في الانتخابات البرلمانية المصرية لم ينجح الحاج سعيد البمباوي..
كان هذا خبرا محبطا لكثيرين على الإنترنت من متابعي قصة الصعود لسياسي كبير يدعمه أوباما وبوتين ومشاهير الرياضة والفن العالميين، فكيف خسر الرجل وكيف انحسر عدد المصوتين له إلى 1286 فحسب، وهو رقم أقل كثيرا من محبيه المتابعين على شبكة الإنترنت؟! والأهم من ذلك، هل خسر الرجل فعلا؟!.
للإجابة على سؤال الخسارة، هناك أحد احتمالين:
– فإما أن الحاج البمباوي كان ساذجا بدرجة كافية ليظن أن النجاح على الفيس بوك كفيل بأن يقنع أبناء قريته بالتصويت له في انتخابات تواترت الأقوال فيها عن عمليات شراء أصوات.
– وإما أنه كان ذكيا بدرجة كافية ليخوض حملة انتخابية استمرت عاما لم ينفق خلالها -حسب تصريحاته- أكثر من بضع لافتات انتخابية لا تتجاوز أصابع اليدين، كان يقوم بتثبيتها في الشوارع بنفسه.. لم ينجح البمباوي في الانتخابات ولكنه نجح في فهم معادلة الشهرة في مصر التي تقوم على السخرية من الحالة وابتذالها، ونجح في وضع قدميه على أول طريق الشهرة.
من هو البمباوي؟
ولمن لا يعرف البمباوي، فهو الفلاح المصري من محافظة المنوفية والحاصل على شهادة صناعية متوسطة، والموظف الحكومي البسيط، في العام 2014 أعلن أنه سيخوض الانتخابات البرلمانية، وأنشأ لهذا الغرض صفحة على فيس بوك، ولكن الانتخابات تأخرت عاما كاملا، وحملته استمرت دون توقف.
عندما فتح باب الانتخابات، اختار البمباوي رمز التلفزيون، فحسبما يقول كان قد ظهر في عدة برامج فضائية واشتهر بين أهل قريته بلقب "رجل التلفزيون".
البمباوي ومشاهير العالم
ليس للبمباوي سقف في خياله، فعلى صفحته تراه مع الملكة إليزابيث يتجولان في الحدائق الملكية البريطانية، تمسك بيده وتطمئنه أنه سينجح إن لم يكن في الجولة الأولى ففي الإعادة.
الحاج سمير البمباوى رجل التلفزيون ورمز التلفزيونفردى مستقل رقم 26الحملة الشعبية للترويج لانتخاب الحاج سمير البمباوى فى الخارج فى انتخابات مجلس النواب يوم 21و22 نوفمبر الجارى.
Posted by سمير البمباوى on Sunday, November 15, 2015
أوباما وزوجته يعانيان عادة من ملاحقة الراغبين في التقاط الصور معهم، ولكن السيدة الأولى تمكنت من الفرار منهم لتتفرغ لملاحقة البمباوي لتلتقط صورة معه رفقة أوباما.
الحاج سمير البمباوى مرشح مجلس النواب فردى مستقل دائرة مركز شبين الكوم رمز التلفزيون رقم 26
Posted by سمير البمباوى on Wednesday, November 18, 2015
بوتين التقاه أيضا، ولكن البمباوي وبخه لدعايته السوداء ضد مصر بعد سقوط طائرة الركاب فوق سيناء.
#لا_لإدعاءات_روسيا#وقفة_مع_بوتين#كلنا_فداءً_لمصر#كلنا_مع_الرئيس_السيسى
Posted by سمير البمباوى on Tuesday, November 17, 2015
أما مارك زوكربيرغ فعقد سلسلة اجتماعات سرية مع فريقه في فيس بوك للبحث عن طريقة لاستيعاب الإقبال المتزايد على صفحة البمباوي الشخصية.
#صوتنا_للبمباوىالحاج سمير البمباوى مرشح مجلس النواب فردى مستقل دائرة مركز شبين الكوم رمز التلفزيون رقم 26
Posted by سمير البمباوى on Wednesday, November 18, 2015
وإلى ما لا نهاية يلتقي البمباوي بمشاهير مصريين وعالميين يدعون الناس للتصويت له أو يهاجمون منافسيه الذين مزقوا لوحاته الدعائية القليلة، من هؤلاء ميسي، وشاكيرا، والإعلاميين المصريين وائل الإبراشي، وتوفيق عكاشة، وريهام سعيد، ومعتز الدمرداش.
في لقاء صحفي مصور، قال الرجل إن متطوعين يعدون له هذه الصور باستخدام الفوتوشوب وأنها وجدها وسيلة جيدة لزيادة شعبيته بإمكاناته البسيطة التي لا تكافئ إمكانات منافسيه من رجال الأعمال ولافتاته القليلة الفقيرة التي يثبتها في الشوارع بنفسه فيمزقونها.
لم يذهب أحد
في نهاية المطاف، لم يذهب واحد من هؤلاء المشاهير للانتخابات، وبقي البمباوي وحده يواجه أهل قريته الصغيرة الذين لا يستخدمون الفيس بوك، وكانت المنافسة غير متكافئة مع مرشحين من رجال الأعمال وضعوا لافتات أكثر، ودفعوا أموالا لتحريك الناخبين -هكذا يقولون-.
على شبكة الإنترنت، كانت القلوب متوترة، والدقائق تمضي ببطء وكل فترة من الزمن يترك أحدهم سؤالا على الصفحة: هل نجح الحاج سعيد البمباوي أو حتى دخل إلى جولة الإعادة؟ والحاج لم يتأخر في الرد: لقد أعلن خسارته وبروح رياضية تقبل النتيجة ووعد جمهوره بالاستمرار قريبا منهم.
ليس مؤكدا أن يكون البرلمان المصري قد خسر كثيرا بعدم نجاح البمباوي، فما كان غائبا عن الصفحة في النهاية هو البرنامج، إذ لا أحد يعلم على وجه التحديد ما الذي كان البمباوي يخطط لتنفيذه، وبمنطق المقارنات فإن منافسيه لم يعلنوا أيضا برامجهم ولا مبررات ترشحهم.. ما الفارق إذن بين الخاسر والفائز؟
هل خسر البمباوي حقا؟!
ولكن السؤال الأهم من "كيف خسر البمباوي؟" هو السؤال "هل حقا خسر البمباوي؟
والإجابة في الأغلب لصالحه:
– لقد أدار صفحة فيس بوك ناجحة، وسيواصل إدارتها في الأغلب.
– ونجح في لفت انتباه الناس خارج دائرته الصغيرة وأصبح أكثر متابعي صفحته من الصحفيين والمؤثرين.
– ونجح أكثر من أي مرشح آخر في لفت انتباه الصحافة مصرية وعالمية، ومثلما وصل المطرب الشعبي المصري للعالمية بلقاء على CNN حسبما قال، فقد وصل البمباوي إلى العالمية بلقاء على قناة أمريكية أخرى هي "الحرّة".
– والشهرة والطرافة تعني المال في مصر، والمال يعني النفوذ، ويمكن قريبا أن يكون الحاج البمباوي صاحب برنامج سياسي ساخر على قناة مصرية أو عربية.. أو ضيفا متكررا عليها في أحسن الأحوال. وقتها قد يصبح دخوله إلى البرلمان مجرد مسألة وقت لأن الوصول مضمون لمن يملك أسباب النجاح: الشهرة، المال، النفوذ.