أصدرت محكمة بلجيكية، حُكماً بالسجن شهرين على المُمثل الكوميدي الفرنسي المُثير للجدل ديودونيه، الذي دأب على استخدام تحية مشابهة لتحية هتلر ضمن عروضه الكوميدية، بتهمة "التحريض وإثارة مشاعر الكراهية والعنصرية من خلال تفوّهه بكلام مُعادٍ للسامية خلال تقديمه عرضاً في بلجيكا سنة 2012".
ديودونيه وبعد صدور الحكم الأربعاء 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، قال على حسابه على تويتر ساخراً: "ديودونيه في السجن؟ اهدأ.. أنا أحضر فيديو".
Dieudonné en prison !? Calme-toi ! Je prépare une vidéo ! @PurepeopleRU @NonStopPeople @lemondefr @fleurpellerin pic.twitter.com/9h48AMguyX
— Dieudonné Officiel (@MbalaDieudo) November 26, 2015
وكانت قد وُجهت إلى المُمثل الكوميدي ذات التُّهم في فرنسا أيضاً في يناير/كانون الثاني الماضي، وتم تغريمه مبلغ 9000 يورو، رغم أنه ينفي معاداته للسامية، ويعتبر ما يقدمه مجرد "فن ساخر".
وكان ديودونيه قد زار طهران في عهد الرئيس السابق محمود أحمدي نجاد وقدم له تمثال "الكوينيلي الذهبي"
وفرضت محكمة مدينة "لييج" غرامة مالية قيمتها 9000 يورو على ديودونيه أيضاً، الذي لم يحضر الجلسة، كما قضت بنشر كامل الحُكم الذي صدر بحق الممثل الكوميدي بالتفصيل، على حسابه الشخصي، في صحيفتين بلجيكيتين رئيسيتين.
وأصدرت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، في وقت سابق من هذا الشهر، حكماً آخر ضد ديودونيه، قالت فيه إن "حرية التعبير لا تعني أن تتضمن عروضه العنصرية ومعاداة السامية"، وذلك رداً على الطعن الذي تقدم به بخصوص الغرامة المالية التي فرضتها عليه محكمة فرنسية.
وحسب "فورين بوليسي"، فقد اتهم المُدعي العام البلجيكي الممثل الفرنسي في الدعوى بأن "العرض تضمن الكثير من التعبيرات المُسيئة، والافتراء، بشكل يُثير الاشمئزاز والغثيان"، وأن "مضمون ما عرضه المُمثل الكوميدي عبارة عن دعوة إلى تنفيذ مجزرة، حيث يدعو المسيحيين والمُسلمين إلى قتل اليهود"، بحسب عريضة الدعوى.
وخلال أحد عروضه الفنية تطرق ديودونيه إلى الكارثة النازية، وقال إن هتلر لم يكن سوى "مُتبجح مغمور"، وشكك في وجود غرف الغاز ومحرقة اليهود.
"أنا شارلي كوليبالي"
وسبق أن اعتقلت أجهزة الأمن الفرنسية، في 14 يناير/كانون الثاني 2015، الكوميدي الساخر "ديودونيه مبالا"، الكاميروني الأصل، على خلفية تدوينة ساخرة له بعد قتل رسامي مجلة "شارل إيبدو" التي نشرت رسوماً مسيئة للمسلمين، قائلاً: "أشعر وكأنني شارلي كوليبالي"، في إشارة إلى صحيفة "شارلي إيبدو"، وإلى الشاب أميدي كوليبالي المالي الأصل، الذي قتلته الشرطة الفرنسية بعد تنفيذه عملية احتجاز 5 رهائن بمتجر في باريس، وقتل 4 منهم مساندة منه للأخوين اللذين هاجما المجلة وقتلا 12 شخصاً داخلها وخارجها.
وعلى الفور قامت الشرطة باعتقال الكوميدي ديودونيه ووجّهت له تهم "معاداة السامية وتبرير الإرهاب"، رغم أنه شارك في "مسيرة الجمهورية" التي نُظمت بالعاصمة الفرنسية تنديداً بالإرهاب ودفاعاً عن حرية التعبير، ورفع خلالها شعار "أنا شارلي".
ويقول نشطاء فرنسيون إن السبب وراء حبس الممثل الكوميدي الساخر والتحقيق معه يرجع بالأساس لسخريته من المحرقة النازية لليهود ونفيه لها في وقت سابق، ما جعل معظم مسارح فرنسا تغلق أبوابها العام الماضي في وجهه استجابة لقرار من الحكومة التي تتهمه بـ"معاداة السامية" وإهانة اليهود والسخرية من "المحرقة النازية".
وبسبب مواقفه، أصدر وزير الداخلية الفرنسي مانويل فالس عام 2013 قراراً رسمياً بـ"منع التجمعات الجماهيرية التي يكون ديودونيه طرفاً فيها"، ما يعني منع عروض الممثل الأسود المسرحية والسينمائية.
ويعود قرار وزير الداخلية، حينئذ بحسب مجلة "لاكسبرس" الفرنسية، إلى حركة اخترعها الممثل تشبه التحية الهتلرية بشكل معكوس، والتي يتعمد أداءها كلما سنحت الفرصة.
ما تحية "كينال"؟
ورغم أن التحية التي يؤديها ديودونيه غير جديدة، وكانت السبب في سجنه وتغريمه، وتعود إلى أحد العروض المسرحية في 2009، وسبق أن استعملها المفكر آلان سوريل، بمناسبة ترشحه لانتخابات البرلمان في 2009، إلا أن هذه التحية أدت لرفع قضايا عديدة ضد الكوميدي الفرنسي.
ويعود السبب في الغضب عليه أيضاً إلى انتشار هذه الحركة التي يؤديها بين قطاعات واسعة من المجتمع الفرنسي، حيث أصبحت الحركة المعروفة بـ"كينال" أو Quenelle بمثابة "نداء الحرب لكلّ الحركات العنصرية في فرنسا"، على حدّ قول الجهات المناهضة له.
واللافت أنه كلما اشتدت الحملة ضد الممثل الساخر، تزايدت شعبية الحركة أو التحية التي أداها، بين الشباب الفرنسيين، خاصة بين المهاجرين والمهمشين، حتى تزايدت شعبية عروض الممثل رغم منع عدد منها بأمر القضاء، فضلاً عن الحملات الإعلامية التي تشنها عدة صحف وقنوات تلفزيونية على الممثل الذي قرر بدوره مقاضاة عدد منها، وفي طليعتها "لوموند"، و"فرانس 2" و"بي إف إم تي في"، وأيضاً وزير الداخلية مانويل فالس.