قرأتُ في الصحف الأمريكية الصادرة في بحر الأسبوع الحالي، خبراً مفاده أنَّ هناك فريق عمل سيقوم بمتابعة كل هو ما من شأنه أن يؤثر على البيئة والإنسان في عمومية الولايات، وتمكين ذلك يتطلب تحضير فريق متكامل قوامه أعداداً ليست بالقليلة لمكافحة ما يمكن أن يعوّق البيئة، أو يعرّضها لأخطار محدقة مسبقاً!.
طبيعي، أنَّ القائمين على العمل في الولايات المتحدة، يضعون في حسبانهم وجود أجسام غريبة وشاذّة، قد تسبب في نشر الأمراض والأوبئة على أهلها والمقيمين على أراضيها.
لاشك أنَّ هذا الإجراء الاحترازي، والتصدّي له، وحساب الوقت والزمن قبل الوقوع في مطبّه، يعني مامدى حرصهم الشديد على متابعة هذه المعالجات، وان كانت طارئة، ووضع كل الإمكانات حيال التصدي لواقع طالما يقفون على كل صغيرة وكبيرة فيه، وأياً كان تواجدها، سواء في ولاية بعينها، أو مدينة ما، وان كان ذلك يشتمل على قرية صغيرة، وحتى في حال كانت خطورته ضئيلة جداً، لكن حرصهم الشديد، ودقتهم في هذا المجال يدفعنا أن نقول: لماذا لاتحذوا بلداننا العربية حذوهم، وعلى الرغم من إمكاناتنا المتواضعة، نظل جديرون بمكافحتها وبهمّة عمّالنا ومهندسينا، في حال عملنا بروح الفريق الواحد، وكان الهدف هو إبعاد شبح الخطر عن البيئة والإنسان أولاً؟!
سمعت من بعض المواطنين العرب الأمريكان، والذي صار له مايزيد عن الـ خمسة عشر عاماً، متزوجاً في بلاد العم سام من أخت عربية، أنَّ مشكلة الطلاق لدى أخوتنا العرب في الولايات المتحدة أخذت تتفاقم وتستشري وبصورةٍ مرعبة، واتخاذ القرار في هذه المسألة الحساسة، فيه الكثير من الاستسهال، بالنسبة لهم، ولايمكن أن تفرّق، وللأسف، بين وجود أطفال من عدمه!
الصديق الذي نقل إليّ مشكلته، يوجد الكثير غيره، سبق وأن وقع بنفس المأساة, تصوروا أنَّ الحماة، والدة الزوجة، وبدلاً من أن يكون وجودها محضر خير، كما يُقال في عرفنا العربي، نجدها هنا، هي من تساعد في تأجيج المعضلة وتأليبها، واختلاق الكثير من المبررات حتى تصل إلى درجة لايمكن معها حلّها، بل وتتفاقم إلى أن تصل إلى درجة حاسمة، وهي الركض وبسرعة بإنهاء إجراءات الطلاق، برغم وجود أطفال بعمر الورود.
بالتأكيد، دور العم، والد الزوجة، المحترمة، لايقدم ولا يؤخر مادام أن الزوجة، الحماة، صاحبة القرار في هذه المسألة، وليس من حق الزوج التدخل بتاتاً، وان كلفهم ذلك دفع مبالغ كثيرة.
هذه المشكلة، وكما قلنا، واجهها صديقنا الشاب، والمغلوب على أمره، بحيرة، واستغراب كبيرين، ولا يعرف إلى من يلجأ بعد أن أوصدت أمامه كافة اﻷبواب، فالحل الأسلم هو اللجوء لدور المحاكم، وإنهاء هذه المشكلة التي لازالت معلّقة، ومنذ نحو أربع سنوات، والمشكلة الأعظم أنه لم يُسمح له برؤية أطفاله، أو اللقاء بهم طوال الفترة التي قضاها بعيد فيها عن زوجته وأولاده.
ولدى سؤال الصديق صاحب المشكلة، قال: "تصوّر أن كل ما في الأمر أنني وزوجتي كنا نعيش في جو أسري يغلب عليه طابع المحبّة والتعاون والاحترام، إلاّ أنّه، ولمجرد أنني اضطررت إلى أخذ من حسابها الخاص مبلغاً زهيداً من المال، فهذا لم يرق لوالدتها، ووالدها الذي واجهني بوابل من الكلمات النابية لم أتحملها، مما اضطرني إلى مغادرة بيتي، ولأكثر من تسعين يوماً، وبعد عودة المياه إلى مجاريها، عادت المشكلة لتطفو على السطح من جديد، وهأنذا اليوم، ما زلت أعاني البعد عن أطفالي، فلذة كبدي، وبيتي، وهذا لم يكفهم بل إن زوجتي ألحّت على بيع سيارتي الخاصة، رغم أنها مسجلة باسمي الشخصي، وبمعرفة أخيها المحامي الذي دبّر كل شيء، وهذا الدافع كلّه من أجل حبّهم للمال، برغم ثرائهم الفاحش، على حساب الأطفال الذين حرمنا منهم، وموقف حماتي التي هي من خطط لذلك، ونترك الانتقام لله وحده القادر الوحيد على إنصافي".
***
شاهدت أنَّ البعض من الأمريكان، سواء، وفي حال حاول أحدهم أن يتقدم لشراء غرض ما، أو يقوم بفعل معين في موقع العمل الذي تعمل فيه، تراه يحاول استدراجك إلى نقطة معينة، خاصة وإذا لم تكن قادراً على إيصال الفكرة إليه، بصورةٍ متكاملة.
فإذا أراد أن يطلب منك حاجة ما، أو نوع معين، وعلم بأنك غير قادر على استيعاب مايريده، لأنك غير متمكن من اللغة، فهو يبادر على تفسير طلبه، وبتركيز، ولا يكتفي بذلك، بل هو من يدلك عليه، ويحاول أن يمّيز بين ما يريده ويبحث عنه، وبين ما تحاول أن تقدمه أنت له، وفي النهاية يشير لك على طلبه، وبكل تواضع، والهدف أن تتعلم وتتجاوز خطأك.
هذه الصورة تكررت معي، وفي أكثر من مكان، وإذا أردت زيارة محال التسوّق الشهيرة في الولايات المتحدة، ومثالها: "وول مارت"، و"كيمرت"، و "وول غرين"، و"ويندكسي"، و"هم ديبو"، وغيرها من المحال الراقية والضخمة جداً، وحتى المحال التجارية الصغيرة الحجم، فانَّ التعاطي مع العاملين فيها فيه الكثير من الرقي والاحترام، والود، وإذا حاولت أن تسأل أحدهم عن طلبك، ولمجرد الإشارة، فانّه يترك مابيده ويستجيب لك، وبكل تواضع.
فالعمل، له احترامه وقدسيته، ومواعيده الدقيقة. والمواطن الأمريكي، يظل فيه من الشهامة العربية التي نتغنى بها نحن، وان كان ذلك في حدود ضيّقة جداً، وهذا، لايمكن أن يُقاس بعالمنا العربي، وغالبية أهله، الذين لازالوا يحفظون هذا الود، وان غلبت عليهم مفاهيم جديدة لم تعد لها قيمة، أو معنى في معتقدهم ومفهومهم.
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.