكم، ولم نقترن بكم، فأخذنا عنكم ما ينفعنا، ولفظنا فيكم الخور والخنا والخنوع.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.