لقد أصبحت الفيروسات اليوم جزءاً لا يتجزأ من حياتنا، فهي تصيبنا بألوان شتى من الأمراض منها ما يمضي بسلام ومنها ما يحصد ملايين البشر.
ولقد شاب مصطلح الفيروسات قدر كبير من الغموض، فالكثيرون منا يعتقدون أنها كائنات حية كالبكتريا والفطريات سواء بسواء وهي في الحقيقة على النقيض من ذلك فهي لا تمارس أفعالاً مستقلة وذاتية المنشأ والتي هي من أبرز سمات الكائن الحي وهي أيضاً تفتقر إلى البنية الأساسية للكائنات الحية ومن أهمها وجود جهاز خلوي يمكّنها من التكاثر، إن الفيروسات عبارة عن نماذج حرة من الأحماض النووية لا يمكنها التكاثر من تلقاء نفسها وبالتالي فهي في حاجه لغزو كائن حي حتى تتكاثر بداخله مختطفة خلاياه.
نتبين من هذا أن الفيروسات في حقيقتها لا تتعدى كونها جينوماً أي عبارة عن أحماض نووية معلبة، تقوم بعمل نسخ أخرى منها عن طريق الاعتماد على خلايا الكائنات الحية، ونظراً لطبيعة الفيروسات المستترة وعملها خلف ستار خفي فقد اعتقد القدماء أنها سم خفي يقتل البشر وهو ما دفع إلى إطلاق لفظة فيروس عليها وهي الكلمة التي تعني في اليونانية "ذيفان" أو "سم".
ونبدأ رحلتنا مع هذا العالم الفريد بفيروس كورونا Coronavirus والذي ذاع صيته مؤخراً وأصبح رفيقاً مزعجاً للبشرية بشكل موسمي
وفيروس كورونا هو واحد من زمرة الفيروسات الخطيرة التي تهاجم الجهازَ التنفسيّ، وتم اكتشافُها في ستينيّات القرن الماضي، وينتمي إلى مجموعةِ الفيروسات التاجيّة (الإكليلية) حيث تظهر تحت المجهر بصورة تاج من المخالب، وتسبّبُ بالعادة أعراضاً شبيهةً بالزكام، ثم لا تلبث أن تتطور إلى التهاب رئوي، وقد يتفاقم الأمر إلى إيقاف عمل الكليتين ولقد شهدت المملكة العربية السعودية بداية معرفتنا بهذا الفيروس القاتل.
وقد أثبتت الأبحاث الطبية بالمملكة في الأونة الأخيره علاقة شبه مؤكدة بين الإبل ونقل فيروس كورونا إلى الإنسان، وذلك على الرغم من عدم ظهور أعراضه على الإبل، إلا أن أضداد هذا الفيروس وجدت في دمها كما تم العثور على الفيروس نفسه لدى بعضها..
ينقلنا هذا الموضوع إلى أمر هام في ديننا الحنيف وهو ضرورة قراءة الإعجاز النبوي الشريف في متون الأحاديث وفق المتعارف عليه حديثاً وإعادة النظر في ما كتبه السلف بشأنها.
فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم النهي عن الصلاة في مبارك الإبل وذلك دوناً عن سائر الأنعام، والغريب هو قراءة القدماء لعلة هذا النهي وهي كونها تعمل عمل الشياطين!!، فهي كثيرة النفار والشرود فلا يأمن المصلي من أن تشوش عليه صلاته! فهل من المنطق هذا الطرح وإذا سلمنا به جدلاً فهل يأمن المصلي من شيطنة باقي الأنعام؟! وبالتالي فما جاء في صحيح مسلم عن جابر بن سمرة: أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ. قال: أأتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم فتوضأ من لحوم الإبل. قال: أأصلي في مرابض الغنم؟ قال: نعم. قال: أصلي في مبارك الإبل؟ قال: لا. واضح في النهي عن مخالطة الابل ولعل في العدوى بسبب الاختلاط بالإبل سبباً وجيهاً ومعجزاً في الوقت نفسه دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى اختصاصها بهذا النهي.
أياً كان الأمر فالعناية بالنظافة تعتبر استراتيجية أساسية في الوقاية من هذا الفيروس الذي لا علاج له ولا لقاح له حتى الآن وتتضمن الإجراءات الوقائية وجميعها متعلقة بالنظافة: المداومة على غسل اليدين جيداً بالماء والصابون، خصوصاً بعد السعال أو العطس وبعد استخدام دورات المياه وكذلك عند التعامل مع المصابين أو الأعراض المتعلقة بهم، وكذلك لبس الكمامة الواقية عند التعامل مع المرضى وفي الأماكن المكتظة والمزدحمة وتجنب ملامسة العينين والأنف والفم باليد مباشرة قدر المستطاع.. واستخدام المناديل عند السعال أو العطس وتغطية الفم والأنف بها.. بالإضافة إلى تجنب مخالطة الحيوانات المريضة خاصةً الإبل وتجنب شرب حليبها الطازج أو بولها، أو تناول لحومها غير المطهوة جيداً.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.