عامٌ يغلقُ بابَه وآخرَ يفتحُه في صورةٍ مشابهةٍ لمن يفتتحُ صفحةً جديدةً يعيشُ من خلالها حياةً أخرى مستدِركاً كلَ ما فاته من قبل.
حياةٌ جديدةٌ بخبرةٍ وشغفٍ أكبر من ذي قبل، هي سُنّةُ الحياة حيثُ لا ديمومةَ لشيء، فالنهايةُ حتميةٌ؛ حيث إن نهايةَ أمرٍ ما هي بدايةٌ لأمرٍ آخر.
كُرويةُ الأرضِ بحدِ ذاتِها تمثلُ دليلاً على التقاء نقطةِ البدايةِ والنهاية وازدواجهما معاً، الأمرُ الذي يجعلنا نقولُ إن الموتَ هو حياة.
لفهم الصورة بشكلٍ أوضح تخيلْ معي لو أن الكرةَ الأرضيةَ مربعةُ الشكل، هذا يعني أننا سنقفُ عند زاويةٍ ما ولا نستطيعُ التقدمَ بخلاف الحقيقة، وهي نعمةٌ من الله تتلخصُ فيها فكرة الكون.
لذا نهايةُ العام لا تعني نهايةَ الأمر، بل هي بدايةٌ جديدة نستطيع أن نولد معها ونصلُ لما نريدُ ونطمح.
سؤال: من أتى أولاً البيضة أم الدجاجة؟
إجابة هذا السؤال الذي يحمل طابع السهلِ الممتنع تُعبر عن الاستمرارية المزدوجة التي تحدثنا عنها سابقاً، فلا تستطيع أن تُجزم مَن أتى أولاً؟ هل هي البيضة التي تأتي منها الدجاجة أم الدجاجة التي تبيضُ لنا البيض؟!
العام الذي مضى كان يحملُ معه خطةً وضعناها من أجل أن نحققها خلاله، لكنْ هناك العديد من الأمور حالت دون تنفيذِ الخطة، فأصبح معدلُ الإنجازِ أقلّ من المعدل المتوقع، والعديدُ منا يعزو السبب إلى سوء حظه.
سوءُ الحظ عامل، لكنه عاملٌ نسبي، ربما التقصير أو ظروفٌ طارئة خارجة عن الإرادة أو تشتت في عملية التنفيذ، أو سوء الخطة ذاتها أدى إلى عدم الوصولِ للنتيجةِ المطلوبة، وبقيت الأهداف والأحلام والطموحات قَيدَ التنفيذ بخطواتٍ بطيئةٍ، وبهذا يكون العامُ الجديد قدْ هلّ.
أستطيعُ أن أنصحكم هنا وأنصحُ نفسي كذلك بأن العمرَ لم يتوقف بعدْ، وأنّ ما لم نستطِع تنفيذه بإمكاننا إنجازه بشكلٍ أفضل من خلال رسمِ خطةٍ جديدةٍ وفق معايير الخطةِ الجيدة، مع إدراكنا الكامل لعناصر التهديد التي قد تؤثر سلباً على الأداء.
ونقوم كذلك بمراجعةِ العام السابق وأسباب الانحراف في الأداء والاستفادةِ منها للعام الجديد الذي يُمثلُ حياةً جديدةً للشخصِ ولأهدافه وأحلامه.
جُلّنَا يملك أحلاماً وأهدافاً، وجُلُّنَا يتأخرُ في تحقيقها؛ لذا فإن بعضاً من التركيز ومراجعة ِالماضي يجعلنا نستطيعُ تدارك الفجوات والسير بخطواتٍ أوسع للأمام، طبعاً يجب أن نضع نصب أعيننا أن التوفيق بيد الله عز وجل؛ لذا علينا أن ندعوه ليوفّقنا.
أمر آخر علينا جميعاً أن ندركه عندما نرسم خريطةَ حياتِنا للعام الجديد، وهو أن التأخير في الوصول لا يعني أن مبادئنا خاطئة، لكنه يعني أن وسيلة المواصلات التي امتطيناها كانت هي السبب؛ لذا علينا أن نغير أساليبنا لا مبادئنا.
العمرُ لم يتوقف، والطموح في ازدياد، والأيام تسيرُ بتعدادٍ وبمسمياتٍ جديدة، لكنها تبقى حياتنا التي يجبُ علينا أن نستغلها أفضلَ استغلال حتى لا يكون الندمُ نصيبنا.
وختاماً علينا ألا نغفل عن ترديد تلك الأبيات:
بدأ المسير إلى الهدف ** والحر في عزم زحف
والحر إن بدأ المسير ** فلن يكل ولن يقف
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.