الهوية المضطربة لإدوارد سعيد في “خارج المكان”

لقد عاش إدوارد سعيد، دوماً، خارج المكان وانسكن، حد التماهي بالثقافة الغربية إلا أنه ظل مسكوناً أيضاً بأطياف هويته الأصلية... هل المنفى هو التغيير في المكان جغرافيا فقط؟ أم شرخ في الوعي ومن ثم تحول في الرؤية إلى الذات والعالم؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/03/10 الساعة 02:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/03/10 الساعة 02:42 بتوقيت غرينتش

لازمتني مذكرات المفكر الفلسطيني الراحل إدوارد سعيد، طيلة هذا الأسبوع، قرأتها لثلاث مرات، وتكمن أهمية هذه المذكرات في كونها تتناول قضيتين أثارتا انتباهي وربما انتباه الكثير ممن قرأوا سيرة إدوارد سعيد، القضية الأولى بالشخصية الهشّة المنكسرة لإدوارد سعيد بسبب علاقته بأبيه وأمّه، فالوالد أدمن على لعب الورق، "وكان يرى في ذلك هرباً من الواقع ومن هموم الحياة… وكما قال تعويضاً لهموم وترفيها عن النفس" يقول سعيد إنه كان يشعر بالكآبة، وهو يرى والده يلعب بصمت، وكان ذلك بمثابة عمل روتيني لا يتغير، أما القضيّة الثانية، فهي مرتبطة بسعيد وعلاقاته بالثقافات.

وبعنوان في الكتاب "في المكان الخطأ"، نعرف من خلال قراءة هذه المذكرات أن إدوارد سعيد لا هو فلسطيني ولا عربي ولا هو مسيحي ولا أميركي ولا هو ذو ثقافة إنكليزية ولا عربية، إنه ينتمي لثقافة هجين وخليط، لا يملك هوية، هو موجود خارج المكان الذي يُحدّده الآخرون ويضفون عليه نمطيتهم، يقول: "كل هذه التعقيدات والتشابكات ما استطعت أن أستوعبها، ولماذا لم تكن أمي إنكليزية عادية؟ هذه التناقضات صاحبتني طيلة حياتي، وكم تمنيت لو أنني كنت عربياً، أوروبياً أو أميركياً، مسيحياً أرثوذكسياً، مسلماً أو مصرياً تاماً وهكذا…".

يقول سعيد: "إن الهوية من نحن؟ من أين جئنا؟ ما نحن؟" فالهوية بأبسط تعريفاتها هي مجموعة من الصفات الشخصية الموروثة في شخصية كل فرد منا، هذه الصفات تعتبر سمات مميزة لكل فرد عن الآخر، ذلك أن سعيد تأثر بالعديد من العوامل في حياته الفردية، لقد عاش إحساساً بعدم الانتماء.

جاءت الكتابة في "خارج المكان" ثمرة من ثمرات التوحّد مع الذات والتوحّد مع المرض، وراء ذكريات فيها من المكابدة على قدر ما فيها من محاولات التطهر والخلاص، سواء على المستوى الفردي الخاص أو على مستوى التاريخ الاجتماعي السياسي العام، كما جاء العنوان "خارج المكان" واضح الدلالة على القصد من كتابة هذه السيرة، التي لا تروي فقط قصة الشتات والتمزق التي كابدها المؤلف على مستوى المكان فقط، وهو أمر مربك بحد ذاته، وإنما أيضاً على مستوى اللغة والهوية والانتماءات الإنسانية الأخرى، فمنذ البداية ارتبطت حياة المؤلف بأهم المتغيرات السياسية، سواء في مسقط رأسه القدس متمثلة باحتلال فلسطين وما تلاه من أحداث سياسية شكلت تاريخ المنطقة ومصير مجتمعاتها.

أن يكتب مفكر مثل إدوارد سعيد سيرته، معناه أنه لا يزال يبحث عن هوية وجوده التي تشكلت بتضافر ظروف ومعطيات متشابكة، لا تزال لم تستقر بعد، ذلك أن الهوية ليست شيئاً جامداً، بل حالة تستمر في التكون والتشكل ما دام الإنسان يحيا وينتج.

يقول سعيد: "غير أن الدافع الرئيس لكتابة هذه المذكرات هو طبعاً حاجتي إلى أن أجسر المسافة، في الزمان والمكان، بين حياتي اليوم وحياتي بالأمس.. أرغب فقط في تسجيل ذلك بما هو واقع بدهي دون أن أعالجه أو أناقشه، علاوة على أن انكبابي على مهمة إعادة تركيب زمن قديم وتجربة قديمة قد استدعى شيئاً من البُعاد ومن السخرية في الموقف والنبرة".

سيرة وطن
يرى إدوارد سعيد أن المسؤول عن هذا الشتات المكاني والنفسي هو الأحداث السياسية التي لعبت دوراً لا إنسانياً في صياغة حياته وحياة أسرته، وصياغته هو عقائدياً وفكرياً.

حين غادر إدوارد سعيد القدس إلى أميركا فرض نفسه هناك مثقفاً ومفكراً في الوسط الأكاديمي الثقافي الأميركي في كونه عربياً فلسطينياً مسيحياً يحمل الجنسية الأميركية، ومثقفاً ثقافة عصرية عميقة، متمثلاً أفكار ومناهج عتاة رجال الفكر والفلسفة الغربيين، ومن ثم عارضاً لوجهة نظر في قضايا العالم، ولا سيما القضية الفلسطينية لا بد أن تكون مسموعة، وتؤخذ بنظر الاعتبار والجدية، فحورب من قِبل اللوبي الصهيوني.. تكيّف، واستغل وضعه بحنكة وذكاء فصار هاجساً يقض مضاجع الطارحين لوجهة النظر الصهيونية هناك.

دخل إدوارد سعيد تاريخ المعرفة من بابه الواسع، عبر ترسيخ اسمه كأحد المراجع الكونية في تناول الظاهرة الاستشراقية، من خلال كتابه المرجعي الأبرز الذي يحمل عنوان "الاستشراق"، وكان ترسيخ سعيد لاسمه في هذا المضمار المعرفي وازناً في معارك "الاشتباك" الأكاديمي والعلمي التي انخرط فيها، حتى أصبح اسمه نداً علمياً لأعلام المعرفة هناك في مكانة علمية قَلّما يصل إليها عربي، ولأنه كان فلسطيني الجذور، فقد أسهم هذا المعطى في تغذية هواجس أقلام اللوبيات الأكاديمية والسياسية الموالية لإسرائيل… وحتى العام 1967 مجرد كاتب وأكاديمي لم تسجل الرقابة الأميركية أو الصهيونية عليه أي نشاط سياسي فيما عدا أنه "من أصل فلسطيني"، ولكن بعد أن شنت إسرائيل عدوانها الشهير في الخامس من يونيو/حزيران 1967، دهش الرجل -وهو الموضوعي المحايد- من حجم الظلم الذي وقع على الشعب الفلسطيني فبدأت الأسئلة تلح عليه:

ما هي المشكلة الفلسطينية؟ ومن هو الفلسطيني؟ وإلى أي حد أنا فلسطيني؟

وبدأ رحلة البحث عن الأجوبة، فبدأ يتعلم اللغة العربية، ويقابل الناس، ويدّون الملاحظات.. إلى أن تشكلت لديه مجموعة من التصورات، صاغها في كتابه "القضية الفلسطينية" أسئلة من رجل أميركي، تربطه عاطفة ما بالقضية الفلسطينية، أي أنها لم تكن أسئلة فلسطينية، كما أن كتابته كانت موجهة للأميركيين وليست للفلسطينيين.. قوبل بالغضب والسخط من الحركة الصهيونية والمثقفين الغربيين المتصهينين، لمجرد أنه يحمل تلميحاً إلى حقيقة وجود الشعب الفلسطيني.

ومع أن سعيد لم يطرح في كتابه "القضية الفلسطينية" وجهة نظر الفلسطينيين التي تقول: "إن فلسطين هي أرض الفلسطينيين، وإن الإمبراطورية البريطانية هي التي طردت الفلسطينيين عام 1948 من أرضهم؛ لتبني دويلة إسرائيل، ثم عادت هذه الدويلة وبدعم من أميركا واحتلت كل أرض فلسطين عام 1967.. وإن كل ما يريده الفلسطينيون هو استعادة أرضهم وتقرير مصيرهم عليها..إلخ".

تجليات اللامكان

في "خارج المكان" كتب يقول: "تخترع جميع العائلات آباءها وأبناءها، وتمنح كل واحد منهم قصة وشخصية ومصيراً، بل إنها تمنحه لغته الخاصة.. وقد وقع خطأ في الطريقة التي تم بها اختراعي وتركيبي في عالم والدّي وشقيقاتي الأربع، فخلال القسط الأوفر من حياتي المبكرة لم أستطِع أن أتبين ما إذا كان ذلك ناجماً عن خطئي المستمر في تمثيل دوري، أو عن عطب كبير في كياني ذاته".

ما هو هذا الخطأ؟
لم يقدم سعيد إجابة، واكتفى بتقديم قراءة لحياة أسرة فلسطينية ميسورة الحال وربما كانت من أفضل العائلات المقدسية حالاً خلال فترى طفولته وهو ما يعترف به إدوارد نفسه، كانت تعيش في القدس، إذ نشأ على رؤية والده وهو يتنقل ما بين مهن ووظائف عدة؛ ما بين الترجمة، والمحاماة، وإدارته لأعماله في القدس والقاهرة، ليس لحالة مادية ضعيفة، وإنما تطويراً وتنفيذاً للطموح الجارف للأب، وحبه وعشقه للمغامرة؛ فتعلم الطفل الصغير من والده الجسارة، والجرأة، ورباطة الجأش، وحب المغامرة، ويحكي عن الوالد "وديع" حامل الجنسية الأميركية الذي يفاخر بوطنه أميركا، ويضيف أنه صدق ذلك الانتماء لفترة من طفولته قبل أن يشعر بإرباك الهوية في المدارس التي ارتادها في القاهرة وشعر معها بأنه "خارج المكان"، ويُؤكد أنَّ لوالده فضلاً كبيراً في تنشئته، فكريّاً وثقافيّاً؛ حيث يقول: "يبقى أن أبي كان مزيجاً طاغياً من القوة والسلطان، ومن الانضباط العقلاني، والعواطف المكتومة، وقد أدركت -لاحقاً- أنَّ هذه جميعاً قد طبعت حياتي ببعض الآثار الإيجابية"، فيومه كان محدداً ومقسماً من قبل أن يبدأ، ما بين ممارسة الألعاب الرياضية، وتلقي دروس البيانو والموسيقى، والقراءة، والاستماع لآخر الأسطوانات الموسيقية الأجنبية، مع اعترافه بكرهه للموسيقى العربية؛ حتى إنه كره حضوره حفلة لسيدة الشرق أم كلثوم وهو طفل، ومن وقتها، لم يشاهد أو يتابع الموسيقى العربية، كما تعلم من والدته التي كانت تجيد اللغتين الإنكليزية والفرنسية أيضاً.

يبدو في "خارج المكان" أن سعيد عاش شتاتاً بعد شتات، وبدا في بداية حياته كشخص تمتلكه الحيرة وعدم الثقة بالنفس من الحضور الطاغي للأب والأم معاً، قبل أن ينتقل إلى التباس الاسم الإنكليزي "إدوارد" الاسم العربي "سعيد"، فعلى المستوى الذاتي، يبدأ الشعور لدى سعيد بهلامية الذات، وعدم التلاؤم مع إطارها الأساسي وهو "الاسم" منذ وعيه المبكر، وتساؤلاته الاستنكارية حوله، اسم ذو وقع غريب، لا علاقة له بالفضاء العربي الذي يتحدر منه، فبدا اسماً نافراً، شاذاً، يحتاج إلى تأويل وإحالات لفك هذا الارتباك، "اسم إنكليزي طفيلي" يصيبني "بنرفزة عصبية" سلخت أكثر من خمسين عاماً من عمري كي أعتاد على هذا الاسم الإنكليزي الأخرق، أو لكي أشعر بضيق أقل حياله، إنه اسم إنكليزي بعيد الاحتمال عن أن يكون مقروناً بـ"سعيد" وهو اسم عائلة عربي حميم.. لقد حاولت أن أجد رابطاً بين هذا الاسم الإنكليزي والاسم العربي، ولكن دون جدوى، ولذلك كثيراً ما كنت أربط الاسمين معاً وألفظهما بشكل سريع كي لا يبين أي منهما..".

ثم تأتي "اللغة" لتعلن عن ارتباكها وتزعزعها في نفس الطفل ثم اليافع ثم الرجل الراشد، فبين الإنكليزية والعربية كان يتذبذب ويتأرجح، فقد كان لزاماً عليه أن يتكلم الإنكليزية في المدرسة التي شكلت قلقاً لغوياً مربكاً، في مدينة كالقاهرة كانت لا تزال تناهض المحتل الأجنبي! وبين طلبة من أقليات بانورامية عجيبة ليس بينهم إنكليزي واحد عدا المعلمين.

أما في بيته فهناك توجه من الوالدين للتخاطب بخليط من العربية والإنكليزية والفرنسية، هذا القلق الصريح من هذا التذبذب حول هويته اللغوية أفصح عن نفسه حين النهوض بكتابة هذه السيرة الحياتية؛ إذ إن عملية استرجاع أزمنة الطفولة والصبا في بيئات عربية كالقدس والقاهرة وضهور الشوير (بلبنان) اقتضت أن تنبثق في الذاكرة بأجوائها ومرجعياتها العربية لغة وتعبيراً، ومن جهة أخرى كان لزاماً عليه أن "يترجم" هذه التجارب وينقلها بلغة أخرى، هي الإنكليزية التي أضحت لغة البحث والكتابة بالنسبة له. وفي هذه العملية من التعقيد والتغريب ما يشكل تحديثاً مؤلماً على مستوى الهوية اللغوية.

ثم يزداد تشظي المكان وطأة، حين يتأمل تاريخ أسرته وأصولها، فوالده الفلسطيني الأصل "يكره القدس لأنها تذكره بالموت"، ويهجرها باكراً في شبابه إلى الولايات المتحدة لفترة من الزمن، ليتخلى هناك عن اسمه الحقيقي "وديع" ويكني نفسه بـ"ويليام"!. أما أمه ففلسطينية من الناصرة، ولكن أمها لبنانية الأصل، ويزداد هذا الارتباك كلما تأمل في نسيج حياتهم الأسرية التي جمعت بين زوجين مختلفين في سماتهما الشخصية، وبمزاجين متنافرين، وأبناء عمومة ليسوا على وفاق دائم، وأبناء خؤولة لا يجدون حظوة عند نسيبهم، وقد أدى اضطرار الأسرة إلى التنقل من القدس إلى القاهرة إلى لبنان إلى الولايات المتحدة في رحلات مكوكية عبر السنوات إلى مزيد من التشرذم العائلي والتشتت النفسي.

وتأتي معيشتهم في القاهرة كأقلية مسيحية ضمن مجموعة من الأقليات تنويعاً آخر على هلامية المكان وقلقه، ومن ثم لفظه لهم حيث لم تعد ظروف المكان والزمان مناسبة للاستمرار في السكنى بعد قدوم عهد الناصرية ودعاوى التأمين وتعرض تجارة والده للخسائر وهنا يتساءل الكاتب: هل يمكن لـ"إدوارد" والحال هذه أن يكون إلا في غير مكانه؟

إدوارد سعيد، هذه الشخصية العنيدة، التي تتحلى بالتصميم والإرادة، المتحدية لمعرفتها ولمعارف الآخر، بحثاً عن الانعتاق والتحرر من القوالب الجامدة للعائلة والدين والقومية واللغة أيضاً، قدم في هذه السيرة توجهاً فكرياً يقوم على عدم الفصل بين الخاص والعام، أو تجزئة العوامل الثقافية والسياسية والاجتماعية التي أثرت فيه وساهمت في تكوينه، وإذا كانت السيرة الذاتية كالمرآة تكشف الذات والآخر، فإنها ولا ريب تعكس الذات في علاقتها بالآخر، في إطار يحدده التاريخ الخاص والعام، فمن يصدق أن باحثاً ومؤلفاً ومثقفاً وشخصاً قوياً كما يبدو في كتاباته واثقاً مما يعلم كإدوارد كان يعاني نقصاً في الثقة وخجلاً وكبتاً وعدم القدرة على الاندماج مع الغير ووجلاً من والديه وكرهاً للمدرسة وحساسية مفرطة لهذه الدرجة…

كانت كتابة السيرة الذاتية نوعاً من الوضوح الفكري والنزاهة الثقافية، سيرة مكتوبة بحيوية مدهشة ونزاهة لا تضاهى.

لقد عاش إدوارد سعيد، دوماً، خارج المكان وانسكن، حد التماهي بالثقافة الغربية إلا أنه ظل مسكوناً أيضاً بأطياف هويته الأصلية… هل المنفى هو التغيير في المكان جغرافيا فقط؟ أم شرخ في الوعي ومن ثم تحول في الرؤية إلى الذات والعالم؟

إذا أردتَّ أن تعرف إدوارد سعيد، فعليك بقراءة كتابه "الاستشراق" وإذا رغبت في معرفة مدى تدينه وحبه ودفاعه عن الإسلام "رغم مسيحيته" فاقرأ كتابه "تغطية الإسلام" وإذا أردت أن تقترب من إدوارد، أو تقرأ مذكرات شخصية، تلهب حماسك، وتدفعك آلاف الخطوات إلى الأمام؛ فعليك بقراءة كتابه "خارج المكان"، وإذا عشقت دور المثقف، فتمتع بقراءة كتابه "المثقف والسلطة" وإذا تمعنت في قراءة كتابه "القضية الفلسطينية" فستعرف ماهية إدوارد سعيد.

ضاع "المكان" وتشتت "الزمان" وتحولت حياة "إدوارد" إلى شظايا موزعة ومفرقة ومضيعة في أمكنة لا حصر لها لأسباب لا يد له فيها، مجموعة معقدة من الأسباب شوهت حياة الفلسطينيين جميعاً، وحتى حياة العرب، لا فرق في ذلك بين أن يكون الواحد منهم "إدوارد" أو "سعيد" أو أي اسم آخر؛ إذ يكفي أن تكون فلسطينياً حتى تكون "إدوارد" بلا أي مكان يعين فيه الزمان، مما جعل الفلسطيني دوماً، ومنذ أكثر من نصف قرن، مجبراً على أن يحمل الزمان على كتفيه في حلّه وترحاله.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هاف بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد