يتيمة الأبوين وليس لديها إخوة.. طفلٌ سعودي في العاشرة يصرُّ على التبرع بنخاع عظمه لأمه.. وهذا رأي الأطباء

عربي بوست
تم النشر: 2017/05/02 الساعة 09:47 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/05/02 الساعة 09:47 بتوقيت غرينتش

‏⁧ضرب الطفل سلطان الشمري الذي يبلغ من العمر 10 سنوات، ويدرس بالصف الثالث الابتدائي، أروع الأمثلة في بر الوالدين⁩، حين قرر التبرع لوالدته بجزء من نخاعه⁩ لإنهاء معاناتها مع سرطان الدم.

‏ورغم صغر سنه، فإن ذلك لم يُثنه عن التبرع لوالدته بعد أن تطابقت أنسجتهما، ويتخذ هذا القرار المصيري.

وسرطان الدم أو اللوكيميا، هو نوع من السرطانات يصيب خلايا الدم والأنسجة التي تنتج خلايا الدم مثل نخاع العظم.

في الشخص السليم، تنشأ خلايا الدم بنخاع العظم كخلايا جذعية وتنضج لاحقاً لتشكل أنواعاً مختلفة من خلايا الدم (خلايا دم حمراء أو خلايا دم بيضاء أو صفائح). لكن في الشخص الذي يعاني سرطان الدم، يبدأ نخاع العظم بإنتاج العديد من خلايا الدم البيضاء الشاذة التي تدخل إلى مجرى الدم وتبدأ بمزاحمة خلايا الدم الطبيعية السليمة، وتمنعها من القيام بوظائفها بالشكل الصحيح.



قرار بعد معاناة
قرار سلطان لم يكن بهذه السهولة، فقد سبقه كثير من الألم والدموع والأيام الصعبة التي كان يقضيها سراً بعيداً عن أعين إخوته ووالده.

"الطفل كان يدعو الله سراً وعلانيةً أن يشفي والدته ويخفف من معاناتها من مرض سرطان الدم الذي أنهكها ولم يعد مجدياً علاجها بالجرعات الكيماوية"، كما يقول فهد الشمري والد سلطان.

وأوضح فهد الشمري الذي يعمل في المجال الصحي، لـ"عربي بوست"، أن أم سلطان، وهي ربة منزل وأم لـ3 أطفال وتبلغ من العمر 28 عاماً، أُصيبت بمرض سرطان الدم منذ أكثر من عام وبدأت رحلة العلاج والعذاب.


ومع استمرار العلاج الكيماوي، قرر الأطباء أنه لم يعد مجدياً، وهي بحاجة لزراعة نخاع؛ حتى لا يعود المرض مجدداُ لها.

وخلافاً لأنواع السرطان الأخرى، فإن سرطان الدم لا يتكون من كتلة نسيجية صُلبة يستطيع الطبيب إستئصالها والتخلص منها بعملية جراحية. ولذلك، فإن علاج سرطان الدم معقد جداً.

عادةً ما يبدأ العلاج بالجلسات الكيماوية واستخدام بعض المثبطات، لكن في بعض الأحيان لا يكفي هذا العلاج؛ نتيجة انتشار المرض وكثرة عدد الخلايا الشاذة في مجرى الدم. هنا، يلجأ الأطباء إلى الخيار الأصعب وهو زرع النخاع.

لا بديل غير الزرع


وأشار الشمري إلى أنه تمت الموافقة على علاجها في الخارج بتوجيهات ملكية، ولكن "لم يتم إبلاغنا إلا في وقت متأخر، فنصحنا الأطباء بخطورة سفرها، ولا يوجد حل غير التبرع في الوقت الحالي؛ حتى لا يعود لها المرض مجدداً وتصاب بانتكاسة".

وقال الشمري إنهم دخلوا في دائرة الخوف والقلق؛ لكون المشفى اشترط أن يكون المتبرع من الدرجة الأولى، وأم سلطان يتيمة الأبوين وليس لديها إخوة وأخوات، و"كان هذا شيئاً محزناً لنا".

هنا، اقترح الأطباء إجراء الفحوصات على الأبناء؛ لعل أحدهم يكون متطابق الأنسجة معها.

وأوضح الشمري أن هذا القرار كان أصعب مما يتخيلون، فقد رفضت الأم في البداية خوفاً على أبنائها من آثار وخطورة العملية، "وسط كل هذا القلق والبحث مع الأطباء، كان سلطان قد قرر في نفسه أن يتبرع لوالدته دون خوف أو تردد. صارحني بكل قوة بأنه يرغب في أن ينقذ والدته، وكان شديد الدعاء بأن يكون هو من تتطابق أنسجته مع والدته".

قرار سلطان أصاب والدته بخوف على ابنها قبل أن تفكر في سلامتها، فرفضت لصغر سنه، رغم أن الأطباء شرحوا لها الأمور كافة، وأوضحوا أنه لن يكون هناك أي خطر صحي على سلطان، وأن الأمور ستجري بخير بإذن الله، كما أنه لا يوجد لديها أي فرصة أخرى للنجاة غير التبرع.

وخلافاً للانطباع السائد، فزراعة النخاع العظمي ليست عملية جراحية وتتم بطريقة مشابهة لعملية نقل الدم، ولكن مع احتمال أعلى في المضاعفات التي قد تكون خطيرة أحياناً. لكن في المعتاد لا تمثل أي تهديد لصحة المتبرع ولو كان طفلاً.

في النهاية، الجسم يقوم بتعويض كمية النخاع التي تم أخذها، تماماً مثل عملية التبرع بالدم.

وما بين الخوف على ولدها، والأمل في العودة إلى منزلها واحتضان أطفالها من جديد، عاشت أم سلطان أكثر الأيام خوفاً وأملاً، حتى وافقت على إجراء العملية، كما يقول والد سلطان.

ولفت فهد الشمري إلى أن سلطان تأثر كثيراً بمرض والدته ولوحظ عليه ذلك بشدة؛ لكثرة دعائه لها وتمنّيه علاجها في أقرب وقت، كما اعتبر تبرعه لها واجباً عليه؛ لما قدمته من أجله، و"الحمد لله، تمت العملية بنجاح وخرج سلطان من العملية بخير، والآن يتم تجهيز والدة سلطان لإجراء العملية".

يذكر أن عملية التبرع بنخاع العظام هي عملية تطوعية، لا يتعرض المتبرعون خلالها لأي ضغط للتسجيل. ورغم أن هذه العمليات منتشرة كثيراً حول العالم، خصوصاً فيما يتعلق بكون المتبرع طفلاً، فإنه لا يزال يوجد بعض الجدال الأخلاقي حول الأمر؛ لأن الطفل غالباً لا يمكنه استيعاب ما يقوم به.

و‏بعد تبرع سلطان، أنشأ مغردون هاشتاغ ⁧‫#طفل_يتبرع_لوالدته_بنخاعه⁩ ليثمنوا ما قام به من عمل إنساني نبيل، داعين له بالشفاء العاجل لوالدته.

تحميل المزيد