ما من طريقٍ عام أو سكةٍ حديديةٍ هنا. فهذه المنطقةُ النمساوية على الحدودِ مع المجر، لطالما كانت من المواقعِ الأكثرَ عزلةً والأشدَّ فقراً في البلاد. غير أنَّ هذا الواقعَ شهدَ تغييراً جذرياً خلالَ عقدَين من الزمن، منذ شرعتْ إحدى مدنِ المنطقة، غوسينغ، في الاستثمارِ بشكلٍ كبيرٍ في مصادرِ الطاقةِ المتجددة.
وقد تحوَّلت المدينةُ الى مركزٍ وطني لاستقطابِ الشركاتِ والباحثينَ المتخصصينَ في إيجادِ الحلولِ المراعيةِ للبيئة. وريتشارد، الذي وُلِدَ في هذهِ المدينة، اختارَ التخصُّصَ في هذا المجال.
وفي عام 2001 استحدث مهندسون مصنعاً بات يشكل رمزاً لهذه الثورة البيئية. ففي هذا المصنع تُنتَجُ الطاقةُ من خلال حرق النفاياتِ الخشبيةِ. وتشهدُ هذه التكنولوجيا رواجاً عالمياً، خصوصاً في كل من اليابان والهند.
وتضمُّ المنطقةُ حالياً حوالي 27 مركزاً لتوليد الطاقة المتجددة. وبالنسبة لراينهارد كوخ، وهو المهندسِ الذي يعودُ له الفضل في تنمية مدينة غوسينغ، لا يشكّل هذا الواقع نموذجاً اقتصادياً جديداً فحسب، بل هو نموذج لمجتمع جديدٍ أيضاً.
وتشير أحدث الدراسات إلى نجاح مدينة غوسينغ في إنتاج طاقةٍ بديلةٍ توفر 80% من انبعاثات الكربون، وهو ما يتخطى بكثير التزامات النمسا لعام 2020.
غير أنَّ سياسة المدينة تثير أيضاً بعض التحفظات، فانخفاضُ أسعارِ النفطِ جعل التزوُّدَ بالطاقةِ المراعيةِ للبيئة أكثرَ كلفةً على السكانِ.