الفن البَصَري وانتقاد المصممين

توجيه النقد للمصمم أو صاحب العمل هو أحد أكبر الأخطاء التي قد تدمر العلاقات المهنية، وتتسبب في تحفظ المصممين وتحسسهم ضد الانتقاد. من احترامك للمصمم أن يتم فصل العمل أو المنتج عن صاحب العمل عند توجيه الانتقاد، حتى لو كان العمل يمسُّك ويعنيك شخصياً.

عربي بوست
تم النشر: 2016/07/09 الساعة 06:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/07/09 الساعة 06:44 بتوقيت غرينتش

الفن أو الفنون هي نتاج إبداعي إنساني، وتعتبر لوناً من الثقافة الإنسانية، لأنها تعبيرٌ عن الذاتية، وليس تعبيراً عن حاجة الإنسان لمتطلبات حياته، رغم أن بعض العلماء يعتبرون الفن ضرورة حياتية للإنسان كالماء والطعام.

ويُعتبرُ الفنُّ نتاجاً إبداعياً للإنسان، حيث يشكّل فيه الموادَّ لتعبّـر عن فكره، أو يترجم أحاسيسه، أو ما يراه من صور، وأشكال يجسدها في أعماله.

فالفن البصري في أبسط مفهوم له هو الصورة الفنية بشكلها البصري وهو تيار في الفنون التشكيلية في الفن الحديث تم تسميته بالأوب آرت Op Art (اختصاراً للفن البصري) ويظهر فيما سمّي بـ"تحريضات بصرية تجريدية" أي الأعمال التي تثير عند المشاهد رد فعل نفسي- فيزيولوجي، باستعمال الفنان رسوماً ذات تأثيرات متموجة تثير العين وتحيرها؛ لتوحي بحركة تقوم على مبدأ خداع البصر اعتماداً على تداخل الأشكال الهندسيّة والتي تكون عادة بالأبيض والأسود.

علينا أن ندرك جيداً أن التصميم كغيره من الفنون البصرية فهو فن تواصلي بحت، من الناس إلى الناس وهدفه إيصال رسالة لهم وبالتالي من الطبيعي أن ننتقد ونناقش ونفند مانراه. الحساسية الزائدة عند المصممين بخصوص تصاميمهم تضر ولاتنفع. أتفهم أيضاً الارتباط العاطفي بين المصمم وعمله الذي يدفعه للدفاع عنه بكل حماس واعتباره أحد أبنائه. سألخص أدناه بعض النقاط الأساسية التي تساعد في علاقة انتقادية صحية بين المصمم والجمهور.

قبل كل شيء كن لطيفاً.. لكن صادقاً:

النقد الجيد للتصميم يتضمن النواحي الإيجابية والسلبية وليس السلبية فق، الأمر الذي يعتبر تحدياً وممارسة لحد الإتقان. علمياً يُطلق على هذا النوع من النقد "طريقة الساندوتش" لكونه يشمل النوعين من النقد. هو أيضاً كالساندوتش بحيث يتطلب أن يبدأ النقد بذكر الجوانب الإيجابية "الخبزة" ثم السلبية "الحشو" ثم يختتم بالإيجابية مرة أخرى "الخبزة". هذه الطريقة تخفف من وقع الجوانب السلبية وتُظهر صاحب الانتقاد كعين خبير وليس ناقداً يتصيد الأخطاء فقط.

من الجيد أيضاً أن يكون انتقاد الجوانب السلبية على شكل أسئلة تساعد المصمم على إيجاد المشكلة والتفكير بها بشكل آخر أو حتى تقديم مقترح مناسب.
مثلاً بدلاً من قول "الشعار غير جميل والخط سيئ وشكله تقليدي"، اجعلها
"أعجبني حفاظك على الشكل التقليدي لكن الخطوط غير مناسبة.. ربما يساعدنا البحث عن خيارات خطوط أخرى وتجربتها".

وثانياً انتقد التصميم.. وليس المصمم
توجيه النقد للمصمم أو صاحب العمل هو أحد أكبر الأخطاء التي قد تدمر العلاقات المهنية، وتتسبب في تحفظ المصممين وتحسسهم ضد الانتقاد. من احترامك للمصمم أن يتم فصل العمل أو المنتج عن صاحب العمل عند توجيه الانتقاد، حتى لو كان العمل يمسُّك ويعنيك شخصياً. من الطرق الجيدة لفعل ذلك هو التخفيف من استخدام كلمات شخصية موجهة مباشرة للمصمم وجعلها موجهة للعمل نفسه. مثلاً بدلاً من قول "الطريقة التي مزجت بها الخطوط غير مناسبة" اجعلها "الطريقة التي تمتزج بها الخطوط غير مناسبة".

لعل أكبر مشكلة نواجهها -نحن المصممين- من خلال عملنا في المجال الإبداعي هو كون نتاج عملنا مزيج فني ويخضع بشكل كبير للذوق الشخصي. قد تصلك انتقادات أو ملاحظات من النوع الفارغ الذي لا يضيف قيمة لك كتجربة ولا لتطوير التصميم على غرار "لم يعجبني لكن لا أعرف لماذا؟"، "غير جميل"، "تصميم سيئ"، "أحتاجه يكون جذاباً أكثر" وغيرها.. هذه الانتقادات كلها غير مجدية لأنها غير محددة ولا تبين بالضبط ما هو السبب الذي جعلها لم تعجبك أو ما هو الأمر الذي يحتاج لتطوير. وللأسف المصممين لم يتطوروا ذهنياً لدرجة قراءة الأفكار بدون أن تخبرهم بها ونعم ما زالوا بحاجة للإرشاد لتقديم حل يناسبك.

الأهم من أن لا يعجبك تصميم معين هو لماذا لم يعجبك.
كما ذكرنا سابقاً، التصميم مجال تواصلي يعتمد على توصيل رسالة معينة لجمهور مستهدف. لذلك من المهم جداً وضع ذلك في الاعتبار عند توجيه الانتقاد للتصميم.
بمعنى أن لا نحكم على التصميم إلا من خلال النظر من منظور الفئة المستهدفة والتفكير بشخصياتهم وتفاعلهم مع التصميم. ولعلنا هنا نتطرق للحديث عن المقارنات التي قد تحصل مع مشاريع أخرى والتي قد تسيء للعمل أكثر مما تنفعه. مقارنتك للتصميم مع تصميم آخر مع تجاهل الفئة المستهدفة واحتياجها أمر يفرغ التصميم من مضمونه العميق ومحتواه ويجعله أشبه بديكور يتم تركيبه بشكل سطحي وطفيف.

وأخيراً لنتذكر أن الهدف من الانتقاد هو البناء والتطوير وليس الهدم والسخرية.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد