حكاية ثورة لن تنتهي

الحراك الثورى لم ينته ولن ينتهي إلَّا بحرية الوطن وكسر كل الحواجز ودفن الديمقراطية المزيفة التي صَدرت لأبناء الوطن كافة، لازالت النظرة ثاقبة، ولكنها هادئة في الوقت ذاته، سنظل نتطلع لمستقبل أفضل سيتشكل بتحقيق أهداف ثورة لن تنتهي

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/23 الساعة 04:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/23 الساعة 04:26 بتوقيت غرينتش

الصورة ذاتها، المشهد ليس بجديد، الدموع تتلألأ في عيون الكثيرين ممن أضناهم الألم واليأس، الهتافات تتلألأ في سماء الميدان.

مع تلك اللحظة العابرة وَقَفَتْ تنفض الغبارعنها؛تجمع صفوفها؛تنادي على أبطالها؛تحمل في يديها وثائق سَجَّلَهَا التاريخ لوجوه متآمرة حاولوا التنكيل بها وبشبابها والتقليل من شأنها، شكلواْ المؤامرة لتكون وليدة لها،رهنوا التغير بالفوضي، جسدوا المفاضلة بين السيئ والأسوأ كي تترسخ كقاعدة لكل اختيار يريدوه، أهدروا حق شهدائها، اعتقلوا أبطالها، صرنا شهيدًا يسعف شهيدًا فيداويه شهيد فيموت شهيد فيودعه شهيد، هنا الكل بيهتف سلمية سلمية، ولساها ثورة يناير.

خمس أعوام مضت لم يستطع النظام خلالها تكميم أفواه هؤلاء الذين خرجوا في الخامس عشر من أبريل2016 مؤكدين على سلمية ثورتهم ورفضهم للتفريط في أي شبر من تراب الوطن تحت شعار"جمعة الأرض هي العرض" هنا وبالتحديد أمام نقابة الصحفيين،الكل على أُهْبَةِ الاستعداد من جديد الهتاف واحد والانتماء واحد الكل ينادي"مصر"لا أخاص لا أحزاب ولا تنظيمات، هنا رسمت صورة بالغة الجمال في معنى "الوحدة الوطنية" ومعنى الانتماء 15أبريل هو اليوم الـــ19 من ثورة يناير2011.

رغم كل تلك المحاولات التي أطلقها هؤلاء المتلاعبون بالعقول، والإعلام الذي باع الوطن بالكذب والتضليل للتصدي لتلك الدعوات التي تحركت عقب بيان مجلس الوزراء في التاسع من أبريل 2016 والذي أوضح فيه أنه تم إبرام اتفاقية ترسيم للحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، والتي حملت في مضمونها أن الرسم لخط الحدود بناءًا على المرسوم الملكي والقرار الجمهوري أسفر عن وقوع جزيرتي صنافير وتيران داخل المياه الإقليمية السعودية، وكان هذا مخالفًا تمامًا لما دونة المؤرخون وسجله التاريخ في صفحات لا يشوبها أي غبار، وقمت بتناول ذلك بشكل أكثر تفصيلا بوثائق تاريخية وتدوينات على أيدى مؤرخين وَرَدَتْ في بطون الكتب، وبحقائق عسكرية وجغرافية والتي أكدت أن الجزر مصرية وكان هذا في المقال السابق تحت عنوان "أدركوا أن الوطن غالٍ فباعوه"
http://yanair.net/?p=65385
نجح شباب يناير في رسم صورة أكثر جمالاً ونقاءًا لثورتهم رغم استخدام النظام أساليب شتى لقمع مسيراتهم، تجسدت ملحمة ثورية عظيمة عزف الشباب خلالها أجمل وأرقى الألحان في حب الوطن الذي لن يزول لتضاف تلك الملحمة إلى ملاحم جيل عريض من شباب الوطن حركوا العالم بأسره، ليوثق من جديد أن الشعب المصري قادرعلى كسر كل حواجز الاستبداد والظلم والاطاحة بدولة الطغيان وأن الثورة لن تموت.

تشكلت بروفة ثورية عظيمة كشفت عن مسار جديد لشباب يناير بعد سياسات ظالمة طرأت بما هو أسوأ الآن في ظل انتهاكاتٍ وقيودٍ وقراراتٍ تعادي المواطن على أرضه، شعب عصي على الانكسار والظلم لن يساوم ولن يسمح بسرقة أرضه ونيله لتؤكد من جديد أن الثورة لازالت مستمرة.

أربع مشاهد دمجت بداخلي الأمل بالألم في"جمعة الأرض":
*كان أولها عندما كنت التقط صورةً لأحدِ ضباط الداخلية فعن تلك النظرة التي نظرها لي عندما وقعت عيني في عينه، تمنيت أن أقول له انزل واهتف معانا "سلمية سلمية" فمتى ستدركون؟" إياك يا ابن وطني أن تبيعه حتى لو وزنوه لك ذهبا"

*بينما المشهد الثاني كان للضابط ذاته عندما صوب سلاحه كوضع استعداد للضرب باتجاه أحد المتظاهرين وهو يهتف "عيش حرية عدالة اجتماعية"، وقتها تذكرت الجملة الواقعية جداً التي ذكرت في العرض المسرحي "قهوة بلدى" يامفرغين الرصاص في صدور أحبابكم خلوا الرصاص للأعادى إللي على بابكم.

*أما المشهد الثالث والذي يدعو إلى الاعتزاز بأبناء هذا الوطن ويبث أملًا جديدًا يثبت كلما ترصد بنا الشعور باليأس، عندما لاحظت في هذا التجمع وجود الدكتور والسياسي والعامل والفلاح ونجم السينما والطالب الكل متساوي القيمة، لا أحد فوق الكل يهتف "عيش حرية عدالة اجتماعية".

*بينما المشهد الرابع كان رؤيتي للزميل الصحفي محمود السقا وهو محمولًا على الأكتاف يهتف بأعلى صوته؛ محمود الذي ذاق مرارة التعذيب والترويع والتهديد بالقتل أثناء اعتقاله لمدة ما يقرب من 70 يوما، ظن الكثيرون أنه بعد خروجه سيلتزم الصمت بعد كل ما رأه، إلَّا أنه خرج ليكمل مسيرته ويوثق تفاصيل خطفه وتعذيبه ليكون شاهداً جديداً علي ما يتعرض له المعتقلون داخل السجون، ويدون ما أصاب حقوق الإنسان في مصر، وقتها كتبت في ملاحظاتي "فعلا عمرالسجن ما غير فكرة، السقا يهتف لتصل الرسالة لم ولن تستطيع حصار فكرى ساعة"
http://yanair.net/?p=58925، http://yanair.net/?p=59859

لا أريد أن أُمعِنَ كثيرًا في يوم قد مضي، لكن كان لابد من توثيقه فكسر حاجز الخوف في ظل واقع مرير وسياسات ظالمة لا أحد يستطيع أن ينكره الآن، إنجازٌ لا ينبغي التقليل من شأنه بأي حال من الأحوال، قد يسهم يومًا ما في تقليل منسوب الفساد والاستبداد فبعد تلك البروفة الثورية العظيمة نجزم أن شبابنا قادرعلى طي صفحة الطغاة مهما كانت قوتهم.

اليوم ارتفع سقف النقد، ولم يعد للصمت مكان ولن يسكت هؤلاء المتضررين بعد اليوم على أي تجاوز على حقوقهم، والأيام القادمة قد تشهد ارتفاعا أكثر فأكثر ويبدوا أن الكثيرين سيطلقونها صرخة بلا تنازل خلاص "الخوف فينا انكسر".

الحراك الثورى لم ينته ولن ينتهي إلَّا بحرية الوطن وكسر كل الحواجز ودفن الديمقراطية المزيفة التي صَدرت لأبناء الوطن كافة، لازالت النظرة ثاقبة، ولكنها هادئة في الوقت ذاته، سنظل نتطلع لمستقبل أفضل سيتشكل بتحقيق أهداف ثورة لن تنتهي.

رحم الله شهداء الوطن، فلم نَقُل وداعًا ولكن قُلْنَا إلى لقاءٍ في الجنان، فسلام لأرض تفيض عطاءًا، عَطَّرَ ترابها دم الشهداء.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
تحميل المزيد