قال إبراهيم فقي خبير التنمية البشرية: "الفشل يصيب الذين يقعدون دائماً وينتظرون النجاح أن يأتي". وبحسب قول فقي، يمكن لنا أن نتفهم أن النجاح يحتاج لجهد أكبر من اللازم، ويمكن لنا أن نبني ونرسم قاعدة بعقولنا، مفادها أن الذهاب والبحث عن النجاح شيء مهم جداً في حياة المرء.
وهذا شيء حقيقي وعقلاني، فمن غير الممكن أن يأتي النجاح لشخص ما، ما لم يعمل بجدية، والأهم من هذا كله، العمل بالأسباب فليس لكل الناس نجاح واحد؛ بل لكل إنسان نصيبه من النجاح، فمنهم من يحصل على نصيب مغذٍّ، ومنهم من يحصل على النجاح بـ"القطَّارة"، وأهم من نجحوا هم من يطيعون الله ورسوله، فقد قال تعالى: "وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً".
أحياناً، نبحث عن طريق النجاح الصحيح ثم نحاول استقطابها بأي وسيلة ممكنة. المشكلة أننا نزداد حزناً عندما نجد النجاح يفلت من بين أيدينا. تجول حينها على خواطرنا أفكار تشعرنا بأن محاولتنا باءت بالفشل وكأنها ضربة حظ، ونقتنع بالفشل من دون أن نفكر في أن لكل نجاح هدفاً. ذلك الهدف يجعل الشخص في أثناء تحقيقه يسير في طريق وعر.
ومن غير الممكن لأحد أن يفشل إلا في حال لم يحدد هدفاً مُنذ البداية، وكان يزرع في طريقه تخوفات وتعرجات، ما يجعل شياطين الفشل تسيطر عليه، فتتسلل إلى عقله أفكار لعينة، وموجات من أفكار سلبية تعارك موجات أخرى إيجابية، ويتضخم العراك فيتزلزل كيان الشخص، وينهدم ما بناه من تفاؤل منذ الطفولة، ويمشي الشخص في مسار خاطئ، ومن هنا يكون المسؤال عن نفسه، وهو من حدَّد مستقبله حسب رغباته لا من سواه، وكما قال ديفيد إمبروس: "لو كنت تملك الرغبة في النجاح فقد قطعت نصف الطريق نحو النجاح، ولو كنت لا تملك الرغبة في النجاح فقد قطعت نصف الطريق نحو الفشل".
لم تكن الأفكار الإيجابية سوى دافع قوي لذلك الشخص، يحثه على الصبر ويبعث له بريقاً من الأمل، ويشربه كأساً من العزيمة ويقيه من مرض اسمه الملل، فمن المهم المشي عليه لتنتهي من بعدها الموجات السلبية ويتقلد المرء أوسمة النجاح.
والمؤسف عندما يحدث العكس ويكون المرء مشتَّتاً فكرياً، يفكر بالفشل في أثناء مروره بالنجاح، ويرسخ بعقله فكرة اليأس وينهي التفائل في الوقت نفسه.
النجاح لا يحتاج سوى تفكير جيد وعقلاني يصنع قاعدة عند الشخص، وهي أن النجاح عبارة عن سلسلة من المغامرات لا يقطعها إلا ذوو الشجاعة المفْرطة. فلا يمكن للشخص أن يُكلَّل بالنجاح إذا شقَّ له مخيلتين؛ مخيلة الفشل وكذلك النجاح، ولابد للشخص أن يسلط تفكيره على محور فقط وليس على محورين؛ فعندما تعمل بمحورين حتماً سيكون تفكيرك في النجاح أو تفكيرك السلبي مهدَّداً بالسقوط أمام تفكيرك في الفشل.
إن لم تكن شجاعاً، وتعد إنسان رخواً فسيجعلك الإحباط والفشل شخصاً مريضاً نفسياً خرج عن سلوكياته، ويتحرك وفق مساراته السلبية، فعندما تنبهه بأن ذلك الشخص الصديق الحميم عدو لدود له يثبت ذلك القول، تقول له إنه إنسان فاشل فيثبت على ذلك، فيصنع الإنسان الأعداء من حوله ومن أصدقائه ومن كل حدب وجانب، ويخرج منه شخص سلبي عدو ذلك الشخص الإيجابي داخله، ويعيش في ضيق زنزانة يتنافر منها الظلام الدامس، ولا يجد من يوقظه من فكره العقيم، ومن تخيلاته الشيطانية، وييأس من هذه الحياة، ولا يطيق عيشته، فيتمنى لو لم يكن على الوجود، فيزداد بؤساً وفتوراً أكبر من ذي قبل.
يعود الإنسان من جديد ليدخل مرحلة التفكير في الوحدة، يتغير من شخص اجتماعي إلى شخص انطوائي، والانطوائي ليس بالضروري منعزلاً. وباعتقادي، إن الإنسان إذا وصل إلى مرحلة الانطواء يعتبر أنه غير نموذج كبير من حياته، نموذج كان أفضل تم تغييره إلى ما هو أسوأ، وسابقة لم يشهدها في حياته تغلبه في آن، كما أظن لن يلبث فترة وجيزة حتى يتغير إلى شخص منعزل عن الناس لا يطيق رؤية أحد، ومن هنا يقع الإنسان بنفسه في حياة الترف.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.