12 شهراً، 52 أسبوعاً، 365 يوماً، 8760 ساعة ذهبت، ولن تعود. "هل سأكون الشخص ذاته في عامي القادم أم سأبحث عن التغيير في حياتي؟ هل سأتغير للأسوأ أم للأفضل؟ أتراجع أم أتقدم؟" أسئلة كثيرة تخطر في بال كل واحدٍ منا الآن.
لعل الكثير من التجارب في الحياة علمتنا وقربتنا لمعرفة أنفسنا، فأنا أعلم تماماً الآن وفي هذا العمر ما الذي يجعلني أشعر بالإحباط والانكسار، ما الذي يسعدني ويستهويني، وأيضاً الذي يحفزني لأعمل جاهدةً لتحقيق ذاتي.
طوال السنوات التي مرت، كنت دوماً ذلك الشخص الذي يخطط ليومه، الكثير من المحاولات باءت بالفشل في كل مرةٍ أجرب ذلك، الكثير من الظروف كانت سبباً لمنعي عما أطمح إليه، واليوم كل شيءٍ تغير، فخلال العام السابق حصلت الكثير من التطورات والدروس التي تعلمتها وطبقتها لأغير من نفسي ولو بشكل بسيط وأشعر بالإنجاز.
وهنا قررتُ أن أكتب لكم نظرتي نحو التغيير للأفضل وكيف تقترب من أن تصبح شخصاً فعالاً في العام الجديد، فبداية السنة هي فرصة ممتازة ومفصلية، فلا تجعلها تمر مرور الكرام، وابدأ بالتطبيق اليوم دون تردد.
عشر نصائح علها تكون مفيدة في عامك الجديد
1 – أجندة جديدة لتدوين مُخططاتك Year Planner:
اقتناء أجندة خاصة بنا نكتب فيها كل ما نخطط له شيء يرغب فيه الكثير، فالبعض يستخدمها لكتابة الذكريات، والبعض لا يستخدمها ولكن يقتنيها لشكلها، والبعض بالفعل يجعل منها مرجعاً أساسياً يُذكّر بها نفسه بكل تلك الأفكار والأهداف التي يطمح لتطبيقها في العام الجديد.
لذلك، قم بشراء أجندة ملونة ولافتة للنظر، تجعلك تسعد وتشعر بالحماس لتكتب فيها، اجعلها مميزة تعبر عنك وتنسيك التثاقل والتكاسل عن التخطيط، تباهى فيها أمام أصدقائك وشجعهم ليحصلوا على مِثلها، وتسابقوا بينكم من الذي سيحقق أهدافاً أكثر هذا العام.
أعلم أننا أحياناً يصعبُ علينا الالتزام بالكتابة في الأجندة أو الدفاتر، ولكن صدقوني لقد جربت الكثير من التطبيقات على الهواتف الذكية، إلا إنه لا يوجد مثل الكتابة باليد والعودة لخططك في دفترٍ واحد، فالتخطيط يُعطي القدرة على إدارة الوقت ولو بشكل بسيط، وتحديد مهماتك، وفي كل مرة تنجز مهمة ستشعر بالسعادة وتقدير الذات.
هذه الأهداف هي رؤية تُقربك إلى ما تتمنى الوصول إليه، فيجب في البداية أن تكون واقعية ويمكن تطبيقها في سنة.
حتى لو كنتَ تعرف ما الذي تريده في مُخيلتك وفي داخل عقلك، إلا أن هذه الطريقة مختلفة، فلوح الرؤية يجعلك ترى حُلمك أكثر من 300 مرة في السنة، لأنك وعلى الأغلب تُمضي أغلب أيامك في غرفتك، فعندها ستشاهد أهدافك أمام عينيك عند الاستيقاظ وقبل النوم.
3 – علبة التحفيز والإقتراحات Words Of Wisdom Jar:
كنت أحب فكرة وضع برطمان في غرفتي، أضع فيه كل يوم ورقة أكتب عليها باختصار ما تعلمته في يومي، لأجد حصيلة ما عرفته في سنة كاملة عندما أنظر للوراء، ولكني هذا العام قررت تجربة شيء جديد.
قم بالبحث في جوجل عن أكثر 356 مقولة أو حكمة تؤثر بك، أو اكتب اقتراحات لأعمال تود تطبيقها خلال هذه السنة، ثم قم بطباعتها ووضعها في برطمان، وكل يوم قبل النوم أو عند الاستيقاظ اقرأ واحدة منها، لتشعرك بالإيجابية والرغبة في الإنجاز، فلا تدري علها تكون رسالة مؤثرة لك لهذا اليوم، كأن تبتسم في وجه كل شخص تراه لتُدخل السعادة إلى قلبه، أو تجرب الطبخ ليوم بالنيابة عن والدتك أو زوجتك لتشعر بالجهد الذي تُقدمه.
"إذا أردت تغيير العالم، فابدأ بترتيب سريرك" مقولة للكاتب "ويليام مكرافين" في كتابه "رتب سريرك"، ما زالت لليوم تؤثر في نفسي بعد أن تعلمت الكثير من هذا الكتاب.
يقول فيه إن أموراً صغيرة في حياتك قد تصنع فرقاً وتغييراً كبيراً، فيروي الكاتب تجربته كمُلازم عسكري في الجيش كانت أول قاعدة لديهم هي أن يرتب السرير يومياً في كل صباح قبل الانطلاق للتدريب، فإن لم يفعل فهو يُعتبر غير جاهز لعمل وجهد أكبر.
قد يأتي صوت في داخلك يقول لهذه الفكرة "السرير أصلاً رح يرجع يتكركب آخر اليوم"، وهذا تماماً ما نفعله في كل أمور حياتنا، أنت لا تقوم بعمل حمية أو تناول الطعام الصحي؛ لأنه بنظرك الوزن الذي ستفقده ستعاود اكتسابه في الأيام القادمة. وآخر لا يُقلع عن التدخين بحجة "هيك هيك آخرتي أموت".
التغيير الحقيقي يبدأ بخطوة، وجميعنا ولدنا من بطونِ أمهاتنا سواسية متشابهين، ولكن منا من عمل جاهداً فأصبح ناجحاً، ومنا من فقد الأمل وتوقف عن العمل بحجة أنه "سيموت في نهاية المطاف". لو فكر الجميع بهذا التفكير لما اخترع أديسون الكهرباء، ولا مارك فكر بموقع فيسبوك، ولا وجدت سيارة تركبها للعمل، ولا هاتف تتحدث فيه.
فإن أردت هذا العام أن تحقق هدفاً، كالقراءة يومياً، أو ترك التدخين، فابدأ الآن ولا تؤجل ذلك للغد، واجعله تحدي الـ21 يوماً وكافئ نفسك عند النجاح.
6 – أحسن اختيار صديقك للعام الجديد:
الصداقة شيء جميل وكل إنسان في العالم يبحث عن صديق يشاركه اهتماماته وآراءه، ولكن للصداقة أنواع فأحسن اختيارها.
فكم هو ممتع الخروج مع الأصدقاء للسينما، المطاعم، كرة القدم، وغيرها الكثير، إلا أن زيادة هذا الموضوع قد يهدد أهدافك التي وضعتها لعامك الجديد، وهنا يستوقفني النبي محمد عليه السلام المعلم والمرشد حين قال: "أحبب حبيبك هوناً ما عسى أن يكون بغيضك يوماً ما". فالصداقة المقربة قد تتحول لإزعاج وتدخل مستمر في الخصوصية ومضيعة للوقت، وقد تتحول لكره وبغضاء وانتقام، حينها سيؤثر ذلك عليك سلباً بشكل أكبر من قبل، فخروجك من حالة الكآبة التي ستصيب قلبك ستأخذ أسابيع أو أشهراً، فكلنا لانريد أن نفقد محبة من حولنا ولا نريد اكتساب الأعداء، خصوصاً لو كانوا أعز الناس في السابق.
لذا فأهم ما تعلمته في الفترة التي مررتُ بها هو ترك مساحة في كل علاقاتي الشخصية مع الأصدقاء والمعارف، ولاحظت أن قدرتي على الإنجاز قد زادت وأصبح لدي الكثير من الوقت للتعلم والتطوير الذاتي، فأن تعرفَ ذاتك وتصبح صديقاً لنفسك هو شيء أولى لك قبل التعلق بالآخرين. بعدها ستجد أن من يُحبك فعلاً سيقدّر انشغالك ويقف بجانبك عند الحاجة.
7 – لا تخبر الناس بأهدافك:
"ديريك سيفرز" أحد المتحدثين في مؤتمر "تيد إيكس" تحدث عن هذا الموضوع وكان عنوانه "دع أحلامك لنفسك".
كانت من أكثر المواضيع تأثيراً في نفسي، حيث أشار إلى أن التجارب السيكولوجية المتكررة أثبتت بأن إخبار أحد ما بأهدافك يُقلل من إمكانية تحقيقها.
فمن شروط إنجاز عمل ما هو ألّا تشعر بالرضا حتى تنجزه بالفعل، ولكنك عند البوح به لشخص ما، أكد العلماء أن في هذه الحالة يحدث خداع للعقل والشعور بأن ذلك الهدف قد تم بالفعل، لذلك يقل تحفيزك للقيام به؛ لأنك توهمت إنجازه بسبب الشعور بالرضا واستقبال الإعجاب والمديح من الذين هم حولك.
حسناً، لمّ لا نَعِدُ أنفسنا هذا العام بالاكتفاء بالصمت، فإنجازاتك هي التي تتحدث عنك، فلا تخبر الناس عنها، بل دعهم يرونها بأنفسهم.
8 – أنا، نفسي وذاتي:
قتلَنا التواضع، جعلنا نرمي بذواتنا للآخرين، فمنهم الكثير من استغل ذلك ليصل لأهدافه، أذكياء فعلاً بغض النظر عن الطريقة. حسناً هذه السنة كل شيء سيتغير، ستعطي نفسك فرصة جديدة لتتعلم من أخطائك، سيكون لديك شعار "وقتي الخاص" ستساعد نفسك أكثر وتعوضها ذلك الحرمان.
قم وبشكل دوري بعمل طقوس خاصة بك، ولو مرة في الأسبوع، حضّر لنفسك إفطاراً ملوكياً وأنت تستمع لأنغام فيروز وتستنشق الهواء على البلكونة أو في الحديقة.
اهرب ولو لمرة للجبال والغابات والطبيعة، فالتأمل من صفات الأنبياء، والخُلوة بالنفس تعطيك الفرصة لتفهمها أكثر؛ لأن التخبط المستمر الذي تعيشه والضياع اللامتناهي سببه جهلك لذاتك.
دلل نفسك بكل الطرق الممكنة التي قد تتخيلها، ليس شرطاً أن تنفق المال أو تذهب لمطعم فاخر، فالجلوس على سجادة الصلاة في غرفتك مع إضاءة خافتة وبعض الشموع تنسيك هموم الدنيا وما فيها.
دعها طريقة لتشحن فيها إرادتك، ومكافأة ذاتية تعطيك الرغبة المستمرة في الإنجاز.
في البداية يبدو الأمر صعباً، ولكن صدقني جربها ولو لمرة لتشعر برضا أكبر وقوة أكثر في التعامل مع مثل هذه المواقف، لست أقول أن تكون فظاً في التعامل مع البشر وترفض مساعدة الغير، فكما يقولون "الناس لبعضها"، ولكن ليس على حساب وقتك، صحتك، ظروفك، عملك أو دراستك.
"الصدق هو أفضل سياسة" لراحة البال، النفسية، واستمرار الحياة. فبعد تحرجك لرفض طلب صديقك الذي أراد منك أن تنجز عنه واجبه، ستسهر الليل وأنت تعمل لساعات متأخرة لرضاه، وأنت في الواقع تشتمه وتكره اليوم الذي تعرفت فيه عليه بعد أن أحرجك ووضعك في هذا الموقف، والواقع أنك أنت من وضعت نفسك في هذا الحال، بسبب السذاجة التي تعيشها، والتي ستقرر هذا العام بالتخلي عنها وترتيب أولوياتك لتفيد نفسك وغيرك.
10 – اليوتيوب هو أعز أصدقائك:
المعرفه لا تنتهي ولن تنتهي لآخر يوم في عمرك، ومن حسن حظنا أننا نعيش اليوم في عصر التكنولوجيا، التي انشغل البعض بالتأفف منها وذمها والتركيز على جوانبها السلبية. ولكن أنت مختلف، وتنظر دائماً للنصف الممتلء من الكأس.
فكل ما يخطر على بالك موجود اليوم بضغطة زر. تعرفت على الكثير من الزملاء في عملي خلال السنة السابقة، ومنهم من هم أصغر مني وآخرون لم يلتحقوا بأي جامعة أصلاً، فتجدهم ملمين بأمور لم تتخيلها ولم تدرسها في الجامعة ولا في المدرسة، وهم أيضاً يتقاضون رواتب أعلى منك بسبب كفاءتهم، وتتساءل كيف ومتى وأين؟ استيقظ فنحن في عصر اليوتيوب، المدرسة الأقوى والمرجع الأفضل لأي معلومة في العالم.
أشاهد يومياً وبدون توقف محتويات مرئية في كل المجالات: تطوير الذات، مراجع علمية، أشخاص ملهمين، تجارب سفر، حيوانات نادرة، كيف بدأ الخلق، الموضة، الإعلام، التكنولوجيا، وما لا نهاية من المواضيع والأشخاص الذين يقومون يومياً حول العالم بتحميل هذه المحتويات بالملايين، فما هي حصيلة ما شاهدته في سنة؟ هل ضاعت كلها على المسلسلات والأفلام؟
وفي الختام نعود لنفس السؤال ونكرر ونقول:"هل سأكون الشخص ذاته في عاميَ القادم أم أبحث عن التغيير في حياتي؟ هل سأتغير للأسوأ أم للأفضل؟ أتراجع أم أتقدم؟". ابحث عن جواب ابتداء من اليوم وحتى مرور 365 يوماً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.