حلب والتصريحات الأربعة الأخطر

التصريحات التي أعنيها يحتاجها أيضاً أقوام كُثُر، بعضهم مغفلون أو متغافلون عن حقيقة ما وراء هذه المذابح والمجازر، ومنهم (سذَّج) يصعب عليهم الفهم والاستيعاب، ومنهم بليدون -من البلادة- لا تؤثر فيهم الأحداث، ولا يشعرون بجسامتها وخطرها، ومنهم من يتجاسر على الحقيقة ويأبى إلا ممارسة الخداع والتضليل وصرف الأنظار عن ماهية ما يجري حولنا.

عربي بوست
تم النشر: 2016/12/29 الساعة 03:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/12/29 الساعة 03:00 بتوقيت غرينتش

ما إن سقطت حلب الشهباء حتى طالعتنا مختلف وسائل الإعلام بتصريحات وتحليلات ملأت الآفاق، بعضها يستنكر وأخرى تندِّد، وبعضها مصدوم من هول المجازر التي ارتكبت فيها، وآخرون يقارنونها بحروب الإبادة التي حصلت عبر التاريخ. وهذا بالإضافة إلى التقارير والأخبار والصور التي تنقل ما حدث هناك (حلب) من مأساة إنسانية وجريمة تفوق بشاعتها حدَّ الوصف الإعلامي رغم ما توفره (الميديا) اليوم من تقنيات وإمكانات تتيح للمتفرجين أن يعيشوا الحدث.

وبالمناسبة؛ فإن المتفرجين كُثُر، تقريباً هم كل الشعوب الإسلامية، أو للدقة هم كل المحيطين ببلاد الشام. وربما من المناسب أن يضع هؤلاء المتفرجون مجهرهم ويوجهوا (فوكسهم) نحو أربعة تصريحات من ضمن الكمِّ الكبير من التصريحات التي صدرت بعد سقوط حلب. وأتمنى من مراكز ودوائر القرار في بلدان عالمنا الإسلامي كلِّها أن تضع هذه التصريحات الأربعة في صدارة اهتماماتها إن كانت ترغب في المحافظة على ما تبقَّى لها من مقولة (أُكلتُ يوم أُكِل الثور الأبيض).

التصريحات التي أعنيها يحتاجها أيضاً أقوام كُثُر، بعضهم مغفلون أو متغافلون عن حقيقة ما وراء هذه المذابح والمجازر، ومنهم (سذَّج) يصعب عليهم الفهم والاستيعاب، ومنهم بليدون -من البلادة- لا تؤثر فيهم الأحداث، ولا يشعرون بجسامتها وخطرها، ومنهم من يتجاسر على الحقيقة ويأبى إلا ممارسة الخداع والتضليل وصرف الأنظار عن ماهية ما يجري حولنا.

وعلى العموم فإن التصريحات الأربعة التي أعنيها تكاد كلها تكون في مستوى واحد من الخطورة. لعلَّ أولها: ما قاله آية الله محمد إمامي كاشاني، خطيب جمعة طهران بعد سقوط حلب، حيث سمَّى هذا الحدث "انتصار حلب"، واصفاً ما جرى فيها بأنه "انتصار المسلمين على الكفار"!! وثاني تلك التصريحات جاء على لسان القس كيريل بطريرك موسكو وعموم روسيا، الذي أعلن عشية سقوط حلب "أن الصليب انتصر في معركته الكبيرة في حلب". وهذان التصريحان جديران بأن يزيلا أي غشاوة -ما زالت موجودة عند البعض- حول طبيعة المواجهة وماهيتها وهدفها.

أما التصريح الثالث فقد جاء على لسان بشار الأسد، ومن قصره الجمهوري، حيث قال: "إن مرحلة ما بعد تحرير حلب تختلف عما قبلها" مشيراً إلى أن ما حصل في المدينة يمثل "لحظة تاريخية" ستغير العالم.

ثم فصّل فقال: "الزمن يتحول إلى تاريخ عندما تقرّر الأحداث المهمة الكبرى في العالم أن تحول الزمن إلى تاريخ، نقول قبل ميلاد السيد المسيح وبعد ميلاد السيد المسيح، نقول قبل نزول الوحي على سيدنا رسول الله وبعد نزول الوحي"، ليصل إلى القوْل: "إن مرحلة ما بعد تحرير حلب تختلف عما قبلها"، واصفاً ما يحصل الآن بأنه هو "كتابة التاريخ"!!

على أن التصريح الرابع الذي يحمل -ربما- رؤية للأيام القادمة هو الذي صدر من الحرس الثوري الإيراني، بالضبط على لسان اللواء حسين سلامي، نائب قائد الحرس الثوري الإيراني لوكالة الأنباء الإيرانية الرسمية (إرنا)، حيث أكَّد أن "الانتصار في حلب مقدمة لتحرير البحرين"، مشيراً إلى أن مشروع إيران التوسعي سيمتد إلى البحرين واليمن والموصل بعد سقوط مدينة حلب السورية.

وأضاف سلامي: "إن شعب البحرين سيحقق أمنيته، وسيسعد الشعب اليمني، وسيتذوق سكان الموصل طعمَ الانتصار، وهذه كلها وعود إلهية"، بحسب تعبيره.

وهكذا؛ مثلما تروْن فإن هذه التصريحات الأربعة صريحة أكثر من اللزوم، لا تحتمل التهوين أو التأويل، ولا تترك أية فرصة للمغفلين والبلهاء والسذّج والمتجاسرين لتحويرها إلى غير ما بينته حروف تلك التصريحات.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد