أعرب لبنان، اليوم السبت 26 مايو/أيار 2018 عن قلقه من تداعيات قانون جديد أصدره رئيس النظام، بشار الأسد، ويهدف إلى إعادة بناء المناطق المدمرة بسبب الحرب الدائرة منذ أكثر من سبع سنوات، لكنه يفسح المجال أمام مصادرة منازل الملايين، وقالت بيروت إن القانون يعيق عودة الكثير من اللاجئين السوريين لبلادهم.
وكتب وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل في خطاب لنظيره السوري وليد المعلم، قائلاً إن شروط القانون 10 قد تجعل من الصعب على اللاجئين إثبات ملكيتهم للعقارات وبالتالي تثبط البعض عن العودة لسوريا.
ودخل القانون حيز التنفيذ الشهر الماضي فيما كان الجيش على وشك سحق آخر جيوب المعارضة المسلحة قرب دمشق، بما عزز قبضة الأسد على كل غرب سوريا تقريباً.
ويسمح القانون بإثبات ملكية العقارات في المناطق المُختارة لإعادة البناء والمطالبة بتعويضات. لكن جماعات إغاثة تقول إن الفوضى التي تسببت فيها الحرب تعني أن قلة فقط سيتمكنون من فعل ذلك في الفترة الزمنية المتاحة.
وعبر باسيل، الذي تستضيف بلاده أكثر من مليون لاجئ سوري، عن قلقه من محدودية الفترة الزمنية المتاحة للاجئين لإثبات ملكيتهم لمنازلهم، حيث حدد قانون الأسد مهلة شهر لأصحاب المنازل كي يثبتوا ملكيتهم.
وقال باسيل في الخطاب وفقاً لبيان أصدرته وزارة الخارجية إن "عدم قدر النازحين عملياً على الإدلاء بما يثبت ملكيتهم خلال المهلة المعطاة، قد يتسبب بخسارتهم لملكياتهم وشعورهم بفقدان الهوية الوطنية ما يؤدي إلى حرمانهم من أحد الحوافز الرئيسية لعودتهم إلى سوريا".
وأرسل باسيل خطاباً مماثلاً للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش يدعو فيه للعمل على حماية حقوق اللاجئين السوريين في الحفاظ على ممتلكاتهم.
وتكرر تصريحات باسيل ذات المخاوف التي عبر عنها رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري الأسبوع الماضي، والذي قال إن القانون يقول لآلاف الأسر السورية أن تبقى في لبنان من خلال تهديدهم بمصادرة أملاكهم.
القلق يصل لأوروبا
ولم يكن لبنان الدولة الوحيدة التي أقلقها قرار الأسد، فقد وصلت المخاوف إلى أوروبا التي تستضيف أعداداً كبيرة من اللاجئين السوريين، الذين إذا ما فقدوا منازلهم فإن عودتهم من تلك البلدان تصبح أمراً صعباً للغاية.
وحذرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من التداعيات الخطيرة للقرار، وخلال لقائها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يوم 18 مايو/أيار الجاري، طالبته ميركل بالضغط على الأسد لمنعه من مصادرة منازل السوريين، بحسب ما ذكره موقع DW.
وأشار الموقع الألماني إلى أن ميركل ناقشت مع بوتين في لقاء استمر ساعة القانون رقم 10 الذي وافق عليه الأسد، ووصفت ميركل القانون بأنه "سيكون عائقاً كبيراً للعودة" في إشارة إلى اللاجئين السوريين في ألمانيا.
وكان الأسد، قد أصدر المرسوم رقم 10 في الأول من شهر نيسان/أبريل الماضي، وتضمن إحداث مناطق سكنية جديدة، وتنص المادة الثانية منه على وضع مهلة شهر واحد لإثبات ملكيات المالكين لعقاراتهم.
مشكلة في توقيت إصدار القانون
وما إن انتشر القانون، حتى حذَّرت شخصياتٌ حقوقية معارضة للنظام من آثاره، فتحدَّث الحقوقي البارز ميشال شماس على فيسبوك قائلاً، إن القانون "يفتح الباب على مصراعيه أمام تغيير ديمغرافي وتشريع مصادرة ممتلكات ملايين المهجرين والنازحين". يهدف بشكل أساسي إلى "منع عودة النازحين والمهجَّرين واللاجئين إلى بيوتهم"، على حد وصفه.
واعتبر المحامي المعروف بدفاعه عن المعتقلين السياسيين لدى النظام السوري، أنه لو صدر هذا القانون قبل 10 سنوات، لما كان أثار أية مشكلة باستثناء بعض الملاحظات على عدد من المواد التي تحتاج إلى تعديل، مضيفاً أن ما يثير الريبة والشبهة والشك، وسوء النية لدى من أصدر هذا القانون، هو إصداره وتطبيقه في هذا التوقيت بالذات، حيث تعيش البلاد أزمة طاحنة لا يعرف حتى الآن كيف ستنتهي وإلى أي مدى ستصل إليه"، وأن إصدار وتطبيق قوانين مثل هذه تحتاج إلى أجواء هادئة ومستقرة، وعودة جميع المهجرين إلى بيوتهم ومناطقهم.
وفسَّر شماس القانون بأنه يطلب من المالكين الحضور أمام لجنة وإبراز مستنداتهم، مشيراً إلى إمكانية عدم تمكن الكثير من السوريين أو أقاربهم من الحضور أو التقدم بالمستندات، بسبب الملاحقة الأمنية، موضحاً أنه في حال توكيل شخص مُهجر لمحامٍ بالحضور عنه، فإن الوكالة الخارجية تتطلب تصديق الجهات الأمنية.
وبيَّن أن الفقرة "ب" من المادة 2 من هذا القانون، تنصُّ على حضور أحد الأقارب حتى الدرجة الرابعة، أو بوكالة مِن صاحب الحق، منبهاً إلى أنه في ظلِّ وجوب الحضور خلال مدة معينة، ووجود مناطق لا يتواجد فيها أحد من السكان، ستكون قيود السجل العقاري فقط هي المعتمدة، ما يطرح إمكانية سقوط أسماء سهواً أو قصداً، على حد تقديره.
ورأى سوريون أن القانون الجديد يحمل محاولةً لتغيير ديمغرافي، وتجريداً لملايين من اللاجئين المطلوبين أمنياً من أملاكهم، فيما انتقد آخرون توقيت صدور القانون، لكنهم دعوا إلى عدم المبالغة في تصوير تداعياته وتأثيره، في حين أن الحكومة السورية تنفي أن يؤدي القرار إلى مصادرة المنازل.