الأطفال أيضاً يصابون بالاكتئاب.. الآباء سبب العدوى أحياناً

على الرغم من بهجة الطفولة وتوقّد الشباب المبكر، فلا تخلو حياة الأطفال والمراهقين من الأحزان والمآسي والأزمات والاهتزاز

عربي بوست
تم النشر: 2017/11/06 الساعة 02:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/11/06 الساعة 02:57 بتوقيت غرينتش

الاكتئاب -بطبيعة الحال- نادر الوجود عند الأطفال، وتزداد احتمالية حدوثه مع تقدمهم في العمر ودخولهم حلبة الصراع مع المراهقة، خاصة الإناث منهم، لكن من الملاحظ أن حالات الاكتئاب عند الأطفال صارت في زماننا هذا متزايدة ومتسارعة.

بين الحزن والاكتئاب!


على الرغم من بهجة الطفولة وتوقّد الشباب المبكر، فلا تخلو حياة الأطفال والمراهقين من الأحزان والمآسي والأزمات والاهتزاز، لا يمكن أن نسمّي هذا اكتئاباً (مَرضياً).

أعراض الاكتئاب


الاكتئاب هو شبكة منسوجة من عدة أعراض مؤلمة، تقيّد فريستها عن الحياة الإنسانية الطبيعية التي كانت تعيشها قبل ذلك، فمن ذلك:

– العجز عن السعادة والاستمتاع بما كان مبهجاً البارحة.

– سيطرة الحزن والخمول على المريض فترات طويلة غير معتادة.

– الانفصال عن الآخرين، والرغبة في الانزواء، والعزوف عن مخالطة الناس حتى أقرب الأصدقاء أحياناً، فقد يرفض الذهاب إلى المدرسة أو الحفلات أو اللعب مع أصحابه.

– تشوّش الذهن، وضعف التركيز، وكثرة السرحان.

– سهولة الغضب، والحساسية الزائدة.

– فقد الثقة بالنفس، والمبالغة في الشعور بالرفض.

– اضطرابات الشهية والنوم في بعض الحالات.

– وقد يصاحب ذلك آلام وأعراض جسدية لا تستجيب للعلاج المعتاد، وذلك لكونها نفسية المنشأ.

– مع المراهقة: تزداد وتيرة الشعور بالذنب وجَلد الذات، وفقدان الأمل!

ليس من الضروري أن تجتمع كل هذه الأعراض بتلك الصورة، فالأطفال تحت سن الثامنة لا تظهر عندهم أعراض الاكتئاب واضحة تماماً، ويمكن كذلك أن تكون حزناً طبيعياً لموقف ما يستمر بضعة أيام يسيرة، لكن استمرار هذه الأعراض أكثر من أسبوعين وبشكل دائم على مدار اليوم، يرجّح أن أمامنا مريضَ اكتئابٍ يحتاج إلى مساعدة أكثر من المعتاد.

لماذا؟ أسباب إصابة أبنائنا بالاكتئاب



أولاً: العدوى في محيط الأسرة ليست قاصرة على الإنفلونزا وأدوار البرد! الاكتئاب ليس بعيداً عن هذا، ترتفع احتمالية الإصابة بالاكتئاب بشكل ملحوظ عند أبناء المصابين به.

ثانياً: النقطة السابقة تلفت انتباهنا عموماً إلى دور الممارسات الأسرية غير السويّة كسبب هام من أسباب إصابة الأطفال بالاكتئاب، وهذا من أهم الأسباب في مجتمعنا.

ثالثاً: الصدمات النفسية أيضاً والحوادث شديدة الوقع لها دور كبير في حالتنا هذه، كموت أحد الوالدين أو الإخوة أو أحد المقربين، أو فقدانهم والانفصال عنهم بشكل حاد. من الطبيعي أن يلي ذلك حالة ممتدة من الحزن والانزواء، لكن استمرار ذلك أكثر من شهرين ووجود ردود فعل غير معتادة ليس طبيعياً بالتأكيد.

رابعاً: هناك حالات خاصة كذلك ينبغي أن نكون معها أكثر انتباهاً، كوجود أمراض طويلة المدى تعيق الطفل عن حياته الطبيعية، كالشلل والصمم أو أنواع من التشوهات، ونحو ذلك.

هل الأمر يستحق الاهتمام؟


للأسف! هناك نزعة مادية طاغية علينا، نرى من خلالها أجساد أبنائنا أهم من أرواحهم، تأوّهاتهم الجسمية أخطر من صرخاتهم النفسية، مظاهرهم مقدمة على مشاعرهم وإنسانيتهم.. هذا قد يدفع بعض الآباء إلى الاستهانة بهذا النمط من الأمراض أو معالجته بصورة عاجلة خاطئة مندفعة.

الاكتئاب يُضعف مقاومة النفس ويضر بسلامتها العامة ويُسهّل الوقوع في حبال أمراض نفسية أخرى، وهذا يظهر في أكثر من 50% من حالات الاكتئاب عند الأطفال والمراهقين.

الاكتئاب كذلك يمنع من النشأة السوية للطفل، من تنمية مهاراته وروحه، وصناعة الصداقات والروابط، وهذا يعني شخصية مهتزة مشوهة.

الاكتئاب أيضاً يغرس في نفوس المراهقين بالأخص ميولاً انتحارية تنمو شيئاً فشيئاً، ثم قد تصبح واقعاً.

الاستهانة بالاكتئاب عند الأطفال قد تجعله زائراً دائماً ولو بعد الكبر.

ماذا إذن؟! التعامل مع الاكتئاب



– مبدئياً، مريض الاكتئاب يحتاج إلى المزيد من العناية الخاصة، يحتاج إلى احترامنا لمشاعره وتخلينا عن محاولات الضغط المستمرة لإخراجه من أحزانه رغماً عنه!

– يحتاج منّا إلى أذن أحسن استماعاً، وإلى لسانٍ أقل كلاماً، وإلى عقلٍ أكثر تفهماً، وإلى قلب نابض يشعر بآلامه وإن كنّا نراها ليست بهذه الدرجة، فنجتهد في الاستماع إليه من دون امتعاض أو مقاطعة أو لوم، ونأخذ مشاكله ومشاعره على محمل الجد قليلاً.

– يحتاج منّا إلى أن نحميه من مخاوفه وأسباب قلقه وانهزامه واهتزاز ثقته بنفسه، وهذا يحتاج منّا إلى أن نجتهد في فهمها والبحث عنها أولاً، ثم بذل الوسع في علاجها.

– يحتاج العائلة، كما ينبغي أن تكون، فإن من أهم أساليب علاج الاكتئاب عند الأطفال خصوصاً هو العلاج الأُسري Family Therapy وإن لم تكن العائلة هي السبب في المرض، ويحتاج أيضاً تعاون المدرسة إن كان هذا الخيار متاحاً، فينبغي -قدر الإمكان- أن يتعاون الأفراد المحيطون بالمريض على فهم مشكلته وأسبابها، واستكشاف أسباب قلقه وخوفه وحزنه، ثم توفير الدعم النفسي المناسب له.

– أخيراً، قد يحتاج في الحالات المَرضيّة المستعصية لاصطحابه إلى الطبيب النفسي.

علامات:
تحميل المزيد