"إن هذه المهام هي قدرنا؛ لتكون الديمقراطية ومبادئها دائماً نصب أعين المناضلين صباح مساء، حتى تفرض مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان" الفقيد عبد الرحيم بوعبيد.
أشهر "باحمدون" سلاح الميديا داعماً به مسار الحملة الانتخابية السابقة لأوانها التي دشنها السيد عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، ولأنني مصاب بعسر هضم أحداثنا المغربية التي يختلط فيها الواقعي بالافتراضي بشكل يجعل أبطال الديجيتال يقفون مشدوهين أمام هول الغباء الصحفي لحملة "أنا.. الزعيم" الفاقدة لعقلانية الواقعية والمصداقية، والناسفة لماهية الاختيار الديمقراطي الذي رسخته أحكام الدستور المغربي من الثوابت التي تستند عليها الأمة المغربية.
لا تستغربوا! فسلاح ميديا البترودرهم يشرعن عقليات المخاتلة السياسوية، يجعل الرئيس مرؤوساً والمرؤوس رئيساً، يجعل التاجر الذومالي مناضلاً كبيراً وسيجعل كل معارض له خائناً مذموماً حسيراً، ثم سيطالب الزعيم الافتراضي وجوقته الإعلامية الثلاثية بقطع أنامل أولاد الشعب الصغيرة؛ لأننا نرفض بقوة جعل كفة الاختيار الديمقراطي تميل بالغبن والتدليس نحو سوق البيع والشراء والسمسرة المالية، نرفض دون تردد أن نسمع عن مؤشرات القيم الديمقراطية قد أصبحت رهينة لكبريات بورصات البيزنس السياسي.
هذا سلاح الميديا (وليس المدية) يشهره زعيم التشرميل السياسي، يعاقب به من يشاء، ويكافئ به من يشاء، مما يجعل حسابات بعض الشركات المستثمرة بالإعلام الساعية للربح تعمد إلى بث ونشر لقاءات التبجيل وقداس "السيراج"، والعنوان المشترك ليس إلا شعار: "زيد سيري سباط الزعيم الذومالي".
وعلى سبيل المثال لا الحصر، نجد ذاك الفقير لخصال الحيادية والموضوعية أصبح مريداً سامعاً مطيعاً في حضرة مولانا التاجر الذومالي، تناسى ذاك الفقير تاريخ المقاومة المغربية المعروف، وتجاهل مسار الحياة السياسية، ونشأة الأحزاب بالمغرب، وجلس مبتسماً كأن لسان حاله يقول: "والله حتى زواج المال والسلطة أحسن من زواج المتعة، والله حتى الأساتذة ديال تاريخ الفكر السياسي كانوا غالطين.. في الحقيقة خاصني نراجع كل البحوث الجامعية اللي درت والمقالات اللي كتبتها".
ولأن قفص الاتهام مقام لا يليق بمقام التاجر الذومالي والزعيم الديمقراطي الافتراضي، فإن القاضي حاجة لراسو لم يقُم بتشغيل آلة الرقن من فرط الإحساس بالرضوان، بعد أن انبسطت أساريره وهو يشتم عطر زعيم الذومالية الباهظ الثمن.
هذه قصة "أنا.. الزعيم" عبارة عن حملة انتخابية سابقة لأوانها مشبوهة لم يتردد فيها "باحمدون" عن كشف نواياه بلا برية بلا تليفون، حتى إن أولاد الشعب يجدونه -اليوم- كثير المطالعة لسيرة زرقاء اليمامة التي اقتبس منها سيناريو "زعيم ديمقراطية الميدياتزاسيون" التي تحيطنا علماً بحواره وأحداثه الشركات الإعلامية المنضوية تحت لواء زرقاء الحمامة.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، فليسمح لنا معالي رئيس الحكومة المبشر به أن نشاركه أسئلة أولاد الشعب التي هي أسئلة تطرحها كل غيورة، ويطرحها كل غيور على شرف التجربة الديمقراطية المغربية، وأولها سؤال: أين الثروة؟!
لأن أوضاع شباب المغرب المنسي باتت تبعث على الخوف، ولأننا نعلن رفضنا التام لاستمرار مسلسل التحريف والتبخيس، وندين تخاذل أحزاب الحكومة المغربية عن إعطاء الأولية للشباب المنسي في برنامجها الحكومي؛ لأن لنا جادة قوية تفرض الانطلاق من إرادة التصويب المنسجم مع الحق في البحث المشترك عن البديل الاقتصادي القادر على إحقاق العدالة الاجتماعية والعدالة المجالية، والتقليص من حجم البطالة المدمر.
أيضاً، نُسائلكم أيها الزعيم الافتراضي عن الحل السياسي القمين بتطوير الفعل المؤسساتي التضامني للباطرونا المغربية؟! وهل يستطيع التاجر رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار تغيير عقلية "الذومالي" الذي يلتف على روح الفعل الاقتصادي المواطن، ويترك أولاد الشعب تحت رحمة سياسات المؤسسات المالية الدولية المانحة للقروض، في حين تكتفي هذه العقليات الذومالية بالربح السهل والمشاريع الاستهلاكية مراكمة للرأسمال المادي، متهربة من واجباتها الدستورية ومسؤولياتها الوطنية، معرقلة بذلك إحقاق الأولويات المتجسدة في ضمان المساواة والعدالة الاجتماعية والصعود بالاقتصاد الوطني؟!
وهل يستطيع زعيم حزب التجمع الوطني للأحرار القطع مع العقلية الذومالية ذات القناع الإحساني المضلل، وفق المنطق السياسي الذي يؤطر الصراع عوض تعويمه؛ لأن البديل الاقتصادي التضامني ينطلق من إذكاء التنافس بما هو صراع يستجيب لحركية التاريخ والمجتمع، ويرسم بدقة الفوارق الفئوية كي تتضح الخريطة الاجتماعية، ويضمحل التناحر العبثي لشرائحها المؤدي لفوضى غير معلومة العواقب؟!
ولماذا لم يكشف لنا حضرة الزعيم المبجل عن مشروعه التنموي الذي وجب أن يولي الاهتمام بالعنصر البشري وكيفية ترتيب ارتقائه الاجتماعي كجزء من كل داخل بناء متماسك؛ ليساير التطور المنشود من خلال الدمج الفعال لمستجدات العلوم الإنسانية والتكنولوجيا المتطورة في مفاصل التكوين المقاولاتي بشكل يجعل من الفعل الاقتصادي محركاً واعياً بوظيفته التاريخية؟!
وفي انتظار الجواب الواضح نؤكد لأقلام ميديا البترودرهم أن قلم أولاد الشعب المنسي ينحاز إلى إرادة الصمود والنضال المستمر مع اجتراح سمو الأهداف، فالذاكرة الجماعية حية، والمراس صعب، والجهد خلاق، والعزم لا يلين.
ونختم بالتذكير بوصية الفقيد السي عبد الرحيم بوعبيد، رحمه الله: "أنتم تعلمون وكلنا يجب أن نعلم، أن الاضطلاع بهذه المهام يتطلب منا الصبر؛ لأن الأمر ليس سهلاً، كما يتصور البعض، بل يحتاج كفاحنا إلى مزيد من التبصر وبعد النظر، وإلى شعور دائم بأن لنا في هذه البلاد رسالة نريد أن نؤديها على أحسن وجه، وأن نمهد الطريق للأجيال الصاعدة".
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات عربي بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.