هل يمكن التقارب بين المسلمين والغرب؟

فإذاً هذا الصراع له جذور تاريخية، واتخذ عدة أوجه خلال هذه الفترة الطويلة فأحياناً كان صراعاً عسكرياً وأحياناً كان فكرياً وسياسياً، ولكنه استمر على مدار هذه الأعوام الطويلة، فمعظمنا في العالم الإسلامي نعلم أن هذا الصراع موجود ولا يخفى على أحد، وكذلك في الغرب ورغم إنكار البعض لوجود مثل هذا الصراع، إلا أن أعظم مفكري الغرب يتحدثون عن وجوده، وما كتاب "صراع الحضارات" للمفكر الأميركي الكبير صامويل هنتنغتون إلا مثال واضح على وجود مثل هكذا صراع.

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/18 الساعة 05:10 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/18 الساعة 05:10 بتوقيت غرينتش

هذا التساؤل يطرحه الكثيرون دائماً، سواء من داخل العالم الإسلامي، أو من دول الغرب في أوروبا وأميركا فلقد عقدت عشرات المؤتمرات والندوات لمحاولة التقارب، وخصوصاً في مجال الحوار بين الأديان ومحاولة نشر قيم التسامح والمودة بين الناس من جميع الأعراق والأديان والطوائف وعلى خلفية أننا جميعاً بشر نخطئ أحياناً ونصيب أحياناً أخرى.

ولعله من خلال الحوار نتمكن من تقريب الآراء، وأن يشرح كل طرف وجهة نظره، ولكن هل بالفعل يمكن التقارب بيننا كمسلمين وبين العالم الغربي ورأس حربته أميركا؟

حتمية وتاريخية الصراع

حتمية الصراع لأن الاختلاف جوهري بين الطرفين والأضداد تتصارع في النهاية وتاريخية الصراع؛ لأن هذا الصراع لم يبدأ منذ عشرين سنة أو أقل أو أكثر قليلاً فلو عدنا لجذور هذا الصراع، فقد انطلق منذ نشأة الإسلام، وبالتحديد منذ غزوة مؤتة الشهيرة السنة الثامنة للهجرة، حيث واجه المسلمون لأول مرة الروم، وكانوا وقتها أقوى إمبراطورية على وجه الأرض.

وهذا الصراع لم يتوقف هنا، بل امتد على مدار التاريخ مروراً بمعركة اليرموك وفتح الأندلس ومعركة بلاط الشهداء، ومن ثم الحملات الصليبية المتتالية على البلاد الإسلامية، وبعدها فتح القسطنطينية، وخروج المسلمين من الأندلس.

وبعد عصر النهضة الأوروبية أصبح الهجوم بشكل معاكس من الدولتين الاستعماريتين الأكبر في العالم في وقتها فرنسا والمملكة المتحدة، وأخيراً وليس آخراً بالغزو الأميركي لأفغانستان والعراق بالقوة المسلحة وغزو معظم بلدان العالم الإسلامي بالقوة الناعمة وما يسمى العولمة.

فإذاً هذا الصراع له جذور تاريخية، واتخذ عدة أوجه خلال هذه الفترة الطويلة فأحياناً كان صراعاً عسكرياً وأحياناً كان فكرياً وسياسياً، ولكنه استمر على مدار هذه الأعوام الطويلة، فمعظمنا في العالم الإسلامي نعلم أن هذا الصراع موجود ولا يخفى على أحد، وكذلك في الغرب ورغم إنكار البعض لوجود مثل هذا الصراع، إلا أن أعظم مفكري الغرب يتحدثون عن وجوده، وما كتاب "صراع الحضارات" للمفكر الأميركي الكبير صامويل هنتنغتون إلا مثال واضح على وجود مثل هكذا صراع.

القوى المتغلبة

كيف يمكن لخمس دول أن تتحكم في مصير العالم عن طريق مجلس الأمن باستعمال الفيتو، بينما بقية الدول لا حول لها ولا قوة؟ ولكنها نعم سياسة المتغلب فهذه الدول أعدت جيوشاً واقتصاديات قوية وفرضت هيمنتها المطلقة على العالم.

ومن هنا كموقعنا نحن في العالم الإسلامي إذا لم نبنِ دولاً قوية بجيوشها وشعوبها واقتصاديتها فسنلقى من هذه الدول دائماً معاملة المرتبة الأدنى، ولن نتمكن من التقارب معها ومعاملتها معاملة الند للند، فهذا الكون تحكمه سياسة القوي والمتغلب دائماً على مر العصور والأزمان.

أمورٌ للخداع

دائماً نسمع كلمات رنانة كالأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان ومحكمة العدل الدولية ومعاهدة جنيف وغيرها الكثير، ولكن هذه المنظمات في مجملها لا تتعدَّ أن تكون سوى منظمات للخداع والضحك على الذقون.

فلطالما ساوت الأمم المتحدة بين الجلاد والضحية هذا إذا لم تقف مع الجلاد أصلاً ولنا في الثورة السورية خير مثال، وأيضاً في حرب البوسنة عندما وقفت الأمم المتحدة موقف المتفرج قبل أن تقرر التدخل بعد ثلاث سنوات كاملة على بداية الحرب وبعد مجزرة سربرنيتشا الشهيرة، وأيضا في الإبادة الجماعية في رواندا، حيث قتل أكثر من 800 ألف إنسان، ولم تتمكن الأمم المتحدة من فعل شيء لهم.

ومتى سمعنا محكمة العدل الدولية تطارد كبار المجرمين في العالم؟ هل يعقل لشخص قتل أكثر من مليوني عراقي ودمر حضارة عمرها آلاف السنين ومن ثم اعتذر عن ذلك بكلمتين وبكل وقاحة ألا يُلاحق من قبل هذه المحكمة؟ فهذه المنظمات تتبع في النهاية للدول الكبرى التي تتحكم بها كما تريد.

كلمة حق

يقول الله تعالى في محكم التنزيل: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى) نعم فهناك العديد من المنظمات والأشخاص والبرلمانين الغربيين ورغم قلتهم الذين يقفون مع عدالة قضايانا في مختلف البلدان ويدافعون عن حقوقنا ويقفون لنصرة المظلوم وهذه الأصناف من المنظمات والأشخاص هم ما يمكننا تقريب وجهات النظر معهم والوصول لنتيجة مجدية في النهاية.

لا أمل في الأفق البعيد

معظم المسلمين في عالمنا اكتشفوا النفاق الغربي الفاضح في فلسطين والعراق وسوريا وغيرها الكثير الكثير، ولم يعد عندهم قابلية للتقارب مع الغرب، فهل يمكن لإنسان أن يتقارب مع الآخر الذي يقتله ويهجره من وطنه وينهب ثرواته بطرق مباشرة أو غير مباشرة هل يمكن لهذا الإنسان أن يصافح اليد التي تقتله؟ بالطبع لا وكذلك نشهد الآن فترة صعود اليمين المتطرف في الغرب من فرنسا إلى بريطانيا وحتى إلى أميركا ورئيسها القادم الذي ربما يكون ترامب.

وبعد هذه المقاربة بين الطرفين لا يلوح أي بارقة أمل في الأفق القريب ولا حتى البعيد.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد