5 أسباب ستؤدي إلى فوز ترامب بالرئاسة

سوف يصوت الملايين لترامب، ليس لأنهم متفقون معه، أو لأنهم يحبون تعصبه أو انتفاخ ذاته، وإنما فقط لأنهم يستطيعون. فقط، لأن ذلك سوف يعكر صفو الوضع القائم ويثير غضب آبائهم وأمهاتهم.

عربي بوست
تم النشر: 2016/11/09 الساعة 12:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/11/09 الساعة 12:31 بتوقيت غرينتش

أصدقائي:
أكره أن أحمل إليكم هذه الأنباء السيئة، ولكني كنت مباشراً بما يكفي الصيف الماضي حين أخبرتكم أن ترامب سوف يكون هو مرشح الرئاسة عن الحزب الجمهوري. والآن أحمل إليكم أخباراً أكثر سوءًا وكآبةً: دونالد ترامب سوف يفوز بالانتخابات الرئاسية في نوفمبر/تشرين الثاني. هذا البائس، الجاهل، الخطير، الذي يعمل مُهرِّجاً بدوام جزئي وسيكوباتياً بدوام كامل، سوف يكون رئيسنا القادم. "الرئيس ترامب"، فلتقولوا هذه الكلمة؛ لأنكم سترددونها في الأعوام الأربعة القادمة.

لم أكن في حياتي راغباً في أن يتبين مع الوقت خطأ ادعائي أكثر من هذه اللحظة.

يمكنني أن أرى ما تفعلونه الآن. تهزون رؤوسكم بعنف وتقولون: "لا يا مايك، لن يحدث ذلك!". ولكن لسوء الحظ، فإنكم تعيشون في فقاعةٍ تتردد فيها أصواتكم أنتم وأصدقائكم فقط، وأنتم تتحدثون مقتنعين بأن الشعب الأميركي لن ينتخب أبلهاً كهذا للرئاسة. حين تستمعون إليه، تتبدل مواقفكم تجاهه بين الضحك على تعليقه المجنون الأخير وبين الفزع من مواقفه النرجسية المحرجة تجاه كل شيء تقريباً، لأن كل شيء على ما يبدو يدور حوله. ثم تستمعون إلى هيلاري، وتشاهدون أول رئيسة للولايات المتحدة الأميركية، شخصٌ يحترمه العالم، يتسم بالذكاء الحاد، ويهتم بالأطفال، وستواصل العمل على نفس نهج أوباما، لأنه في النهاية هذا ما تعتقدون أن الشعب الأميركي يريده بكل تأكيد! أربعة سنوات أخرى مما نعيشه الآن!

يجب أن تخرجوا من هذه الفقاعة حالاً. يجب أن تتوقفوا عن إنكار الحقيقة والهرب منها، الحقيقة التي تعلمون بداخلكم بتواجدها. تقولون لأنفسكم إنَّ أغلبية الناخبين هم من النساء والملونين والشباب البالغين تحت سن 35 عاماً، وإن ترامب لن يستطيع بأية حال الحصول على أغلبية أصوات أي من هذه الفئات، وتعتبرون هذه حقائق تستخدمونها لطمأنة أنفسكم، أو تعتمدون على ما تظنونه المنطق، إذ ترون أنه بكل تأكيد لن ينتخب الناس مهرجاً كهذا، ولن ينتخبوا شخصاً لا يُمثِّل مصالحهم، ولكن هذه فقط كلها محاولات تقوم بها عقولكم لتحميكم من الصدمة.

كما يحدث عندما تسمعون صوتاً صاخباً في الشارع فتعزونه إلى انفجار إطارٍ أو بعض الألعاب النارية، لأنكم لا تريدون التفكير في احتمال أن يكون شخص قد تم تعرض لإطلاق النار. وهو نفس السبب الذي جعل جميع الأخبار الأولية وتقارير شهود العيان أثناء هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول تقول إنَّ "طائرةً صغيرةً اصطدمت خطأً بمركز التجارة العالمي". فنحن دائماً نريد ونحتاج إلى أن نأمل في الأفضل، لأنه، وبصراحةٍ شديدة، الحياة بها ما يكفي من المشاكل والأزمات، ومعظمنا يعيش ما يكفي من المعاناة شهرياً لتدبير أموره براتبه الذي يتلقاه. لن يمكننا التعامل مع مزيد من الأخبار السيئة، ولهذا تتوقف عقولنا عند حدوث شيء مرعب في الواقع. كما حدث مع أول ضحايا حادثة الشاحنة في نيس، الذين أمضوا آخر لحظات حياتهم يلوحون للسائق الذي ظنوا أنه قد فقد السيطرة على الشاحنة، محاولين إخباره أنه قد تخطى الطريق إلى الرصيف، كأنهم كانوا يصرخون به "احذر! هناك أشخاصٌ على الرصيف!".

حسناً، هذا ليس بحادث مفاجئ. الأمر يحدث بالفعل. وإن كنتم تظنون أن هيلاري ستتمكن من الفوز على ترامب معتمدين على الحقائق والذكاء والمنطق، فمن الواضح أنكم قد أغفلتم كيف تمكن ترامب من سحق 16 مرشح آخر بالحزب الجمهوري في الانتخابات التمهيدية ومؤتمرات الحزب العام الماضي، وذلك مع محاولاتهم المستميتة لهزيمته بلا طائل. وإن نظرنا إلى الوضع الآن، سنرى أن ذلك يحدث بالفعل، ترامب في طريقه للفوز بالانتخابات. ولنتعامل مع هذا الأمر، أحتاج منكم أولاً إلى الاعتراف به، ثم بعدها ربما نجد طريقةً ما للخروج من هذه الفوضى التي تحيط بنا الآن.

رجاءً، لا تفهموني بالشكل الخاطئ، فأنا أملك آمالاً عظيمة للبلد الذي أعيش فيه. والأمور أفضل من السابق. فاليساريون فازوا في الصراع الثقافي، والمثليون يمكنهم الزواج الآن بشكلٍ قانوني، ويختار معظم الأميركيين الخيار الليبرالي في كل الاستفتاءات تقريباً: فقد اختاروا المساواة في الأجور بين الرجال والنساء، وتقنين الإجهاض، ودعموا القوانين البيئية، وأيدوا التحكم في حيازة الأسلحة، وتقنين الماريغوانا. لقد تغيرت البلاد بشكلٍ كبير، ولنا في فوز بيرني ساندرز بفكره الاشتراكي في 22 ولاية بالانتخابات التمهيدية هذا العام خير مثال. ولا شك لدي أنه إن كان يمكن للناخبين أن يصوتوا من مقاعدهم بالمنزل من خلال جهاز الإكس بوكس أو غيره، فإنَّ هيلاري ستفوز فوزاً ساحقاً.

ولكن الأمور لا تسير بهذا الشكل في أميركا، فالناس يحتاجون إلى مغادرة منازلهم والوقوف في الصف للتصويت. وإن كانوا يعيشون في أحياءٍ فقيرةٍ، أو أحياء الأقليات كالسود واللاتينيين، فإنهم لا يواجهون فقط طوابير الانتظار الطويلة، ولكن كل شيء تقريباً يحاول منعهم من الإدلاء بأصواتهم. ولذلك في جميع الانتخابات تقريباً لا تتعدى نسبة المشاركة 50%. وهنا تكمن المشكلة في انتخابات الرئاسة في نوفمبر /تشرين الثاني، من المرشح الذي يمتلك القاعدة الجماهيرية الأكثر حماساً والأقوى من ناحية الدافع؟ من هو المرشح الذي يمتلك المؤيدين الأسرع؟ من هو المرشح الذي سيستيقظ مؤيدوه المخبولون في الخامسة صباحاً يوم الانتخابات، ويقاتلوا طوال اليوم، حتى إغلاق آخر لجان الانتخاب، ويحرصوا بكل قوتهم على إدلاء زملائهم وأقرانهم جميعاً بأصواتهم؟ هذا صحيح، ونعلم جميعاً الإجابة على هذا السؤال. هذا هو مدى الخطر الذي نمر به الآن. ولا تخدعوا أنفسكم، لن تستطيع إعلانات التلفاز الجذابة عن هيلاري في وقف هذا السحر الذي يتمتع به ترامب، ولا حتى تفوقها عليه في المناظرات، أو سعى الليبراليين لحرمانه من أصوات بعض الناخبين.

هذه هي الأسباب الخمسة التي ستحقق لترامب الفوز:

1. رياضيات الغرب الأوسط، أو أهلاً بكم في حزام بريكسيت الصدئ.

أعتقد أن ترامب سوف يركز اهتمامه على ولايات الحزام الصدئ الأربع الزرقاء، أعلى منطقة البحيرات العظمى: ميشيغان، أوهايو، بنسلفانيا، وويسكنسن. هذه الولايات الأربع ديمقراطية تقليدياً، لكن كلاً منها قد اختارت حاكماً جمهورياً منذ عام 2010 (باستثناء بنسلفانيا التي انتخبت، أخيراً، حاكماً ديمقراطياً). في الانتخابات التمهيدية التي جرت في ميشيغان في شهر مارس/ آذار، صوت عدد أكبر من الناس لصالح الجمهوريين (1.32 مليوناً) في مقابل الديمقراطيين (الذين حصلوا على 1.9 مليون صوت). أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تقدم ترامب على هيلاري في بنسلفانيا، وتعادله معها في أوهايو. التعادل؟ كيف يكون السباق متقارباً إلى هذه الدرجة بعد كل ما قاله ترامب وفعله؟ حسناً، ربما يرجع هذا إلى قوله (محقاً) إن دعم كلينتون لاتفاقية نافتا (اتفاقية التجارة الحرة لشمال أميركا) قد ساهم في تدمير الولايات الصناعية في الغرب الأوسط الأعلى.

سوف يهاجم ترامب كلينتون حول ذلك الأمر، إلى جانب دعمها لاتفاقية التجارة عبر الأطلسي واتفاقات التجارة الأخرى، التي دمرت الناس في هذه الولايات الأربع. عندما وقت ترامب في مصنع فورد للسيارات، أثناء الانتخابات التمهيدية لولاية ميشيغان، هدد الشركة بأنه إذا مضت قدماً في تنفيذ خطتها بإغلاق المصنع ونُقل إلى المكسيك، فسوف يفرض ترامب تعريفة جمركية بمقدار 35٪ على أية سيارة مصنوعة في المكسيك تشحن إلى الولايات المتحدة. كان وقع هذا الكلام على آذان الطبقة العاملة في ميشيغان يشبه الموسيقى العذبة. وعندما هدد شركة آبل بأنه سوف يجبرها على إيقاف تصنيع هواتفها (آي فون) في الصين، وبناء مصنع لإنتاجها هنا، ذابت قلوب الناس، ومشى ترامب مكللاً بفوز كبير. كان من المفترض لهذا الفوز أن يذهب إلى حاكم ولاية أوهايو المجاورة، جون كاسيش.

من جرين باي، إلى بيتسبرج، هذا يا أصدقائي وسط إنجلترا: المنكسر، المحبط، الذي يعاني، حيث تتناثر المداخن عبر الريف، مع جثة ما اعتدنا على تسميتها بالطبقة الوسطى. الناس الغاضبون، العمال (وغير العمال) الذين يشعرون بالمرارة. أولئك الناس الذين تعرضوا للكذب من قبل "اقتصاد النخبة" الذي تبناه ريجان، وخذلهم الديمقراطيون، الذين لا يزالون يحاولون استخدام الكلام المعسول، لكن كل ما في الأمر أنهم يتطلعون لتملق أحد أعضاء مجموعات الضغط من جولدمان ساك، الذي سوف يكتب لهم شيكاً كبيراً لطيفاً قبل أن يغادر الغرفة. إن ما حدث في بريطانيا في مسألة بريكسيت، سوف يحدث هنا. سوف يظهر إلمر جانتري، يشبه بوريس جونسون، ويتكلم بأي هراء تجود به قريحته لإقناع الجماهير أن هذه فرصتهم لمعاقبة جميع أولئك الناس الذين خربوا الحلم الأميركي. وها هو "الدخيل"، دونالد ترامب، قد وصل لتنظيف البيت. ليس مطلوباً منك أن تتفق معه. ليس حتى مطلوباً منك أن تحبه. إنه زجاجة المولوتوف الشخصية الخاصة بك، تلقيها على الأوغاد الذين فعلوا ذلك بك! أرسل رسالة! إن ترامب هو رسولك!

وهنا يأتي دور الرياضيات، في عام 2012، خسر ميت رومني بـ 64 صوتاً انتخابياً. اجمع الأصوات الانتخابية لميشيغان، وأوهايو، وبنسلفانيا، وويسكونسن، تصبح النتيجة 64. إن كل ما يحتاجه ترامب للفوز أن يفوز، كما هو متوقع، برقعة الأصوات الحمراء (الجمهورية) التقليدية من إيداهو حتى جورجيا (وهي الولايات التي لن تصوت أبداً لصالح هيلاري كلينتون)، ثم يحتاج بعد ذلك إلى ولايات الحزام الصدئ الأربعة سالفة الذكر. لا يحتاج فلوريدا. لا يحتاج كولورادو أو فيرجينيا. فقط ميشيغان وأوهايو، وبنسلفانيا، وويسكنسون. وهذا كاف لوضعه في القمة. وهو ما سوف يحدث في نوفمبر.

2. الفرصة الأخيرة للرجل الأبيض الغاضب.

إن إدارتنا التي هيمن عليها الرجال لـ 240 عاماً تقترب من نهايتها. هناك امرأة على وشك تولي زمام الأمور! كيف حدث هذا؟ وأمام أعيننا؟ كانت هناك علامات تحذيرية، لكننا تجاهلناها. حين فرض نيكسون، خائن جنسه، قانون التعديلات التعليمية، الذي قال إن على الفتيات في المدارس أن يحصلن على فرص متساوية للعب الرياضة. ثم سمحوا لهن بقيادة الطائرات التجارية. وقبل أن ندرك ما يحصل، وجدنا بيونسيه، تقتحم الملعب في الحفل الختامي لبطولة سوبر بول في البيسبول (لعبتنا!) يرافقها جيش من النساء السود، رافعين قبضاتهن، معلنين نهاية هيمنتنا! ما الذي يحدث للإنسانية!

كانت تلك إطلالة سريعة على عقل ذكر أبيض مهدد بالانقراض. هناك شعور أن السلطة قد تسربت من بين أيديهم، وأن طريقتهم لفعل الأشياء لم تعد هي طريقة فعل الأشياء. إن هذا الوحش (النسوية النازية Fiminazi)، هذا الشيء الذي، كما يقول ترامب: "ينزف دماً من عينه، أو أياً كان المكان الذي ينزف منه" قد هزمنا. والآن، بعد أن تحملنا لثمان سنوات وجود رجل أسود يخبرنا ماذا نفعل، من المفترض أن نجلس مكتوفي الأيدي، ونتحمل ثمان سنوات أخرى ترأسنا فيها امرأة. وبعد هذه السنوات الثماني، ثمان سنوات أخرى يحكمنا فيها مثلي في البيت الأبيض! ثم المتحولون جنسياً! بإمكانك أن ترى إلى أين يسير هذا الأمر. بحلول ذلك الوقت، سوف تكون الحيوانات قد حصلت على حقوق الإنسان، وسوف يدير البلاد هامستر لعين. هذا الأمر ينبغي أن يتوقف.

3. مشكلة هيلاري.

هل يمكننا الحديث بصراحة، بين بعضنا البعض فحسب؟ قبل أن نفعل ذلك، دعوني أقل أنني أحب هيلاري فعلاً، أحبها كثيراً. وأظن أنها قد تعرضت لهجوم لا تستحقه. لكن تصويتها لصالح الحرب في العراق قد جعلني أتعهد ألا أصوت لها مرة ثانية أبداً. ولم أخل بعهدي حتى الآن، لكنني مضطر لذلك لمنع شبه فاشي من أن يصبح رئيساً لقواتنا المسلحة. إنني أعتقد، بكل أسف، أن كلينتون سوف تجد طريقة لتوريطنا في عمل عسكري من نوع ما. إنها من المتشددين، على يمين أوباما. لكن الإصبع السيكوباتي لترامب سوف يكون على الزر، وحينها لن يمكن تغيير الأمر. سوف ينتهي كل شيء.

لنواجه الأمر: إن مشكلتنا الكبرى هنا ليس ترامب، وإنما هيلاري المكروهة بشدة، إذ يعتقد حوالي 70٪ من الناخبين أنها غير جديرة بالثقة وغير أمينة. تمثل هيلاري الطريقة القديمة في السياسة، التي لا تؤمن حقاً بأي شيء إلا ما يمكنها من الحصول على أصوات الناخبين. وهذا هو السبب الذي تقوم من أجله بمهاجمة زواج المثليين في يوم، ثم في اليوم التالي تعقد بنفسها زواجاً لمثليين. الشابات الصغيرات من بين أكثر منتقديها، وهو الأمر الذي لا بد أنه يجرح شعورها نظراً لكل التضحيات والمعارك التي خاضتها هيلاري ونساء أخريات من جيلها حتى لا تقول باربارا بوش، وكل النساء على شاكلتها في العالم، للشابات الصغيرات أن عليهن أن يخرسن فحسب، ويذهبن لعمل بعض البسكويت. لكن شباب جيل الألفية لا يحبونها، ولا يمر يوم دون أن يخبرني أحدهم أنه لن يصوت لها. لا يوجد ديمقراطي، ولا مستقل بطبيعة الحال، سوف يستيقظ في الثامن من نوفمبر متحمساً لانتخاب هيلاري، بنفس الطريقة التي كانوا متحمسين بها لانتخاب أوباما، أو عندما كان بيرني في الانتخابات التمهيدية. ليس ثمة حماس هنا. ولأن ما سيحدد نتيجة هذه الانتخابات هو أمر واحد: من سوق يستطيع سحب أكبر عدد ممكن من الناس من منازلهم للاقتراع، فإن ترامب الآن له اليد العليا.

4. مؤيدو ساندرز المُحبَطون.

توقفوا عن الشكوى من عدم تصويت مؤيدي بيرني ساندرز لهيلاري كلينتون، فنحن ننوي بالفعل التصويت لها. وهذا ما أظهرته بالفعل استطلاعات الرأي، إذ أن عدد مؤيدي ساندرز الذين قالوا إنَّهم سيصوتون لهيلاري أكبر من عدد مؤيدي هيلاري بالانتخابات التمهيدية عام 2008 الذين صوتوا لأوباما في النهاية. هذه ليست المشكلة. المشكلة الحقيقية التي يجب أن نفكر بشأنها ها هنا هي أن المؤيد العادي لبيرني ساندرز سيذهب مرغماً ويصوت لهيلاري، لكنه سيكون "ناخباً محبطاً"، أي أنه لن يجلب خمسة أشخاص آخرين ليصوتوا معه، لن يتطوع بعشرة ساعات في الشهر السابق للانتخابات للدعاية لها، ولن يتحدث بحماس عند سؤاله عن سبب تصويته لكلينتون.

وسبب شعور مؤيدي بيرني ساندرز الشباب بالإحباط هو أنه عندما تكون شاباً فأنت لن تتقبل زيف وكذب هيلاري. فهيلاري بالنسبة لهم تمثل العودة إلى عصور بيل كلينتون وبوش، وهو ما يعني بالنسبة لهم دفع الأموال أو استخدام موقع MySpace الإلكتروني أو حمل إحدى الهواتف المحمولة الضخمة فقط للاستماع إلى الموسيقى. لن يصوت هؤلاء الشباب لترامب، وسيصوت بعضهم لمرشحٍ ثالث، ولكن معظمهم سيبقى بالبيت ويقاطع الانتخابات. تحتاج هيلاري إلى فعل شيءٍ ما لمنح هؤلاء الشباب سبباً لدعمها، ولن يروا أن اختيارها لرجلٍ أبيض معتدل ولطيف كنائب لها خطوةً جريئةً بما يكفي. بينما كان من الممكن لها أن تختار امرأة، وهذه كانت ستكون فكرةً مثيرةً بالنسبة لهم. ولكن هيلاري كلينتون خافت من فعل ذلك، وقررت اختيار الخيار الأكثر أمناً من وجهة نظرها. وهذا فقط مثالٌ واحد على الطريقة التي تقتل بها هيلاري دعم الشباب لها.

5. تأثير جيسي فينتورا.

أخيراً، لا يجب أن نستهين بقدرة الناخبين على إيذاء النظام، أو نقلل من شأن إمكانية رغبتهم في لعب دور الفوضويين فور دخولهم لحجرة الاقتراع وحدهم. تلك الحجرة هي أحد الأماكن القليلة الباقية في هذا المجتمع، حيث لا توجد كاميرات مراقبة، أو أجهزة تنصت، أو زوجات وأطفال، أو مدراء، أو شرطة، ولا مهلة للوقت الذي يمكن للناخب قضاءه بالداخل. يمكنك قضاء ما تريده من الوقت، ولا يمكن لأحدهم إرغامك على اختيارٍ بعينه. يمكنك كبس الزر واختيار نفس الحزب لجميع المناصب، أو حتى كتابة أسماء ميكي ماوس ودونالد داك. لا قواعد بداخل هذه الغرفة. ولهذا، وبسبب الغضب الذي يكنه الكثير من الناخبين تجاه النظام السياسي المعطوب، سيصوت الملايين لترامب، ولن يصوتوا له لاتفاقهم معه، أو لأنهم يحبون غروره وتعصبه، ولكن فقط لأنهم يستطيعون فعل ذلك.

سيقومون بذلك فقط لأن ذلك سيزعج النظام القائم ويغضب السلطة بكل أشكالها. بالضبط كمن يقف على حافة شلالات نياغرا، ويفكر للحظة في الشعور الذي سيختبره إن قفز من الحافة. سيرغب العديد من الأشخاص في تجربة دور الشخص المسيطر، وهذا ما سيحققه لهم التصويت لترامب. سيصوتون له فقط لتجربة هذا الشعور. تتذكر ما حدث في التسعينات حينما قام سكان مينيسوتا بانتخاب أحد المصارعين المحترفين كحاكم للولاية؟ لم يقوموا بذلك لأنهم أغبياء، أو لأنهم رأوا أن المصارع جيسي فينتورا هو الخيار الأمثل كحاكم للولاية أو أحد المفكرين السياسيين. قام سكان مينيسوتا بذلك فقط لأنهم يملكون القدرة على ذلك. مينيسوتا هي واحدة من أذكى الولايات في أميركا، ويتسم معظم سكانها بحسٍ كوميدي أسود، وكان تصويتهم لفينتورا يمثل بالنسبة لهم مزحة جيدة مع نظامٍ سياسيٍ مريض. وهذا ما سيحدث مرةً أخرى مع ترامب.

أثناء عودتي إلى الفندق بعد الظهور في حلقة المذيع بيل ماهر الخاصة عن مؤتمر الحزب الجمهوري هذا الأسبوع على شبكة HBO، أوقفني شخصٌ ما، ثم قال لي "مايك، يجب أن نصوت لترامب، نحتاج إلى تغيير الوضع". هذا كان كافياً بالنسبة إليه، تغيير الوضع. وهذا ما سيقوم به ترامب بالفعل. وهناك عددٌ كبير من الناخبين يرغبون في الجلوس في المدرجات ومشاهدة برنامج تلفزيون الواقع هذا.

– هذا الموضوع مترجم عن موقع Michael Moore. للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد