بداية الحكاية “2”| حكاية الحكايات

قبل أن أضع رأسي هذا اليوم وبعد تفكير بصوت عالٍ مع رفيقة غرفتي، دار بخلدي أنه لو كل ما تعلمناه اليوم كان شجراً ينبت في الأرض يثمر ويظلل ويحفظ الأسرار ترى هل كان يوجد مكان لحروب تلهث خلفها أوطاننا؟

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/14 الساعة 08:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/14 الساعة 08:14 بتوقيت غرينتش

ماالذي يحدث لحلم تأجل؟ سؤال علق بذهني..

كان علينا أن نستيقظ في السابعة صباحاً؛ لنبدأ يوماً جديداً، لكني لم أنَم فمتعة الاكتشاف وبداية اللقاء وصداقات تنتظرني أطارت النوم من عيني.

نزلت ورفيقتي دعاء التي صارحتها أمس بأني تمنيت يوماً لقاءك لأجدك هنا جارتي بالغرفة.

فطور طازج ومدفئة بالحطب وأكواب الشاي ووجوه مشرقة ودرس على ضفاف النهر وزقزقة عصافير، لقد أخذنا استراحة في الجنة إذن.
يثير الأستاذ أسعد طه الأسئلة وينفضُ التراب عن العقول والحزن عن النفوس، يسألك فتسافر عبر كلماته ونظراته الثاقبة وإجاباته الشافية، يجلس على الأبسطة الممتدة بيننا، يعرض علينا شرحاً لمفاهيم الفيلم الوثائقي ما هو وكيف تتحول الفكرة لحكاية؟

كنت وأنا صغيرة مستاءة من اسمي عندما أشارت المعلمة إلى أنه لا معنى له، ذهبت لأمي فقالت لي إنها اختارته على اسم صديقة لها كانت تشع بهجة،

بنصف ابتسامة ذهبت لأبي أستوضحه، فقال لي: "هو ذروة الأمر، لو فرحتي هتفرحي من قلبك ولو حزنتي هتجيبي آخرك، ستستمتعين باللحظة حتى منتهاها".

يقول الأستاذ أسعد إن الفيلم الوثائقي فن اقتناص اللحظة.

من زاوية جديدة أعرف طريقي، أعيش مع من أحب مستمتعة بكل ثانية خوفاً من الفراق الذي يأتي بغتة، وأنا أخشى الندم، وكأن نفسي تحدثني: يحتاج الطريق لقنديل أحياناً.

ماذا يحدث لحلم تأجَّل؟

كان دخولنا دنيا الحكايات من خلال الأفلام التي تعرض فنناقش الفكرة والصورة والحبكة، فهل تخيلت يوماً أن صانع الفيلم يشاهده معك؟ قبل هذا لم أكن أتخيل، عالم مليء بالدهشة والمعرفة، عليك أن تفكر وتعيد تشكيل ما تعلمته طيلة حياتك ليصب في أهداف جديدة تشاهدها تصاغ من جديد أمام عينيك، ستعيد ترتيب معلومات كثيرة متناثرة كنت قد تحصلت عليها، لكنك لم تستفِد منها أو ربما ركنتها في جانب من الذاكرة عل يأتي يوم أو قد لا يأتي تحتاج لها، فتفاجأ أنك نسيتها، ستشحذ طاقتك وتوقظ عقلك الذي لم تتح الفرصة كثيراً أمامه ليريك مهاراته، ستشعر أنك عدت لمكان ما في ذاكرتك وفتحت صندوق حكاياتك، حكاياتك أنت وليس أحداً سواك.

عندما يتحدث الأستاذ أسعد ستعرف حتماً لِمَ لَم تترجم معارفنا لعمل نفخر به.

ذلك أنها لم ترتبط يوماً بأرواحنا، لم تتجادل مع همومنا ومشاكلنا، لم تشعر يوماً أنك تتنفس من خلال عمل تقوم به أو علم تعلمته.
كان علينا أن نترجم ما تعلمناه لفيلم وثائقي، في قرارة نفسي قلت لعلهم يقصدون أصحاب الخبرات من بيننا، فالجميع باستثنائي لديهم سابق خبرة في هذا المجال وبالتأكيد سيعفون أو يتجاوزون عن مبتدئة مثلي، لكن كان يُحاك على ضفة النهر الإجابة عن السؤال.

ماذا يحدث لحلم تأجل؟

كان لقاء الغداء والعشاء هو ثراء إنساني، ففكرة أن نجتمع من اليمن والمغرب وتونس ومصر والعراق يشبه الحكمة من الخلق نعرفها ولا ندركها، فقد كنا نطلق على فصلي الدراسي في الثانوية العامة بالسعودية جامعة الدول العربية؛ لتعدد الجنسيات والأذواق به، لعل الراحة التي أشعر بها سببها استرجاع أيام الطفولة إذن.

بين حكايات الأستاذ أسعد وجدية وحيد التي تضحكني وقصص عمر البشير التي لا تنتهي وتفاني مهند وهموم عتبة وعبدالرحمن، والبهجة التي تنشرها يارا ومشاكسة إياد وحكمة ريم، تدور الكاميرا وتنساب القصص، بين لهجات مغربية وشامية ويمنية اختلافها وتقاربها يزيدان المكان سحراً، حوْلنا الأستاذ أسعد يطمئن ويشارك ويجيب ويستفز داخلنا الإنسان.

قبل أن أضع رأسي هذا اليوم وبعد تفكير بصوت عالٍ مع رفيقة غرفتي، دار بخلدي أنه لو كل ما تعلمناه اليوم كان شجراً ينبت في الأرض يثمر ويظلل ويحفظ الأسرار ترى هل كان يوجد مكان لحروب تلهث خلفها أوطاننا؟
(يتبع)

#السؤال من رواية تقارير السيدة راء لرضوى عاشور

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد