الطبقة العاملة من البيض خلف دونالد ترامب، والأقليات والنساء خلف هيلاري كلينتون؟ قد لا يكون هذا التعميم دقيقاً، حيث إن استطلاعات الرأي عند خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع وإفادات جمعتها وكالة "فرانس برس" تظهر واقعاً مغايراً مع خطوط انقسام تذكر بتلك التي سادت حملة بريكست.
هل فعلاً حقق ترامب فوزاً كبيراً بسبب دعم الرجال البيض من الطبقات العاملة له؟
ما أظهره تحليل استطلاعات الرأي عند خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع الذي أجرته شبكة "اي بي سي"، أن ترامب فاز فعلا إلى حد كبير بفضل أصوات شريحة الرجال غير الحائزين إجازات جامعية. لكن قاعدته الناخبة أوسع من ذلك بكثير.
فقد تمكن قطب العقارات الأميركي من الحصول على تأييد الناخبين البيض بشكل عام، ونال نفس الهامش (+20 نقطة) الذي حققه الجمهوري ميت رومني في 2012 بحسب معهد بيو للتحليل.
وهذه القاعدة الناخبة أيدت بشدة موقفه الغاضب تجاه الطبقة السياسية على غرار الدكتور رولاندو شوما سييو من ضاحية وايت بلاينز الثرية في ولاية نيويورك، الذي قال لوكالة "فرانس برس": "كلينتون تأتي من المؤسسة السياسية، هي الحكومة القديمة نفسها، لم نعد بحاجة لهذا الأمر".
هل حققت كلينتون فعلياً الفوز لدى النساء؟
كان يعتقد أن التجاوزات العديدة التي ارتكبها ترامب والفضيحة التي سببها شريط فيديو يعود لعام 2005 تحدث فيه بابتذال عن طريقة التحرش جنسياً بالنساء، ستؤدي إلى تراجع موقعه. وإذا كانت هيلاري كلينتون فازت فعلياً بغالبية أصوات النساء (54% مقابل 42% لدونالد ترامب) فإن الفارق لم يكن أكبر بكثير مما حققه باراك أوباما في 2008 و2012.
وقال سام إبرامز أستاذ العلوم السياسية في معهد سارة لورانس: "ليس فقط لم تستفد هيلاري كلينتون من موجة تأييد نسائية، وإنما لم يواجه ترامب عقبة كبرى بسبب سلوكه حيال النساء. لقد تبين أن النساء لم يتراجعن بكثافة عن تأييده".
من جهتها قالت جاين ويلر، المنحدرة من مدينة لوبوك في تكساس: "لقد تحدثنا كثيراً عن النساء، وأنا لا أوافق على موقف ترامب في هذا المجال. لكن قلقي الأساسي كان الاستقرار الاقتصادي، وترامب هو الشخص القادر على توفيره لنا".
ماذا حصل مع أقليتَيْ السود والمنحدرين من أصول لاتينية الذين كانوا أبرز ورقة في أيدي كلينتون؟
لقد فازت وزيرة الخارجية السابقة فعلاً بغالبية ساحقة من أصوات هاتين المجموعتين، مع فارق 80 نقطة لصالحها لدى السود. لكنها لا تزال بعيدة عن الأرقام القياسية التي حققها باراك أوباما في 2008 (91 نقطة) و2012 (87 نقطة) بحسب معهد التحاليل "بيو"، أو الحماسة التي أثارها أول رئيس أسود.
وحطم المنحدرون من أصول لاتينية أرقاماً قياسية بنسبة المشاركة. ورغم التصريحات المسيئة في بعض الأحيان التي أدلى بها ترامب بحق المكسيكيين فإن حوالي 30% من المنحدرين من أصول لاتينية صوتوا له، أي أعلى بنقطتين مما ناله ميت رومني في 2012 وهي نتيجة "مفاجئة" أو حتى "مثيرة للصدمة"، بحسب ما قال ديفيد كوهن الأستاذ في جامعة اكرون (أوهايو)، الذي أكد في الوقت نفسه صعوبة تحليل أصوات المنحدرين من أصول لاتينية بسبب تنوعهم الواسع.
هل كان هناك فارق بين المدن والأرياف؟
أظهرت استطلاعات الرأي عند خروج الناخبين من مكاتب الاقتراع أن كلينتون حققت أفضل أداء في المناطق المدنية الكبرى، مثل فيلادلفيا وأتلانتا فيما صوتت المناطق الأقل مدنية في هاتين الولايتين بكثافة لصالح ترامب.
وقال سام إبرامز "يشبه الأمر بعض الشيء ما حصل أثناء بريكست"، في إشارة إلى قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي. وأوضح "هناك عالم خارج السواحل الشرقية والغربية لا يريد أحد أن يوليه اهتماما. إنه الانقسام الواضح بين المدينة والريف، وقد تجلى أكثر من أي وقت مضى".
وأضاف: "هذا لا يعني انقساماً بين المناطق الريفية البيضاء والمدن الأكثر اختلاطاً، لأن المناطق الريفية متنوعة أيضاً إثنيا، إنه اقتصاد الخدمات والمعرفة الذي تحولنا إليه، الوظائف التي تؤمن رواتب عالية هي في المدن الكبرى، وبالنسبة إليهم الصعود الاجتماعي ينجح".
في المقابل وفي المناطق الأقل مدنية، يواجه المواطنون صعوبة كبرى مالياً ويشعرون باستياء نجح ترامب في استثماره.
كيف صوت الشباب؟
لم تصوت هذه الشريحة بكثافة. ورغم أنهم صوتوا بغالبيتهم لكلينتون بحسب معهد "بيو" فإن الفارق هنا كان أقل مقارنة مع النسبة التي حققها أوباما في 2012.
وقال سام إبرامز إن أوباما أثار حماسة كبرى لدى الشباب، لكن كثيرين اعتبروا أن النتائج لم تكن بحجم التوقعات. مضيفاً: "بالتالي فإن كثيرين أيدوا بيرني ساندرز (منافس كلينتون في الانتخابات التمهيدية للديمقراطيين) الذي اختفى من السباق. وحين يتوقف الشباب عن الالتزام بشيء ما، نعلم جيداً أنه من الصعب إعادتهم إليه".
وقالت كاي جيمس التي جاءت من جورجيا للدراسة في جامعة نيويورك إنها صوتت للمرة الأولى الثلاثاء، لصالح هيلاري كلينتون.
وأضافت صباح الأربعاء: "كنت متحمسة جداً، والآن أشعر بالهول من فكرة أن يقود شخص يعلن عنصريته ويناهض النساء بلداً حراً".