هل أحظى بمعاملة جيدة دائماً كفتاة؟ .. الفرق بين الحياة في عائلتي وفي عملي كممثلة

إذا كنتم قد شاهدتم مسلسل "Game of Thrones"، فسوف ترونني عاريةً في بعض المشاهد. يسألني الناس العديد من الأسئلة عن هذه المشاهد، ويُريدونني أن أجيب عن أسئلتهم، ولكن لديَّ العديد من الأسباب التي لا تجعلني في حاجةٍ إلى تبرير أفعالي

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/08 الساعة 06:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/08 الساعة 06:42 بتوقيت غرينتش

لقد تشكَّلت حياتي وسط عائلةٍ تُدرك المعنى الحقيقي للمساواة، ولم يقتصر الأمر أبداً على عباراتٍ غاضبة مفادها "إيميليا قادرة على فعل كل شيءٍ كأخيها"، ولكنَّ المساواة كانت متمثلةً في كل شيء، في كل قرارٍ اتخذته عائلتي، وفي كل سلوكٍ انتهجته.

وكانت هذه حقيقةً لا تقبل الشك، أنَّني، كامرأة، لا أختلفُ عن أخي في شيء، كما كان الحال بالنسبة لأمي، فهي لم تكن مختلفةً عن أبي في حياتهما المهنية، ولذلك فقد تربيتُ على المساواة، وفي بيتٍ يخضع لإدارة متساوية بين أمي وأبي، وهو ما جعلني أدرك أن أي شيء يُمكن للرجل فعله، تستطيع المرأة أن تفعله كذلك.

ولذلك، فقد كبرتُ وأنا لدي رأيٌ أستطيع التعبير عنه، ولكنه لم يكن رأياً شائعاً بين أفراد جيلي، ولم أُدرك إلا بعد ذلك بكثير قيمة التربية التي حصلت عليها في بداية حياتي، والتي رسَّخت بداخلي قضية الدفاع عن حقوق المرأة ترسيخاً لا يُصدَّق.

وقد رأينا جميعاً في الأشهُر القليلة الماضية هذا التحوُّل الهائل في الطريقة التي تعبر بها النساء عن آرائهن تعبيراً جماعياً. ولعل أبرز مثال على ذلك هو المسيرة النسائية في 21 يناير/كانون الثاني، التي كانت تضم أكثر من 5 ملايين شخصيةٍ من شتى أنحاء العالَم، ولقد كانت هذه المسيرة نبراساً يُرشدنا إلى ما يمكننا فعله لتغيير الأمور بشكلٍ دائم.

لا أعلم إن كان هذا الشعور قد راودكِ من قبل، ولكن مرت بيِ أيامٌ شعرتُ فيها بأنَّني متخاذلةٌ تجاه قضية الدفاع عن حقوق المرأة، وكانت تطرأ على ذهني أسئلةٌ عديدة: ما الذي أفعله تحديداً كل يومٍ للدفاع عن حقوق المرأة؟، فخِبراتي الشخصية، وإدراكي للقضية الكُبرى لعدم المساواة، ليست كافية، ما الذي يمكنني فعله لمواجهة الكراهية والاضطهاد، ولضَمان استمرار الحركة النسائية، وتعزيزها ونموها؟

ولذلك، فوجودي ككاتبة زائرة بفريق التحرير في مشروع "All Women Everywhere" الخاص بالنسخة البريطانية لموقع هافينغتون بوست هو أمرٌ آخذه على محمل الجَد.

أنا، كما تصفني صديقتي المقربة، فتاةٌ مستقلة، وأعمل في مجالٍ يوفِّر لي منبراً إذا أردتُ إبداء آرائي ضد عدم المساواة، وقد أكون محظوظةً لحصولي على فرصةٍ تجعل رأيي مسموعاً، وقد أعطتني الأدوار التي لعبتها رؤيةً لحال المرأة التي تقف ضد الكراهية وعدم المساواة، وتؤدي دورها كناشطةٍ نسائية.

وإلى جانب ذلك، لم يمنعني ذلك من الانسحاب من المواقف ومن التعامل مع الأشخاص الذين يظنون أنَّني ضعيفةٌ لأنني امرأة، بل أجبرني ذلك على الصمود والتصميم على أفعالي، وتقبُّل عواقبها بصدرٍ رحب.

هل أتلقى مُعاملةً متساوية في العمل؟ ليس دائماً، هل تُعامل كافة النساء بمساواةٍ في العمل؟ لا، والإحصائيات تدعم ذلك، هل تعرضتُ لأسئلةٍ في المؤتمرات الصحفية من رجالٍ ونساءٍ على حد سواء، وتحديداً لأنهم يريدون انتزاع ردودٍ من امرأةٍ يافعة ليضعوها في عناوينهم؟ نعم.

إذا كنتم قد شاهدتم مسلسل "Game of Thrones"، فسوف ترونني عاريةً في بعض المشاهد. يسألني الناس العديد من الأسئلة عن هذه المشاهد، ويُريدونني أن أجيب عن أسئلتهم، ولكن لديَّ العديد من الأسباب التي لا تجعلني في حاجةٍ إلى تبرير أفعالي.

أؤمن أنَّ الفرصة سانحةٌ لنا جميعاً لنتعامل على طبيعتنا كنساءٍ في حياتنا اليومية، وأؤمنُ بأننا جميعاً بوسعنا أن نستبدل العدالة، والمحبة، والرحمة بالكراهية.

وليس ضرورياً أن يكون هذا تغييراً جذرياً نضطر للتعايش معه وتعلمه، أؤمنُ أنَّ الفرصة سانحةٌ لنا، كبشر، بغض النظر عن النوع، لمواجهة الكراهية من خلال الطريقة التي نتعامل بها مع بعضنا البعض، ولا يقتصر الأمر على لحظات العلاقة الحميمة، ولكن خلال لحظات يومنا العادية كذلك.

أعتقد أنَّ بوسعنا أن نبدأ بالرحمة.

أُدركُ أن كلمة الرحمة ليست شائعة إلى حد ما، أليست كذلك؟ ولكن نتائجها رائعة، وفورية، وحقيقية؛ إذ يُمكن لفعلٍ واحدٍ تكسوه الرحمةُ أن يُغيِّر يومك من يومٍ مليء بالمعاناةِ إلى يومٍ مُمتِع في طرفة عين؛ لأنك إذا أصبحت رحيماً، فذلك يُظهر مدى استيعابك للآخر، وتقديرك لوجوده، وأنَّه مهم بالنسبة لك، وهذا أمرٌ مثير.

وعلى سبيل المثال، من مظاهر الرحمةِ أن تتحلى بالثقة للتواصل البصري مع الآخرين، والتحدث إليهم على أنَّهم سواسية، بغض النظر عن النوع، أو العِرق، أو الجنس، إنَّها لفتةٌ بسيطة لإظهار تقديرك للغير واعترافك بوجودهم، فنتخيَّل، ولو للحظةٍ واحدةٍ، أننا سعَينا جميعاً لنكون رحماء بغيرنا على مستوى صغيرٍ وصادقٍ من خلال أفعالنا اليومية، ألن يكون لهذا الأمر تأثيرٌ مٌذهل؟

أعتقدُ أنَّ نجاح أي امرأة هو مكسب لجميع النساء، وأعتقدُ أنَّ كل النساء يرغبن في عيش حياتهن كما يردن… وأنَّ جميعنا نساء مستقلات، وأن قوة المرأة المستقلة هي في كونها تهتم بمن حولها بشكلٍ أكبر قليلاً.

أرى أن أفعال الرحمة والعطف الصغيرة يمكن مجتمعةً أن تصبح حركةً مجتمعيةً كبرى، وفي هذا اليوم العالمي للنساء، لا أقترحُ فكرةً كبيرة، فهذا أمرٌ أتركه للقادة والسياسيين، ولكنِّي أقترحُ بدلاً من ذلك أن تبدأ كل منا في إعادة تنشيط جينات اللطف والرحمة بداخلها، وأن تمنحها القوة، وتشارك الرحمة واللطف بداخلها مع غيرها من النساء، ومع إخواننا وأخواتنا.

وكما قرأتُ مؤخراً، الرحمة أمرٌ مثير، وهي أمرٌ مفيد لنا، يمنحنا الشعور بالسعادة والتقدير، والعمل الإيجابي يبدأ بأفعال فردية إيجابية صغيرة تتراكم بمرور الوقت وتصبح حركةً مجتمعية.. حركةٌ تقودنا إلى مجتمعٍ تسوده المساواة، وتمنحنا الرحمة فيه الثبات، والطاقة لنستمر في العمل والتقدم معاً.

أتمنى، من خلال صوتي وكلماتي، أن تصبح تلك العقلية النسوية التي غرستها أسرتي فيَّ هي العقلية السائدة الجديدة، وأن يُربَّى الفتيان والفتيات على فكرة المساواة.

– هذا الموضوع مترجم عن النسخة البريطانية لهافينغتون بوست؛ للاطلاع على المادة الأصلية، اضغط هنا.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد