تصوّروا ردّة الفعل وقارنوا

مؤخراً؛ ضمن صور ووقائع (الإسلاموفوبيا ) التي تتزايد الآن في الغرب اضطهاداً وتضييقاً على المسلمين وتتكوّن لها أحزاب ومنظمات؛ أقدَم - مثلاً - أحد المصانع الأمريكية ( كارغيل )، وهو مصنع لتعبئة اللحوم على طرد حوالي (190) عاملاً وتسريحهم من وظائفهم بعد احتجاجهم على منعهم من أداء الصلاة

عربي بوست
تم النشر: 2016/04/21 الساعة 03:29 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/04/21 الساعة 03:29 بتوقيت غرينتش

غالباً ما أشعر بالغثيان حينما يتكلم الأميركان أو الأوروبيون عن التسامح، ويدعون المسلمين إلى التعايش السلمي، ونبذ العنف، ويروّجون في ديارنا لمحاربة الإرهاب، ويظهرون أنفسهم رعاة للقيم الإنسانية الرفيعة التي تدعو إلى احترام الأديان والمذاهب، وأنهم حمائم سلام تنشر المحبة والأمان بين البشر.

على أن الشعور الأسوأ أن تلقى هذه الأكاذيب السمجة و( التخاريف ) البالية التي تُطلق هناك في الغرب من يصدّقها عندنا في الشرق؛ فيكونوا لها مثل رجْع الصدى، ويتحمسّون لها إلى حدّ المبالغة والتكلّف! ثم ينساقون لها إلى حدّ التسابق على تبني تلك الدعوات، والحرص على الظهور بلباس المتسامحين المتعايشين غير آبهين بأن هذه إنما هي قيم أصيلة وراسخة في شريعتنا الإسلامية الغراء، لاتحتاج إلى من يعلنها أو يعلّمنا إيّاها أو ( يزايد ) بها علينا أو يبيعها في ديارنا وأوطاننا و( يطلع فيها ) كسلع جديدة وبضائع حديثة غير معروفة. وكأنما لم تكن هي ذاتها في يوم من الأيام، إبّان قوّة المسلمين وبروز سلطانهم وانتشار سطوتهم؛ كانت قيم التسامح والرحمة والتعايش أحد أهم أسباب إعجاب ذوي الديانات والمعتقدات الأخرى بالإسلام، بل كانت هي البضاعة التي حملها المسلمون إلى مختلف بقاع الدنيا آنذاك، في شرق الدنيا وغربها، سواء قرب حدود الصين أو في أصقاع أوروبا أو مجاهيل أفريقيا، فكان دخولهم إلى الإسلام واعتناق أفواجهم شرعته لما رأوه من حسن تعامل وتسامح المسلمين.

اليوم باتت دعوات التسامح وشعارات مكافحة الإرهاب مقصورة ومحصورة ابتداء وانتهاء على المسلمين الذين صاروا بسبب ضعفهم بدون هيبة ومحلاًّ للتجرؤ عليهم في دينهم، والتعدّي عليهم حتى في بلدانهم، والتجاوز على سيادتهم رغم أن ذوي العقول والأفهام السليمة لايمكنهم أن يخطئون في التعرّف على مواطن الإرهاب ومصانعه الحقيقية ( وماكينته ) التي تورّد لنا القتل والمجازر، وآلته ومؤامراته وأدواته التي ترتكب أبشع صور الاعتداء على حق الحياة، وتذبح الأمان وتخنق الحريات وتستبيح الدماء دون رادع أو وازع .

مؤخراً؛ ضمن صور ووقائع (الإسلاموفوبيا ) التي تتزايد الآن في الغرب اضطهاداً وتضييقاً على المسلمين وتتكوّن لها أحزاب ومنظمات؛ أقدَم – مثلاً – أحد المصانع الأمريكية ( كارغيل )، وهو مصنع لتعبئة اللحوم على طرد حوالي (190) عاملاً وتسريحهم من وظائفهم بعد احتجاجهم على منعهم من أداء الصلاة التي هي أحد أهم الشعائر الدينية عند المسلمين، علماً بأن المصنع ذاته كان فيما مضى يسمح لهم بتأدية الصلاة في موقع خصصه لهم منذ العام 2009 قبل أن يغيّر سياسته في هذا الشأن.

كما تجري حالياً محاكمة في دعوى قضائية ضد شركة (جيت ستريم ) وهي شركة خدمات أرضية في مطار دنفر الأميركي تمارس التمييز ضد موظفاتها المسلمات بعدم السماح لهن بارتداء الحجاب، قامت بتسريح بعضهن وتخفيض ساعات العمل لبعضهن الآخر.

القصص والأحداث كثيرة التي تفضح هذه الممارسات وتكشف عن تزايد حجم العداء، شاهر ظاهر، دون مواراة أو خجل، ومع ذلك مطلوب منّا أن نعلن على الدوام أننا متسامحون متعايشون و… إلخ، من مفردات ستصبح أكثر فأكثر فاقدة لقيمتها في ظل الهجمة الشرسة على ديننا وبلداننا.

لنتصوّر؛ مجرّد تصوّر لو أن العكس هو الذي حصل، أي أن هذا المصنع في أحد بلداننا الإسلامية، وأن العمال الممنوعين من أداء شعائرهم الدينية مسيحيون .. تصوّروا ردّة الفعل وقارنوا ثم تذكروا القول المأثور "ما لجرْح بميت إيلام"

تحميل المزيد