كأسماك فيسبوكية.. صِرنا!

هذه فتاة علَّقت مصير علاقتها بخطيبها بنقطة خضراء مراوغة تشغل تركيزها، تخدعها وتشبع شكوكها، تصنع بينها وبينه هُوَّةً مخيفة، تجعلها تظن أنه أقلع عن الاهتمام بها، كيف لا والنقطة تُشِعّ قبالتها خُضْرَةً

عربي بوست
تم النشر: 2017/03/27 الساعة 02:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/03/27 الساعة 02:34 بتوقيت غرينتش

مثَّلت الكتابة دائماً بالنسبة لي فعلاً مزاجياً وعفوياً محضاً، لَم أعتَد أن أتقيد بموضوع عند شروعي فيها، وإنما أُسَلِّم القلم لأِناملي وأتركها تُراقصه رقصتها الصوفية على أنغام خواطري، فأدخل حينها في حالة من الخروج عن الواقع، وأغوص فيما يجول بداخلي.

لكن اﻷمر مختلف اليوم، فقد جئت أطرح على مائدتكم موضوعاً شغل الخاطر ومسَّ صغيرنا قبل كبيرنا.

منذ فترة زمنية لا بأس بها أصبح يطغى على شاشات حواسيبنا لون متمرد الزرقة، فاتن للناظرين وفاتك بهم، إنه عالم جديد دخل حياتنا دون استئذان، اجتاحها بذريعة أنه سوف يمكننا من تقصي أخبار بعضنا البعض، وأيضاً من طرح جديدنا بتلك العفوية الفاحشة.

الفيسبوك.. تلك الكرية الزرقاء التي أصبحت تسابق مثيلاتها البيضاء والحمراء داخل شراييننا، إنه محيط ليس كسائر المحيطات ما عدا في زرقته، محيط أضحينا نغوص في أوحش أعماقه ونموت خارجه، أصبحنا مدمنين على تعاطيه دقيقة تلو الأخرى.

لقد تمكن -وبكل سادِية- من الظَّفر بأقوى حضور على الإطلاق، لم تسلم منه لا حواسيبنا ولا هواتفنا، لا إداراتنا ولا مدارسنا، ولا حتى مساجدنا.

مستعمر ذكي جعل منا جنوده اﻷوفياء، متى نادانا نلبّي النداء.

أمدركون نحن لحقيقة إدمانه؟ أراضون بسطوه وتملكه؟ أقادرون على الإقلاع عنه؟

قد لا ننكر القدرة الهائلة التي يملكها في نشر الخبر ومشاركة المعلومات، وأيضاً في تقليص المسافات بين بني البشر وتمكينهم من تشارك آرائهم ومواقفهم، لكن هل وظفناه فيما وُجد من أجله؟ هل لبثنا وراء الخطوط الحمراء أم أننا تسابقنا على ممارسة قفز الحواجز فوق تلك الخطوط؟ طبعاً الكل يدرك الجواب على اﻷسئلة السالفة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد