قال وزير المالية عبد الرحمن بن خالفة الأربعاء 2 ديسمبر/ كانون الأول 2015، في تصريح للإذاعة الجزائرية "إن الحكومة وضعت استراتيجية لإيقاف دعمها تدريجيا لأسعار بعض المواد الغذائية، بالإضافة إلى منتجات الطاقة"، من أجل تحصيل مصادر دخل جديدة خارج قطاع المحروقات.
ويرى خبراء أن عام 2016 سيكون صعباً على الجزائريين، حيث تتراجع القدرة الشرائية للمواطنين بفعل ارتفاع الأسعار وقيمة الضرائب، وهو الأمر الذي فرضته التغيرات السلبية في سوق النفط العالمية.
غير أن المعارضة ترى العكس تماماً، إذ اعتبرت أن التدابير المقرر إدراجها في مشروع قانون المالية والميزانية 2016، "خيانة" لبيان 1 نوفمبر/ تشرين الثاني 1954 لجبهة التحرير الجزائرية، لأنه "يلغي الطابع الاجتماعي للدولة، ويستغل المواطنين البسطاء لمواجهة أزمة ليسوا مسؤولين عنها".
يشار إلى أن الجزائر عرفت في 5 يناير/ كانون الثاني 2011، ، ما أطلق عليه "أحداث الزيت والسكر"، حيث اندلعت في هذا اليوم شرارة أعمال عنف قوية بسبب ارتفاع مفاجئ لمادتي الزيت والسكر الأساسيتين.
الزيت والسكر ..ممنوع اللمس
يقول وزير المالية الجزائري إن "أسعار المواد الأساسية مثل الحليب، الزيت والسكر أقل بـ50 بالمائة حالياً من تكلفتها الحقيقية، وسترتفع تدريجياً".
الوزير أوضح بأنه "سيتم تخصيص ما يشبه أجرة ثانية للفئات المتواضعة الدخل"، وهي التي يقدر عددها بحوالي 10 ملايين نسمة، وذلك "لأننا بلغنا حداً من التبذير الذي لا يمكن لأي اقتصاد أن يتحمله، ولا يوجد أي بلد يعيش في وضعية مماثلة يستمر في دفع 19 ملياراً سنويا للتحويلات الاجتماعية"، على حد تعبيره.
وقبل هذا التاريخ بيومين، شهد البرلمان الجزائري، عراكاً بالأيدي، بين النواب، حيث اقتحم نواب المعارضة منصة رئيس المجلس محمد العربي ولد خليفة، وحاولوا منع التصويت ب" نعم" على مشروع قانون المالية 2016، الذي يتضمن زيادات في أسعار الكهرباء والغاز ومشتقات النفط وبعض الضرائب
النواب المعارضون لقانون مالية 2016 شرعوا في توقيع عريضة، وإرسالها لرئيس الجمهورية والمجلس الدستوري لرفض تمريره بصيغته الحالية، معتبرين " أنه الأخطر في تاريخ البلاد".
توجهات الحكومة ومقتضيات المرحلة
ويؤكد الصحافي المتخصص في الشؤون الاقتصادية، سعيد بشار، في تصريح لـ"عربي بوست"، أن الحكومة تبنت توجهها الجديد مدفوعة بواقع الأسواق العالمية للنفط.
بشار قال إن "التحول تدريجياً نحو رفع الحكومة يدها عن دعم أسعار بعض المواد الأساسية، هو بسبب عدم قدرتها على المواصلة في الإنفاق على التحويلات الاجتماعية التي تكلف الخزينة 30 % من الميزانية العامة، وذلك لأن الدعم موجه للمواطنين دون استثناء".
وأضاف أن "الأمر لا يقتصر على الجزائريين بل يستفيد منه حتى الأجانب المقيمون، وهذا غير منطقي"، موضحاً أنه "كان يفترض الانتقال من دعم السعر بشكل مباشر إلى الدعم الموجه، ثم الدعم لمن يستحقه من المواطنين الضعفاء".
بشأن رفع تسعيرة المحروقات، أكد سعيد بشار أن "تبيعاها هي ما يثير الجدل على اعتبار أنها مواد ضرورية لجميع القطاعات الاقتصادية، وهو ما من شأنه أن يرفع تكلفة المنتجات في السوق المحلية".
ماذا ينتظر الجزائريين في 2016؟
يجيب الخبير الاقتصادي فارس مسدور، لـ"عربي بوست" على السؤال في جملة واحدة، قائلا: "ستكون جهنم على الفقراء والمعوزين والمساكين".
ويعتقد مسدور أن تخصيص الحكومة لأجرة شهرية ثانية لمحدودي الدخل أمر غير قابل للتطبيق، وقال "في أيام البحبوحة المالية عجزنا عن إعطاء أجور محترمة للناس، بشكل يضمن كرامتهم ويحسن مستواهم المعيشي، فكيف نقدر أن نمنح الآن أجوراً إضافية، هذا غير ممكن أن يتحقق".
مسدور أفاد "كانت لدينا إمكانيات مالية بالمليارات ولم نفعل بها شيئاً ظننا أن التنمية هي تبليط الشوراع والأرصفة والعشب الأخضر والعمارات الشاهقة والجسور، وقيد تبين أن هذا خطأ، بل إن التنمية تعني ارتفاع الطاقة الإنتاجية وتطور الاستثمار وتنوعه".
ويعبر النائب البرلماني عن حزب جبهة العدالة والتنمية المعارض، عبد الناصر قيوس، عن رأيه من "ما ينتظر الجزائريين العام المقبل"، بطريقة ساخرة، قائلا: "إن الزيادات التي أقرتها الدولة في الأجور في السنوات القليلة الماضية والقروض التي منحتها للشباب، اتضح أنها سلفة ستقوم باسترجاعها في 2016، عبر الزيادات في الأسعار ورفع قيمة الرسوم والضرائب".