توقفت مساء الأحد المحادثات الجارية بين بعض كبار منتجي النفط في العالم حول اتفاق لتجميد الإنتاج، بعد أن أصرت المملكة العربية السعودية على ضم منافسها الإقليمي إيران ضمن الاتفاقية.
تقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، الإثنين 18 أبريل/نيسان 2016، طرح خمسة تساؤلات تتعلق بالاتفاقية، وتدور في أروقة المشاركين في سوق النفط.
إلى أي مدى سيظل سعر النفط في انهيار؟
قفزت أسعار النفط الخام بنسبة تتجاوز 40 % منذ منتصف فبراير/ شباط 2016 حينما أعلنت السعودية وروسيا وفنزويلا وقطر للمرة الأولى عن عزمها تجميد إنتاجها.
ورغم أن عوامل أخرى قد لعبت دوراً في تجاوز الأسعار حاجز 40 دولاراً للبرميل، فلا شك أن إمكانية انعقاد اتفاق عالمي حول النفط للمرة الأولى منذ 15 عاماً، كان بمثابة المحرك الرئيسي وراء ذلك.
ونتيجة لذلك، فمن الأرجح أن يكون هناك رد فعل سلبي على الأسعار عند فتح الأسواق اليوم الاثنين.
وقد أخبر المحللون في Citi عملاءهم يوم الجمعة 15 أبريل/نيسان 2016 بأن عليهم الاستعداد لحدوث انهيار حاد في سوق النفط في حالة انتهاء محادثات الدوحة دون أي اتفاق. ومن المحتمل أن يعود سعر برميل خام برنت إلى 40 دولاراً.
و تجدر الإشارة إلى أن اتفاق الدوحة لم يحد من الإمدادات العالمية – بل قام بتجميدها عند مستوى مرتفع، ووصل في بعض الحالات إلى معدلات قياسية.
وذكر محللون من شركة Energy Aspects الاستشارية ومقرها لندن، أن "تجميد الإنتاج فيما بين المنتجين الآخرين ما كان ليُحدث أي فارق على حد علمنا؛ وباستثناء السعودية، فإن روسيا وإيران هما الدولتان الوحيدتان، بين البلدان المشاركة في محادثات التجميد، القادرتان على زيادة الإنتاج هذا لعام".
وقد تجد الأسعار دعماً من الكويت حتى لو لم يكن كبيراً، حيث بدأ عمال النفط في الإضراب يوم الأحد. وسوف يزيد ذلك من تعطيل الإمدادات العالمية التي تبلغ نحو 2.8 مليون برميل يومياً، بحسب Energy Aspects.
لماذا غيرت السعودية سياستها؟
ربما يكون هذا هو السؤال الأكثر أهمية الذي يحتاج إلى إجابة.
رغم وجود رسائل متضاربة قبيل الاجتماع، كان كبار أعضاء وفود الأوبك على ثقة بأن المملكة سوف تدعم الاتفاق حتى في حالة عدم مشاركة إيران.
وقد ذُكر أن وزارة النفط والموارد المعدنية برئاسة علي النعيمي قد شاركت في صياغة المسودة الأولى للاتفاق التي تم توزيعها بين أعضاء الوفود بالدوحة يوم الأحد.
ومع ذلك، فهناك أمرٌ أدى إلى قيام المملكة بتشديد موقفها والإصرار على الحصول على دعم كافة أعضاء منظمة الأوبك للاتفاق، ومن بينهم إيران.
وربما يتواجد السبب ضمن تعليقات نائب ولي العهد محمد بن سلمان، الذي أخبر موقع Bloomberg الإلكتروني في الأسبوع الماضي، أن المملكة لن توقع على الاتفاق ما لم توقع إيران، مشيراً إلى أنه قرر عدم منح أي مساحة للمناورة من قبل منافس المملكة الإقليمي.
وذكر جيسون بوردوف من مركز سياسات الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا قائلاً "يذكرنا الإخفاق في التوصل إلى اتفاقية في الدوحة إلى أن المملكة لن تسدي أي صنيع لإيران الآن وأن الصراع الجغرافي السياسي الحالي لا يمكن عزله عن السياسة الحالية للنفط السعودي".
ويمكن في الواقع أن تكون هذه هي الحقيقة الناجمة عن الاجتماع – تزايد سلطة ونفوذ نائب ولي العهد البالغ من العمر 30 عاماً بشأن سياسات النفط.
ما علاقة ذلك بسياسة منظمة الأوبك؟
رغم أن اجتماع الأحد في الدوحة لم يكن اجتماعاً لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، إلا أنه يسلط الضوء على الانقسامات العميقة داخل منظمة الدول المنتجة – وخاصة العداوة بين السعودية وإيران التي عادت بعد سنوات من الخضوع للعقوبات وترغب في الحصول على حصتها من السوق.
وفي أعقاب اجتماع الأحد، ستناضل المنظمة من أجل إقناع السوق بإمكانية العمل الجماعي لإدارة الإمدادات. وقد لا يحظى ذلك بأي أهمية إذا ما أراد سوق النفط استعادة توازنه، حيث يؤدي تأثير انخفاض الأسعار إلى ارتفاع تكلفة الإنتاج. ومع ذلك، تثار التساؤلات حول مدى قوة وتأثير المنظمة.
كيف ستتعامل إيران مع النتائج؟
لم تسع إيران حتى إلى إرسال ممثل لحضور اجتماع الأحد وحافظت على موقفها الثابت قبيل بدء المحادثات. فلم تكن مستعدة لتجميد إنتاجها نظراً لخضوعها للعقوبات على مدار سنواتٍ تأثر خلالها إنتاجها وصادراتها. وحينما تصل إلى معدلات ما قبل فرض العقوبات وتستعيد حصتها بالسوق، يمكن لإيران أن تبدأ في التفكير في وضع حد أقصى للإنتاج.
ومن غير المحتمل أن تكون الآراء قد تغيرت في ضوء أحداث الأحد. فبينما قامت إيران بزيادة حجم إنتاجها وصادراتها، إلا أنها لم تصل إلى معدلات ما قبل فرض العقوبات بعد. وقد ارتفعت صادرات إيران من النفط الخام إلى 1.6 مليون برميل يومياً خلال شهر مارس/آذار وفقاً لتقديرات الوكالة الدولية للطاقة – بزيادة تبلغ 100 ألف برميل مقارنة بشهر فبراير/شباط. وكانت إيران تبيع نحو 2.2 مليون برميل من النفط الخام يومياً قبل تشديد العقوبات عليها في منتصف عام 2012.
ما هي الخطوات التالية؟
كان محمد بن صالح السدا وزير الطاقة القطري يشعر بالغضب الشديد خلال اجتماعات الأحد؛ وقد أخبر الصحفيين أن الضغوط كانت أقل للتوصل لاتفاق فوري نظراً لأن النفط كان "يتوجه في الاتجاه الصحيح".
وذكر قائلاً "نحتاج جميعاً إلى بعض الوقت لإجراء المزيد من المشاورات… من الآن وحتى اجتماع الأوبك خلال شهر يونيو/حزيران 2016".
وبينما تسعى الأطراف إلى إقامة جولة محادثات أخرى في وقت لاحق من العام، إلا أنه يبدو اقتراحاً قاسياً. ويشعر بعض المنتجين الحاضرين بخيبة الأمل جراء الإخفاق في التوصل لاتفاق نظراً لحجم الاتصالات والاستعدادات التي سبقت الاجتماع.
وأعرب وزير النفط الروسي ألكسندر نوفاك عن دهشته حينما قدّم بعض أعضاء الأوبك مطالب جديدة صباح الأحد 17 أبريل/نيسان 2016.
وفي حالة حدوث انهيار حاد في أسواق النفط اليوم الاثنين، فهل يرغب كبار المنتجين مثل روسيا في المخاطرة بحضور اجتماعات الدوحة مرة أخرى وسط العداوة القائمة بين عضوي المنظمة إيران والسعودية؟
ربما ينبغي أن ننتظر اجتماع الأوبك القادم في يونيو/حزيران لنرى ما سيحدث.
وقال جيمي وبستر، أحد المحللين المستقلين بقطاع النفط، "نظراً لإمكانية انخفاض سعر النفط، قد يتمنى بعض الوزراء لو أنهم لم يحضروا ذلك الاجتماع. فالبعض يرجو تحقيق بعض التقدم، وهي وجهة نظر تبدو خاطئة الآن".
-هذه المادة مترجمة بتصرف عن صحيفة Financial Times البريطانية. للاطلاع على النص الأصلي اضغط هنا.