غداً يعود القطار
فقد تحرَّك الغُبارُ في محطةِ السفرِ
فجَرَى النهرُ في الحقول
رقَصَ الصَّفْصاف مُسْتَحِمَّاً في حَضْرةِ المياه
و خرجَتْ القُرَى للنهرِ واصْطَفَّتْ على المدَى
أشْجارُهافَتَياتُها يحْمِلْنَ خُبْزاً يأْكُلُ الطيرُ مِنْه
وشيوخُها يَنْتَعِلون حِكْمَةَ السُّؤالِ ،
وصِبْيَةٌ بأحْجارِهِم الصغيرةِ، يُلَوِّحون
بِقَرابينَ الدُّموعِ في اسْتِقْبالِ العائِدِ القَدِيمِ
أَوْلَمَتْ لَهُ قَمْحَهَا المخْبوءَ في الضلوع
وسَفَحَتْ أطفالاً لِيَعْبُرَ فوقَ الجُسورِ
الزوجاتُ أيْقَظْنَ أزواجَهُنَّ الكَسالَى
وهُنَّ يَغْتَسِلْنَ :
"لقد عادَ القِطارُ"
فانْتَظَمَ الكَوْنَ في المدارِ
واشْتَعَلَتْ الرغْبَةُ في سيقانٍِ
تَكَلَّسَتْ فوقَ مَصْطَبَةِ الوقتِ
وحَلَّقَتْ طُيورٌ نَسِيَتْ شَكْلَها القُرَى
والمياهُ تَغْسلُ الشوارعَ في الصباحِ
***
أشْعَلَ الفِتْيانُ ناراً ليُدْفِئوا أجسادَ التُّرَعِ
لِتَلْحَقَ القاطرةَ
وهي تقطعُ الطريقَ فوقَ الجسرِ المثقوبِ
ترَكَتْ نقوشَ حِنَّائها
ضَجَّتْ الأفرانُ صخَبَاً وأرْغِفَةً
وعادَ الكعْكُ حُلْواً والعَروسُ في انْتِظار
***
المحطَّاتُ التي دَخَلَتْ حُلْمَها
تَفَتَّحَتْ كَوَردَةٍ تنْفُضُ عن وجهِهَا صمتَ النهارِ
تُعِدُّ قُضبانَها لِصَليلِ الجِيادِ المَعْدنيَّة
لِغُبارِ فرحٍ يتطايرُ شَرراً يغْسِلُ الصَّدَأ
لَكِنَّ الفجرَ جاءَ
ولمْ يأْتِ القطارُ
فانْطَفَأ نورٌ في المحَطةِ
وسَقَطَتْ حقائبُ مسافرين
فانْفَرَطَتْ ملابِسُ العيدِ
وتَكَلَّسَتْ رَقْصَةٌ في محَطَّةِ الوصولِ
وأنْوارٌ في المدينةِ تفتحُ الكتابَ
***
قال الذي عندهُ عِلْمُ المسارِ:
تفتحُ القُرَى نهارَها بصَوْتَيْن،
نداءِ اللِه وصافِرَةِ القطارِ.
.فمَنْ الذي أسْكَتَ صوتَ اللهِ في الحُقولِ
وأشْعَلَ الغُبارَ؟
ملحوظة:".. القصيدة هي إحدى قصائد ديوان تحت الطبع بعنوان "جنرال المآته"
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.