ألهمتني قصتها بشدة، فهذه الفتاة الأميركية الشابة ليزي فيلاسكويز، التي وُلدت بمرض نادر لا يوجد إلا 3 أشخاص فقط في هذا العالم هم من يعانونه، وهي واحدة منهم!
ليزي، هذه الفتاة التي منذ أن بدأت تتعامل مع البشر خارج محيط أسرتها وعائلتها لم تلقَ غير السخرية والخوف من الاقتراب منها والبعد عنها بسبب شكلها، فهي تعاني مرضاً خطيراً ونادراً للغاية، اسمه "متلازمة بروجي رويد".
فوزنها لم يتجاوز عند مولدها كيلوغراماً واحداً وربع! ومع مرور السنوات، ظهر جلياً أنها مهما تقدمت في العمر ومهما تناولت من أطعمة، فما تزنه سيبقى متوقفاً في حدود 29 كيلوغراماً..
سنوات طويلة و"ليزي" تعاني مرضها الغريب، الذي جعل عظامها ضعيفة للغاية وأدى إلى فقدانها البصر بعينها اليمنى، كما أضعف جهازها المناعي وسبب لها حالة صحية مترنحة، وحتى اليوم لا يجد الأطباء أي حل لعلاج هذه الحالة النادرة.
وصل الحد من تصرفات البعض التي لا تراعي أدنى إحساس من الإنسانية، أن يرسل لها أحدهم فيديو لا يتعدى 9 ثوانٍ تحت عنوان "أقبح امرأة في العالم"، لتفاجأ بأن هذه المرأة هي نفسها!
حيث صُدمت بأن الفيديو تمت مشاهدته من قبل 4 ملايين مُشاهد! وما حطَّمها أنها وجدت كمّاً من التعليقات الساخرة، التي تنصحها بالانتحار لتريح العالم من شكلها القبيح!
يا الله! ما هذه القسوة التي يتصف بها بعض مَن يُطلق عليهم لفظ "إنسان" في هذا العالم؟! كيف تنعدم المشاعر والأحاسيس بالآخر لهذا الحد؟! إنها فعلاً أقبح نظرة بالعالم حينما نشاهد الغير على يبدو من مظهرهم دون النظر إلى داخلهم وإلى شخصياتهم الرائعة!
هذا الفيديو كان كفيلاً بأن يدمر حياة ليزي تماماً وأن يجعلها تقْدم على الانتحار فعلاً، ولكنها قررت أن تحوِّل هذا الألم الذي مسَّها إلى طاقة إيجابية، وأن تتحدى كل من استهزأ بها، وأن تصبح أكثر امرأة في العالم ناجحة وطموحة.
فقد وضعت ليزي 4 أهداف لها بعد هذا الفيديو؛ وهي: التخرج في الجامعة، وأن تصدر كتاباً لها، وأن تكون محفزة للغير، وأن يكون لها أُسرة.
وبالفعل، تخرجت في جامعة تكساس بشعبة الاتصالات، وأصدرت 3 كتب منها كتاب تحت عنوان "كُن جميلاً.. كُن أنت"، إضافة إلى نشرها سيرتها الذاتية، كما تمت استضافتها في عدد من البرامج الشبابية ولقاءات مباشرة على قنوات أميركية بوصفها امرأة ناجحة.
كما أنها ومنذ عدة سنوات، تقدِّم محاضرات تحفيزية، إلى جانب أنها أنشات قناة خاصة على اليوتيوب؛ وذلك لكي تلهم كل من يشاهدها بأن النجاح والرضا لا تصنعهما نظرة الناس إليك؛ بل يصنعهما إيمانك بنفسك ورضاك بما كتبه الله عليك. أما خطوة الأُسرة، فهي تقول إنها ستأتي بإذن الله مع الوقت.
وعلى الرغم من أن ليزي أُصيبت بالعمى بعينيها اليمنى، فإنها تحمد الله على وجود العين اليسرى، وترى أن ذلك نعمة كبيرة!
ليزي، لا تستطيع أن تزيد وزنها غراماً واحداً على ما هي عليه الآن، وهي ترى أن ذلك نعمة كبيرة للغاية؛ حيث إنها تستطيع أكل كل شيء وبأي كمية دون أن تخاف من شبح زيادة الوزن الذي يصيب النساء!
ليزي، سامحت مَن نشر لها هذا الفيديو البغيض؛ لأنها اعتبرت أن ذلك غيَّر حياتها للأفضل وجعلها أكثر قدرة على تحقيق نجاحها وطموحاتها!
ليزي، إنسانة رائعة الجمال بكل ما تحمله من هذه الطاقة وهذا الرضا وهذه القناعة، والتي ربما لا يوجد نصفها عند أغلبنا ممن هم ليس لديهم أية إعاقة ظاهرية، فيا ليتنا نتعلم منها؛ لأنها حقاً من أروع الشخصيات المؤثرة بالعالم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.