قبل أيام أُثير الحديث مجدداً عن نتائج تقرير تُخفيه رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، يتناول دور السعودية في تمويل المتطرفين بالمملكة المتحدة.
تصاعدت الانتقادات لماي من قِبل السياسيين البريطانيين، حول سبب التأخير في نشر التقرير الذي أعدته وزارة الداخلية، وإن كانت له علاقة بالصفقات التجارية والعلاقات الدبلوماسية مع السعودية، التي دأبت رئيسة الوزراء على تعميقها منذ تسلمها الرئاسة في يوليو/تموز 2016.
وفي الوقت نفسه، تتهم السعودية جارتها الخليجية قطر بدعم الإرهاب، وقطعت هي والإمارات والبحرين علاقاتها معها، في شهر يونيو/حزيران الماضي، وهو ما أشعل النقاشات في الأروقة السياسية البريطانية، حول ما إذا كان السعوديون أنفسهم يستحقون القدر الأكبر من اللوم، وفق ما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.
ونشر المركز البحثي المعروف باسم جمعية هنري جاكسون، الأربعاء 5 يوليو/تموز 2017، تقريراً سلَّط الضوء على هذه النقاشات، إذ يطرح جدلية بأنَّ "السعودية لعبت في الحقيقة دوراً استثنائياً مُهماً في دعم أشكال الإسلام المتطرف في الجامعات والمدارس الدينية البريطانية، وتضمن ذلك تدريب دُعاة بريطانيين يحرضون على العنف الجهادي".
وأضاف المركز: "السعودية أنفقت 67 مليار جنيه إسترليني على الأقل، أو نحو 87 مليار دولار أميركي، من أجل تحقيق هذه الأهداف في أنحاء العالم على مدار الأعوام الثلاثين الماضية".
وتضمنت النقاشات وفق ما ذكر المركز تداعيات التقرير على الصراع في الخليج، الذي يهدد بانقسامٍ في التحالف المدعوم من الغرب ضد مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
فيما ما زالت بريطانيا تترنح في إثر سلسلةٍ من الهجمات الإرهابية التي شهدتها في الأسابيع الماضية، منها تفجيرٌ انتحاري، في مايو/أيار، استهدف حفل المغنية آريانا غراندي في مانشستر، وهجومٌ آخر على جسر لندن ومحيطه.
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، في تقرير لها الثلاثاء، 4 يوليو/تموز 2017، أن بدء وزارة الداخلية بإعداد هذا التقرير كان بتكليف من رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون، منذ أكثر من عام.
ووافق حينها كاميرون وماي على الدراسة جزئياً بهدف الحصول على دعم حزب الديمقراطيين الأحرار، لتنفيذ ضرباتٍ جوية ضد تنظيم داعش في سوريا، ديسمبر/كانون الأول 2015.
واتهم الديمقراطيون الأحرار الأربعاء، 5 يوليو/تموز 2017، تيريزا ماي بتقديم الصفقات التجارية مع السعودية على صالح السلامة العامة، برفضها الإفصاح عن نتائج الدراسة.
وقال تيموثي فارون، رئيس حزب الديمقراطيين الأحرار، في بيانٍ له: "نسمع بانتظامٍ عن صفقات الأسلحة السعودية، أو زيارات الوزراء إلى الرياض من أجل تملُّق الأسرة الحاكمة، لكنَّ حكومتنا ترفض الإفراج عن تقريرٍ يحمل انتقاداتٍ واضحة للسعودية".
وأضاف أنَّ بريطانيا "تتعامل بارتياح مع واحدٍ من أكثر الأنظمة تطرفاً وقذارةً وقمعية في العالم. وكنا نظن أنَّ أمننا سيأتي في المقام الأول، لكن يبدو أنَّ الأمر ليس كذلك".
وقالت النائب عن حزب "الخضر" البريطاني كارولين لوكاس للغارديان: "إنه من الضروري معرفة ما إذا كان تأخير نشر التقرير مرتبطاً باحتمال انتقاده للسعودية".
وأضافت "من أجل هزيمة الإرهاب، من المهم أن يكون لدى السياسيين رؤية كاملة للحقائق، حتى لو كانت غير ملائمة للحكومة".
وأنكرت وزارة الداخلية البريطانية، إخفاء الحكومة نتائج التقرير تفادياً للإساءة إلى السعوديين أو إحراجهم. إلا أنَّ متحدثاً رسمياً رفض التعليق على نتائج الدراسة، وما إذا كانت تُشير إلى دورٍ سعودي في نشر التطرف.
وقالت وزارة الداخلية في بيانٍ إنَّ "الوزراء ينظرون في التوصيات بشأن ما يمكن وما لا يمكن نشره من التقرير، وسيُطلعون البرلمان على المستجدات في الوقت المناسب".
ولم ترُد السفارة السعودية في لندن على مكالمات الهاتف للتعليق على الأمر.
وقال زعيم الحزب الديمقراطي الليبرالي، تيم فارون للغارديان، إن البيان المكتوب أظهر أن السلطة هي بيد ماي لنشر التقرير، مضيفاً: "إن حجب هذا التقرير يُعد بمثابة فضيحة، والاستنتاج الوحيد الذي يمكن استخلاصه هو أنهم قلقون بشأن ما يحتويه".
وأضاف: "إننا نسمع باستمرار عن صفقات الأسلحة السعودية، أو زيارات الوزراء المتوجهين إلى الرياض وتملق الأسرة الملكية هناك، في حين ترفض حكومتنا إصدار تقرير ينتقد بوضوح السعودية. كنا نعتقد أن أمننا سيكون أكثر أهمية، لكن الأمر ليس كذلك على ما يبدو. يجب على تيريزا ماي أن تخجل من نفسها".