يُحب البشر القمر، ويقرنونه بكل جميل، ويستخدمه الشعراء والأدباء للتغزل، فيشبهون الحسناء بـ"قمر 14".
وسواءً كنت حالماً، أو واقعياً، فعلى الأرجح في كلا الحالتين سيدهشك منظر قمر يوم الاثنين 14 نوفمبر/تشرين الثاني، كونه سيكون قمراً عملاقاً.
القمر العملاق، أو القمر العظيم (super moon)، وهو الاسم الذي أطلقه المُنجّم ريتشارد نول على هذه الظاهرة عام 1979، وهو اسم غير علمي على كل حال، إذ يُطلق عليه علماء الفلك، اسم "الاقتران القمري لنظام أرض- قمر- شمس".
أقرب وأكثر إشراقاً
يدور القمر حول الأرض في مدار بيضاوي الشكل وليس دائرياً، ما يعني أنه وأثناء دورته القمرية التي تستغرق 28 يوماً، يقترب أحياناً، ويبتعد أحياناً أخرى.
وتتراوح المسافة بين مركز القمر ومركز الأرض بين 357 ألف كيلومتر، و406 آلاف كم بحسب موقع القمر في مداره.
وفي ليلة 14 نوفمبر/تشرين الثاني، سيكون القمر في أقرب نقطة من الأرض في مداره، والتي يطلق عليها اسم (perigee)، ويصادف ذلك كونه بدراً مكتملاً، ما يجعله يظهر لنا أكبر حجماً بنسبة 14% من حجمه وهو في أبعد نقطة عن الأرض، كما سيكون أكثر إشراقاً بنسبة 30% منه وهو في أبعد نقطة في مداره كذلك.
حدث نادر
صحيح أن القمر يمر بهذه النقطة القريبة من الأرض كل دورة قمرية، وصحيح أنه تصادف كثيراً أن يكون في وضع البدر في هذه النقطة، ويشاهده الناس كبيراً متألقاً في السماء، وصحيح أيضاً أن ظاهرة القمر العملاق سبق وأن حدثت كثيراً في أعوام سابقة، بل وكان أقرب حدوث لها في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2016، ويُنتظر أن تتكرر مثلها في 14 ديسمبر/كانون الأول، إلا أن ظاهرة القمر العملاق المنتظرة في 14 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، ستكون الأكبر والأكثر وضوحاً منذ عام 1948، أي منذ ما يقرب من 70 عاماً، وذلك بحسب وكالة الفضاء الأميركية (ناسا).
ولا يُتوقع تكرار نفس هذا الحدث قبل عام 2034، لذلك يحوز قمر 14 نوفمبر/تشرين الثاني، على كل هذا الاهتمام.
وقد يتزامن حدوث القمر العملاق أحياناً مع حدوث خسوف كلي للقمر كما حدث في 27 و28سبتمبر/أيلول عام 2015 على سبيل المثال، وفي هذه الحالة يميل لون القمر إلى اللون النحاسي أو ما يعرف بـ (القمر الدامي).
لا تأمل كثيراً
يعتقد الدكتور چيم لاتيس، أستاذ تاريخ العلوم بجامعة ويسكونسن بالولايات المتحدة الأميركية، أنه من الجيد أن يهتم الناس بأمور الفلك، لكنه يخشى من أن تكون توقعاتهم أكبر مما سيشاهدونه بالفعل.
فالفارق بين القمر العملاق والبدر المعتاد لا يمكن ملاحظته عادةً، إلا إذا تمكنت من وضع أقمار مكتملة متعددة بجانبه، لتلاحظ أنه أكبر فعلًا، أما بالمشاهدة العادية فإنك بالتأكيد ستشاهد قمرًا كبيرًا، واضح الاستدارة، أكثر إشراقًا، لكنك قد لا تدرك الفارق الكبير إلا بتلك المقارنة.
غادر مكانك واذهب خلفه
وسط أضواء المدينة، وبناياتها شاهقة الارتفاع، قد لا يتسنى لك الاستمتاع بجمال وجلال المنظر الخلاب.
كل ما تحتاج إليه فقط، عيناك وسماء صافية من الغيوم والضباب، ومكان بعيد عن ضوضاء المدينة وأضوائها، ويُستحسن لو كان مرتفعاً؛ ليظهر لك القمر في أوج تألقه واستدارته.
ولأن القمر سيكون بدرًا في هذه الليلة، ما يجعله واضحًا جدًا، فيمكنك البدء في رؤيته من أول غروب الشمس، حيث يظهر القمر من جهة الشرق، ثم يواصل رحلته في السماء ليصل إلى منتصفها مع منتصف الليل، ثم يواصل باتجاه الغرب حتى يغيب.
ويتوقع فلكيون أن يشاهده سكان أميركا الشمالية والمناطق الواقعة إلى الشرق من خط التوقيت الدولي، بشكل أفضل، ليلة الأحد، 13 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، في حال كانت السماء صافية، بخاصة وأن الفارق في الحجم بين ليلة الأحد والاثنين ضئيل جداً.
هل نتوقع حدوث زلازل أو براكين
برغم الربط الشائع بين القمر العملاق، وبين حدوث كوارث مثل الهزات الأرضية، والبراكين والتسونامي، كما حدث في طوكيو عام ٢٠١١، إلا أنه ما من دليل علمي يثبت ذلك حتى الآن.
ويعتقد علماء الفلك أنه، رغم أن جاذبية القمر تؤثر على القشرة الأرضية، بالإضافة إلى تأثير القمر على البحار والمحيطات فيما يعرف بظاهرتي المد والجزر، لكن لا يمكن التأكيد على ارتباط حدوث الزلازل والبراكين بظاهرة القمر العملاق إلا إذا توافرت ظروف أخرى ساعدت على ذلك.
القمر وتقلباتنا المزاجية
ليس من المتوقع أن تتحول إلى ذئب في هذه الليلة بالطبع، هذا يحدث في الأساطير وأفلام الرعب فقط.
لكن بعض الدراسات والمشاهدات، التي حاولت البحث في أصل اعتقاد البعض بتغيّر أمزجتهم وطبيعة نومهم بحالة القمر وكونه بدرًا، خَلُصَت إلى أنه ما من دليل قاطع على علاقة القمر بحالتنا المزاجية والنفسية بشكل مباشر، وإن سُجلت بعض الملاحظات حول قِصرِ فترة النوم واضطرابه عند البعض عند اكتمال القمر.
على أية حال؛ فالقمر العملاق كأي ظاهرة مميزة ترتبط عند الكثيرين عادة بأساطير وحكايات بعضها يستند إلى شيء من العلم، وبعضها محض موروثات وخيال.
انسَ كل هذه الحكايات، ولا تفوِّت هذه الفرصة التي لن تتكرر قبل ١٦ عاماً.