ما بين الأكراد والتقسيم

لو أن الأكراد أرادو حقاً التقسيم أو احتلال الأراضي لأفصحوا عن ذلك دون خوف من أحد، إلا أن المشروع الذي يهدفون إليه هو بناء سوريا ديمقراطية تعددية، ومن الأمثلة على ذلك وعن تلك الإشاعات التي روجت لها عند تحرير مدينة تل أبيض التي كانت تحت نير الاحتلال الداعشي لفترة طويلة، ولكنها الآن تعيش نظامها التعددي المدني، وحتى إن الرئيس المشترك لمجلس الفيدرالية هو عربي من هذه المدينة.

عربي بوست
تم النشر: 2016/06/14 الساعة 06:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2016/06/14 الساعة 06:42 بتوقيت غرينتش

الأكراد هم أحد الشعوب العريقة للشرق الأوسط، التي لها جذور تاريخية في هذه الأرض، وآثار المنطقة أكبر دليل على حضارات أجداد الأكراد، إلا أن المصالح السياسية آلت إلى تقسيم وطنهم كردستان ما بين الصفويين والعثمانيين في عام 1639، ولم يتوقف الجرح هنا، لا بل ضرب التقسيم بضعفه، فقسمت كردستان إلى 4 أجزاء تتقاسمها تركيا، وإيران، وسوريا، والعراق، وذلك إثر اتفاقية سايكس بيكو التي مر عليها قرن.

الأكراد القاطنون في سوريا، أو كما تسمى" روج أفا"، أي الغرب، بمعنى غرب كردستان، كانوا أبرز اللاعبين في الثورة السورية، فهم الذين ذاقوا مرارة النظام الحاكم طيلة عقود طويلة، فجاءت الثورة وانخرط معها الأكراد، وكانوا أصحاب نظرية ورؤية مغايرة لبقية القوى؛ حيث لم تعجبهم فكرة المعارضة التي رأت أن الأكراد لا حقوق شرعية لهم، وكذلك النظام الذي هو غني عن التعريف.

بعد إعلان مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية في ثلاث مقاطعات هي كل من: الجزيرة، وكوباني، وعفرين؛ حيث يتشارك فيها الأكراد والعرب والسريان والأشور وكذلك التركمان، أعلن في السابع عشر من مارس/آذار عن مشروع الفيدرالية الديمقراطية لـ"روج أفا – شمال سوريا" التي هي رؤية للحل في سوريا، وهي أيضاً مشارك فيها المكونات والأديان الأخرى غير الأكراد، إلا أن اللافت للنظر هو نظرة الإعلام العربي والشخصيات العربية لهذا المشروع، فالكل صرح وقال بأن الأكراد يطمحون لتقسيم سوريا على الرغم من وجود المكونات الأخرى ضمن هذا المشروع، الذي ينص أحد مبادئه على أن الحفاظ على وحدة أراضي سوريا مبدأ لا تنازل عنه، هؤلاء المحللون والصحفيون الذين أغلبهم يتواجدون في دول فيدرالية يعادون الفيدرالية التي يطمح إليها الشعب في شمال سوريا، وتناسوا المكونات والأديان الأخرى وألصقوا التهمة بالأكراد، وتناسوا بأن الذي حافظ على مناطق شمال سوريا من التقسم إلى دولة الخلافة الإسلامية هم مقاتلو وحدات حماية الشعب التي هم يسمونها الوحدات الكردية على الرغم من وجود نسبة لا تقل عن 40% من العرب ضمنها ناهيك عن السريان والتركمان.

من جهة أخرى، وما إن بدأت حملة قوات سوريا الديمقراطية نحو منبج أو شمال الرقة، حتى عادت النغمة نفسها، وهذه المرة بأسلوب مغاير وهي الاحتلال الكردي والتطهير العرقي… إلخ، وتناسوا أن هذه القوات تتوجه نحو معاقل داعش، وتخلص الشعب من احتلاله، ولكن على ما يبدو في إن طبقة ممن يطلقون على أنفسهم صفة المثقفين يريدون احتلال داعش عوضاً عن تحرير تلك المناطق على يد قوات سوريا الديمقراطية التي هي عبارة عن نسيج من الأكراد والعرب والتركمان والسريان والأشور.

لو أن الأكراد أرادو حقاً التقسيم أو احتلال الأراضي لأفصحوا عن ذلك دون خوف من أحد، إلا أن المشروع الذي يهدفون إليه هو بناء سوريا ديمقراطية تعددية، ومن الأمثلة على ذلك وعن تلك الإشاعات التي روجت لها عند تحرير مدينة تل أبيض التي كانت تحت نير الاحتلال الداعشي لفترة طويلة، ولكنها الآن تعيش نظامها التعددي المدني، وحتى إن الرئيس المشترك لمجلس الفيدرالية هو عربي من هذه المدينة.

ملحوظة:

التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

تحميل المزيد