عيدية السيد الرئيس

هنا - عزيزي القارئ - وبعد أن علمت طريقة عيشنا في مزرعة آل الأسد ,التي كانت تسمى ( دولة ) , فعليك أن لا تستغرب المشهد الذي يسبق كل عيد في كل سنة .

عربي بوست
تم النشر: 2016/09/12 الساعة 09:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/09/12 الساعة 09:59 بتوقيت غرينتش

15/3/2011
كل ما كنا نسمع به هو مصطلح ( السيد الرئيس ) الذي يستقبل ويودع , ويصدر المراسيم ويسن القوانين
كيف لا وهو القائد للدولة و المجتمع دستورياً , حسب نظام حزب البعث العربي الإشتراكي الذي ينص على أن الحزب هو القائد للدولة و( المجتمع )
وباعتبار السيد الرئيس هو الدولة التي ترعى شؤون ( الرعية ) فقد كان إعلامه لا يتورع بل ولا يخجل بالقول :
بمكرمة من السيد الرئيس تم رفع الرواتب
بمكرمة من السيد الرئيس تم اصدار عفو
بمكرمة من السيد الرئيس تم تخفيض مدة خدمة العلم
بمكرمة من السيد الرئيس تم تخصيص منافذ بيع جديدة للمؤسسات الإستهلاكية
باختصار كنّا نعيش بمكرماته علينا و بدا هذا واضحاً وجلياً عند أول صيحة ( حرية ) , حيث عمد السيد الرئيس إلى قطع كل مكرماته السابقة على المناطق التي طالبت بحقوقها باعتبارها ( حق لا مكرمة )
فقطع السيد الرئيس عليهم مكرمة الرواتب , ومكرمة الكهرباء , ومكرمة الماء , ومكرمة الانترنت, بل و ذهب معهم لأبعد من ذلك , فقطع عنهم المكرمة الأهم , المكرمة التي لا يصلح العيش بدونها , ألا وهي مكرمة الأمان الذي منحنا إياه السيد الرئيس
وهنا تجّلت بوضوح الدولة المنسوخة عن عقلية ضباط الجيش العربي السوري الذين كانو يملكون رقاب عساكرهم أثناء خدمتهم الإلزامية , فيقولون عبارتهم الشهيرة التي أصبح الشعب السوري كله يتداولها و بل و يقولها بلكنة السلطة :
( فيني عقدكن وفيني ريحكن ) وتعني ( أستطيع أن اتسبب لكم بعقد نفسية وأستطيع أن أريحكم من شرّي ) وطبعاً هذه الراحة منوطة بالطاعة , والطاعة تعني السعي للرضى, والسعي للرضى يعني الدفع ثمنها أي الرشوة
و بالمختصر يعني ( عليك ان تدفع الكثير ثمن الأمان الذي أستطيع أن انتزعه منك متى شئت وأحول حياتك إلى جحيم )
بأختصار أكثر ( أنا الشر والرعب , وأتكرم عليكم بالأمن والأمان , مقابل أن تعطوني الولاء وأشياء أخرى )
هنا – عزيزي القارئ – وبعد أن علمت طريقة عيشنا في مزرعة آل الأسد ,التي كانت تسمى ( دولة ) , فعليك أن لا تستغرب المشهد الذي يسبق كل عيد في كل سنة .
ففي وقفات العيد تحديداً من كل سنة ترى الناس شاخصة أبصارها ترقب أخبار الثامة مساء , ينتظرون خروج المذيعة بكتافياتها الإسفنجية مشرئبة , تخاطب الرعية دون وجل أو خجل قائلة :
بمكرمة من السيد الرئيس سيتم صرف عيدية لكل موضف , وقدرها ( كذا ) , وهذا ( الكذا ) يرجع لمدى رضى السيد الرئيس على الشعب ( الرعية )
وينتشر خبر العيدية كالنار في الهشيم , فترى الأخت تدخل على اخيها الموظف تصيح في وجهه ( أعطني البشارة ) فقد أعطاك الرئيس عيدية ( نصف مرتب على العيد )
ويعم الفرح في البلاد , وتنتعش الأسواق , وتكثر الكراميلا والراحة والفستق على موائد ضيافة الفقراء , كل ذلك بفضل كرم السيد الرئيس
ذات يوم سألني أخي الصغير وقد كان في التاسعة من عمره ( الرئيس شقده زنكيل لحتى معاه يوزع لكل الشعب عيديات )
ويقصد ( ما هي مقدار الأموال التي يمتلكها الرئيس حتى أنه يستطيع ان يعطي لكل الشعب عيديات دون أن تتاثر ماليته ! تماماَ كالكبار عندما يمنحون الأولاد الصغار عيديات فلا تتأثر ماليتهم بشيئ )
في الحقيقة لم امتلك جواباً , أكتفيت بهز رأسي , وأجبته : ( الرئيس هو أزنكل واحد بسوريا ) أي أن الرئيس هو أغنى رجل في البلاد.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد