في السنوات الأخيرة صارت الدول أو المدن الكبرى في العالم تتنافس باحتفالاتها وبشجراتها والألعاب النارية، وبالتالي بمقدار مصاريف الاحتفالات، وعليه برز سؤال جديد لا يحمل الطابع الديني كبقيّة الأسئلة التي تتردّد في مثل هذا الوقت وهو: "لو أنّ ما يُنفَق على احتفالات رأس السنة جُمِع ألا يكفي لإطعام كلّ جياع العالم؟".
قبل الإجابة عن هذا السؤال، يجب معرفة بعض الأرقام المهمّة.
يعرّف البنك الدولي الدولة الفقرة بأنّها الدولة التي ينخفض فيها معدّل دخل الفرد السنوي عن 600 دولار أميركي، وبناءً على هذا التعريف تقع 45 دولة ضمن دائرة الفقر، بينما برنامج الإنماء للأمم المتحدة يضيف معايير أخرى تعبّر عن الرفاهية ونوعية الحياة، وبذلك يرتفع العدد إلى 70 دولة؛ إذ إن هذا المؤشر يضيف إلى دائرة الفقر سكاناً لدول غير فقيرة، لكنهم يعيشون في مجتمع فقير ضمن تلك الدول، مثل 30 مليون فقير في الولايات المتحدة.
بالتأكيد مليار دولار سيحدث فرقاً في أي مكان يوضع فيه، لكن سحب هذا المبلغ للتبرع فيه يعني أننا سنحرم أربعة مليارات إنسان على الأقل من الاحتفال بالإجازة الوحيدة في السنة، وهنا أحبّ أن أذكر أنّ الدراسات التاريخية تشير إلى أن تاريخ البشريّة أجمع من عهد أبي البشر آدم عليه السلام، وحتى اليوم، لم ينعم إلا بما مجموعه 134 سنة خالية من الحرب، طبعاً لم تكن متواصلة.
الشاهد هنا أنّ الحروب والمآسي والكوارث لم تنقطع عن البشر منذ بدء الخليقة، ولا يمكن أن تقف الحياة أو الاحتفالات بدعوى الحزن لمصيبة ما هنا أو هناك، وحتى في حياة الرسول محمّد -صلى الله عليه وسلم- وخلفائه الراشدين، أي أن خمسين سنة لم تمرّ سنة بلا حرب، ولم نسمع أنهم منعوا الاحتفال بالأعياد لحزنٍ أصابهم أو فقيد أو شهيد.
في النهاية كلّ إنسان حرّ بما ينفق إن كان من ماله، وإن أنفق على احتفال أو رمى نقوده في البحر لا يحق حتى للفقير أن يعاتبه، فلكلّ مجتهدٍ نصيب؛ حيث تشير بعض التقارير إلى أن نصف غذاء العالم يُرمى في النفايات في الدول الفقيرة لسوء التخزين، وفي الدول الغنية لزيادته عن الحاجة.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.