يتسلم "رباعي الحوار التونسي" الخميس 10 ديسمبر/ كانون الأول 2015 جائزة نوبل للسلام في أوسلو تكريماً له على جهوده في عملية الانتقال الديموقراطي في تونس التي تشهد اليوم حالة طوارئ تشكل مؤشراً على التهديد الجهادي الذي يتربص بها.
فبعد الاعتداء الانتحاري على حافلة لنقل عناصر الأمن الرئاسي الذي أوقع 12 قتيلاً في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، أعلنت السلطات حظر تجول ليلي في العاصمة وضواحيها وأغلقت لأسبوعين الحدود مع ليبيا، وأعلنت للمرة الثانية هذا العام، حالة الطوارئ.
وتؤشر هذه الإجراءات إلى هشاشة الديمقراطية الفتية في هذا البلد التي استحقت بها تونس أن تتوج بجائزة نوبل للسلام لعام 2015.
وأبدت منظمة العفو الدولية قلقها إزاء عمليات الدهم والتفتيش والتوقيف التي تنفذها قوات الأمن التونسية. وقالت في مطلع ديسمبر/ كانون الأول الجاري أنه يتعين "على الحكومة الحالية أن تحرص بعناية على عدم العودة إلى التعذيب والقمع بعنوان مكافحة الإرهاب".
نموذج للربيع العربي
وحرصت لجنة نوبل النروجية لدى إسنادها جائزة نوبل ذات القيمة الاعتبارية الفائقة لرباعي الحوار، على أن تجعل من تونس نموذجاً لنجاح ثورات "الربيع العربي" الذي كانت تونس مهده.
وكانت المنظمات الأربع التي تشكل "رباعي الحوار التونسي" وهي الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية القوية) والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (منظمة أرباب العمل) والرابطة التونسية لحقوق الإنسان وعمادة المحامين، ساعدت بشكل حاسم في 2013 في لحظة فارقة في تاريخ تونس، على حل أزمة سياسية خطرة نجمت عن خلاف حاد بين حزب النهضة الإسلامي ومعارضيه.
وتلقى قادة منظمات "رباعي الحوار التونسي" الثلاثاء 8 ديسمبر/ كانون الأول وسام الشرف الفرنسي. ودعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الذي تعيش بلاده في ظل حالة الطوارئ منذ اعتداءات 13 نوفمبر/ تشرين الثاني ، بمناسبة حفل التوسيم، إلى الحذر من الوقوع تحت وطأة "شعور انعدام الأمن" الذي يوفر "الأرضية لحرب أهلية".
انقسام
وفي حين أعقب انتفاضات وثورات الربيع العربي الشعبية، الفوضى والعنف في ليبيا المجاورة واليمن وسوريا أو عودة مظاهر القمع في مصر، فإن تونس تمكنت من وضع دستور جديد وتنظيم انتخابات حرة.
لكن بعد نحو 5 سنوات من الإطاحة بالرئيس زين العابدين بن علي، تخيم على البلاد أجواء تهديدات جديدة جهادية.
وعلاوة على الاعتداء على حافلة نقل الأمن الرئاسي الذي تبناه تنظيم الدولة الإسلامية، شهدت تونس اعتداءين كبيرين داميين في 2015، استهدف الأول متحف باردو في العاصمة في مارس / آذار وخلف 22 قتيلاً، واستهدف الثاني فندقاً بالقنطاوي قرب سوسة (وسط شرقي) في يونيو/ حزيران وخلف مقتل 38 سائحاً.
ويأتي تسليم جائزة نوبل في أوسلو في الوقت الذي يخوض فيه طرفان من "رباعي الحوار التونسي" ، هما المركزية النقابية ومنظمة أصحاب العمل، صراعاً مداره حجم الزيادة في مرتبات العاملين في القطاع الخاص.
وتلقي هذه الخلافات بظلالها على المشهد.
وكتبت صحيفة "لابريس" الحكومية الاثنين "في الوقت الذي تحتاج فيه تونس أكثر من أي وقت مضى إلى الوحدة والتفاهم والثقة للتصدي للتهديد الإرهابي (..) فإن فائزينا بجائزة نوبل للسلام يستمران (..) في تغذية الانقسام والريبة والشك وسوء التفاهم".
وأضافت إن "هذا الفشل المعلن للمفاوضات ينذر بإغراق البلاد مجدداً في عدم الاستقرار الاجتماعي".
ومع ذلك سيغادر التونسيون أوسلو فخورين بما أنجزوا.
وسيتسلم "رباعي الحوار التونسي" ميدالية جائزة نوبل الرسمية باعتباره الفائز الوحيد بالجائزة.