طوال الوقت، قد يُصبح الأهل أكثر شدّة تجاه أولادهم من محبي الألعاب الإلكترونية، فدائماً ما تُسمع صيحات الاستهجان من الوالدين، معلّلين ذلك بأن هذه الألعاب هي محض مضيعة للوقت ومضرّة بالصحة، وفي كل الأحوال هي لا تعود بنفعٍ حقيقي على مستخدميها.
مفاجأة سارة
لكنّ باحثين في جامعة براون، كانت لديهم مفاجأة سارّة للاعبي الألعاب الإلكترونية.
فحسب ما ذكرته "الديلي ميل" جاء في توصيات الدراسة أن "الألعاب الإلكترونية تسرّع القدرة على التعلّم، وتساعد على أداء بعض المهام بشكل أكثر دقّة، علاوة على أنها تجعل من اللاعبين خبراء في حل المشاكل".
واختار الباحثون لإجراء الدراسة مجموعتين: الأولى تضم 9 لاعبين محترفين، والثانية تضم 9 آخرين لم يلعبوا قط، أو كانوا يلعبون بشكل نادر.
كانت التجربة -كما في الصورة- هي استخراج الغرض المختلف في زمن أقل من الثانية من صفوف أفقية أو رأسية. في علم التحليل البصري، يسمى هذا الاختبار "اختبار التمييز النصّي".
أظهرت الدراسات المتقدّمة، قابلية البشر لتلقي تدريبات من شأنها تحسين أداءاتهم الوظيفية في مهمة ما، ولكن إذا ما انتقلوا من فورهم إلى مهمة ثانية فغالباً ما يجد الناس صعوبة في أدائها، لأنهم قد يجدون تعارضاً بين المهمة الأولى والثانية.
أراد الباحثون في هذه الدراسة قياس مدى قدرة اللاعبين على تخطي التعارض بين المهام مقارنة باللاعبين الآخرين.
يمكنك معرفة المزيد من خلال هذا المقطع:
أظهرت النتائج أن المجموعة الأولى برهنت على تقدم ملحوظ في الأداء في كلتا المهمتين، بينما الثانية فعلت ما كان متوقعاً منها من ناحية تعارض تنفيذ المهام، إذ تعلّمت مجموعة اللاعبين (الأولى) المهمة الثانية بشكل أسرع 15% من مجموعة غير اللاعبين .
بالطبع، سيكون هناك المزيد من الأبحاث، خاصة أن الدراسة لم تحدد على وجه الدقة هل الألعاب هي ما جعلت مهارات اللاعبين أفضل أم أن اللاعبين أصلاً ذوو مهاراتٍ عاليةٍ جعلتهم بالتبعية لاعبين أفضل.
قدرات مختلفة
وعلى الرغم من أن الدراسة أُجريت على مجموعات ذات عدد أفراد محدود، لكن النتائج أظهرت الفرق إحصائياً.
تقول الدكتورة يوكا ساساكي، الأستاذة في جامعة براون وقائدة فريق البحث: "عادة ما كنّا نستبعد اللاعبين المحترفين المشاركين في اختبارات الإدراك الحسّي؛ لأنهم كانوا يُظهرون قدراتٍ مختلفة فيما يخص المعالجة البصرية، فلقد كانوا أسرع وأكثر دقّة".
وأضافت ساساكي: "نحن نرى أحياناً رياضيين يتعلمون بعض الحركات بسرعة كبيرة، وكذلك الحال بالنسبة للموسيقيين فنحن نرى من الموسيقيين مَن يستطيع عزف البيانو من المرة الأولى وبسلاسة فائقة، ربما عملية التعلّم تختلف من شخص لآخر، ولكن الآلية العصبية التي يتم من خلالها الإجراء الحسّي ليست واضحة حتى الآن بشكل قاطع".
ويقول "آرون بيرارد"، أحد أعضاء فريق البحث: "إننا بحاجة لتوثيق تلك الاختلافات التي ظهرت بين اللاعبين وغير اللاعبين، ويكشف مجال الدراسة يوماً بعد يوم أن ألعاب الفيديو لها فوائد أكثر من مُجرد تمضية الوقت".
لا تعنف أبناءك بعد الأن
وجاء في توصيات الرسالة تعليقٌ من فريق الباحثين مفاده: "إنّه من الممكن أنّ التدريبات البصرية التي يتلقّاها اللاعبون على مر السنين قد ساعدت في تعزيز وصقل الآليات التي يجريها المخ عند تنفيذ بعض المهام، خاصة تلك التي تعتمد الرؤية".
ربما لم تحسم الدراسات الأمر بعد، ولكن على الأقل ينبغي لك عزيزي القارئ التفكير قليلاً قبل تعنيف أولادك، فالتعلّم في المستقبل لن يتبنى أنظمة تعتمد على اللعب وحسب؛ بل إنها قد تجعلهم أكثر ذكاءً أيضاً.