إعصار هارفي وفيضانات هيوستن: على نفسها جنت براقش

إن المتابع لوسائل الإعلام، المسموعة منها والمرئية، غالباً ما يلاحظ انكبابها الشديد على تغطية تطورات نزاعات دول الشرق الأوسط الداخلية والخارجية، إضافة إلى التوتر المتصاعد بين دول آسيا، وتحديداً بين الكوريتين.

عربي بوست
تم النشر: 2017/09/05 الساعة 03:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2017/09/05 الساعة 03:14 بتوقيت غرينتش

إن المتابع لوسائل الإعلام، المسموعة منها والمرئية، غالباً ما يلاحظ انكبابها الشديد على تغطية تطورات نزاعات دول الشرق الأوسط الداخلية والخارجية، إضافة إلى التوتر المتصاعد بين دول آسيا، وتحديداً بين الكوريتين.

وريثما يتابع السياسيون والمحللون والإعلاميون العرب بانتباه شديد هذه التطورات، إلا أنهم جلّهم يتعاطون مع مسألة الاحتباس الحراري بشكل سطحي (في غالب الأحيان)، رغم أنها يجب أن تكون في قلب اهتماماتهم.

ولمزيد استيعاب خطورة هذا الخطر الذي يتهدد سكان الكرة الأرضية جميعاً، إليك عزيزي القارئ خمس ظواهر سُجلت هذه السنة تجعل من مسألة انبعاثات الغازات الدفيئة من أولى أولوياتك:

– درجة حرارة غير مسبوقة:

سجل القرن الواحد والعشرون درجات حرارة غير مسبوقة منذ سنة 1880 (تاريخ بدء عملية التوثيق)؛ إذ سجلت سنة 2016 أعلى معدل زيادة في درجات الحرارة (0.99 سلسيوس) للسنة الثالثة على التوالي.

– ذوبان ثلوج المحيط المتجمد الشمالي والكتل الثلجية الضخمة:

شهد حجم هذه الكتل الثلجية تراجعاً سنوياً يتراوح بين 3.5 و 4.1 بالمائة منذ سنة 1979 إلى حد كتابة هذه الكلمات.
وتتمثل أهمية وجود هذه الكتل أساساً في المحافظة على برودة المناطق القطبية وتعديل درجة حرارة كوكبنا.

– معدل ارتفاع غير مسبوق لمستويات سطح البحر منذ 2000 سنة:

لسنا نتحدث هنا عن ظاهرتي المد والجزر الطبيعيتين والمرتبطتين بجاذبية الشمس والقمر، بل بارتفاع مستوى سطح البحر المطَّرد كنتيجة لذوبان هذه الكتل الثلجية بمعدل سنوي يبلغ 3.4 مم. وبالتالي، ستتعرض العديد من المدن المتاخمة للبحار بصفة جدية إلى خطر الفيضانات والغرق.

– أزمة لاجئين عالمية:

لا نعني بها مسؤولية المليون لاجئ ونيف التي يتنصل منها أغلب قادة الدول الغربية، بل ستشمل كافة سكان دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؛ إذ يقدر العلماء أن تبلغ معدلات درجات الحرارة 50 درجة خلال الأيام شديدة الحرارة مع ارتفاع في عدد موجات الحرارة يبلغ عشرة أضعاف ما هو عليه اليوم.

– تضاعف عدد الفيضانات العالمية:

يوشك عدد الأشخاص المعرضين لخطر الفيضانات أن يقفز من 21 مليوناً إلى 54 مليوناً سنة 2030، مما سيتسبب في خسائر بقيمة إجمالية تتجاوز 440 مليار دولار.

وشاءت الأقدار أن تشهد فترة حكم الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الذي تعهد بالانسحاب من اتفاقية المناخ بباريس وألغى العديد من الأوامر المتعلقة بالبيئة والطاقات البديلة التي أعدها سلفه باراك أوباما، إعصاراً مدمراً ضرب ولاية تكساس التي تعد من كبار مصدري الوقود الأحفوري ويعد سكانها من أشد مناهضي التشريعات المتعلقة بالمناخ. وقد بلغت حصيلة هذا الإعصار الذي تسبب في هطول كمية أمطار غير مسبوقة منذ إعصار تشارلي سنة 2014 إلى حد غرة سبتمبر/أيلول 43 شخصاً وفقاً لوكالة أسوشيتد برس.

ومن المفارقات أن أكثر منشآت متضررة هي منصات تكرير البترول؛ حيث أغلقت ثلاثاً منها في هذه الولاية التي تحتوي على ثلث مصافي الولايات المتحدة الأميركية، مما أدى إلى ارتفاع جنوني في أسعار المحروقات، فقد قفز سعر الغالون إلى قرابة 2.14 دولار للغالون، أي بزيادة قدرها 13.5 بالمائة، أي بأكثر من الثلث بالمقارنة مع ما قبل الإعصار.

ويقول الخبراء إن التغير المناخي لم يتسبب في هذا الإعصار أو غيره بصفة مباشرة، إلا أنه يجعل من إمكانية حدوث أعاصير كهذه أكثر حدوثاً.

ويأتي هذا الإعصار في أميركا الشمالية عقب موجة حر شديدة لقّبت بـ"الشيطان" شهدتها أوروبا في شهر أغسطس/آب المنقضي.
وبلغت درجة الحرارة في بعض المدن الأوروبية 41 درجة بروما و42 درجة بدوبروفنيك، مما أسفر عن العديد من الوفيات بين السكان والسائحين.

عزيزي المتابع.. إن كنت ما زلت غير مقتنع أو مهتم بهذه المعلومات، فاعلم أنه لن يصبح بمقدورك إتمام أحد أركان الحج ألا وهو الوقوف بعرفة.

ففي برنامج السلطة الخامسة على قناة دويتشه فيله، أفاد المذيع المصري يسري فودة بأن درجة الحرارة في العالم العربي ارتفعت بنسبة 50 بالمائة أسرع من أي منطقة أخرى حول العالم. فستشتد درجة الحرارة في المملكة العربية السعودية بحلول عام 2030 إلى حد يتجاوز طاقة تحمّل البشر.

كما ذكر الإعلامي المصري أن هناك 290 مليون عربي مهددون بالعطش خلال العقود القادمة.

وبالتالي، إن كنا نرغب في مواصلة العيش على كوكبنا، يتحتّم علينا العمل على مجابهة هذه الكوارث عبر الحد من التلوث واستخدام مصادر طاقة صديقة للبيئة، وخصوصاً العمل على توعية المقربين منا بخطورة هذه الظاهرة باعتبارها تمثل كارثة على الإنسانية جمعاء تتجاوز بمراحل ما حدث في اليابان وأوكرانيا (مفاعل تشيرنوبيل) التي ما زالت آثارها تطاردنا إلى اليوم.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد