عشق جمع الآثار والمقتنيات النادرة منذ أكثر من 20 عاماً، وكان خلال سنوات دراسته وزياراته داخل المملكة العربية السعودية وخارجها مُغرماً بالبحث عن السيارات القديمة والآثار، وأقام متحفاً خاصاً في مزرعته بمحافظة رياض الخبراء بمنطقة القصيم، لجمع ما تمكّن من الحصول عليه خلال تلك السنوات الطويلة.
هواية ورثها عن والده الذي ضمّت مقتنياته لوحة تعود إلى 200 عام تحتوي على معالم رياض الخبراء والأسماء القديمة لها. ويشير إلى أن هوايته هذه ليست تجارة هدفها الربح؛ بل حب مستقر في وجدانه، وأن الأموال لا تغريه للتخلص من هذه المقتنيات الأثرية التي لا يهتم أبناؤه بها بنفس القدر.
قطع نادرة
زرنا متحف العميد متقاعد عبدالرحمن بن ناصر العبري للتعرف على أهم مقتنياته، وسر انجذاب صاحبه لتلك المقتنيات الأثرية، وقصة إنشاء هذا المتحف، وأندر القطع التي يضمها، كما تطرقنا إلى أمنيات "العبري" فيما يتعلق بهواية جمع التراث، وهل هي هواية مربحة أم مكلفة؟
عبدالرحمن العبري أشار إلى أن اهتمامه بجمع التراث بدأ منذ سنوات الصبا الأولى، حين ارتبط بالتراث وأحب جمعه، وخلال سنوات دراسته وأسفاره الخارجية كان يبحث عن السيارات النادرة والمقتنيات الأثرية التي لا يعرفها الكثيرون ليشاهدها، وكان يحرص على التقاط صور إلى جوارها، فارتباطه بتلك الهواية قديم.
ولعل شغف والده باقتناء التراث وإدراك قيمته كان له دور كبير في انتقال هذا الحب إليه، حيث نشأ محباً للتراث والمقتنيات النادرة، يحرص على امتلاكها وتقديمها للناس في ثوب قشيب، حرصاً عليها من الاندثار.
وكان والده يمتلك مجموعة من المقتنيات الأثرية منها لوحة نفذها بنفسه وتضم معالم رياض الخبراء تعود الأسماء الواردة فيها عن رياض الخبراء إلى 200 عام.
يضم متحف العبري مجموعة من المقتنيات النادرة التي حرص على التقاطها، والتي يشير إلى أهمها قائلاً: "أمتلك أكثر من 88 سيارة قديمة، يعود تاريخ أقدمها إلى عام 1946، ومجموعة من السيارات المسماة بأسماء الأسر، إضافة إلى بعض الأسلحة والعملات السعودية القديمة وبعض أجهزة الراديو القديمة، وأدوات القهوة العربية والطهي، وموازين، ومحطة بنزين يدوية، وأدوات قديمة لحفظ التمور، ومعدات طحن الحبوب والخياطة، إضافة إلى المكائن الزراعية القديمة، كما يضم المتحف نحو 20 حيواناً نادراً.
كما يضم مركز العبري للتراث مكتبة والدي التي تضم نحو 3000 كتاب، من ضمنها أعمال من تأليفه شخصياً، ومن أقدم كتبها كتاب "الجواب الكافي" الذي يرجع تاريخه إلى عام 1355 هـ".
ويضم المتحف كذلك نماذج من البيوت السعودية القديمة، "حيث قمت بتنفيذ نماذج تحاكي غرف النوم، والمطابخ، وأماكن الاستحمام، وبئر لاستخراج الماء، إضافة إلى صوبة تمور محتفظة بتمور منذ ما يقرب من 60 عاماً".
ليست للبيع
ويؤكد أن مقتنيات متحفه ليست للبيع؛ لأن ارتباطه بالتراث وجمعه لم يكن بهدف التربح المادي، وإنما كان رغبة في الحفاظ عليه وحمايته من الضياع، "فما أملكه في متحفي أحتفظ به حباً وليس طمعاً في مال أجنيه من ورائه. كما أعتقد أن ما أملك لا يستطيع أحد أن يقدره بالمال، أو يعطيني مكافأة لعشقي له وحرصي عليه".
أما عن المصدر الرئيس للحصول على ما يضمه المتحف فيوضح عبدالرحمن العبري أنه أسس على ما تركه والده من مقتنيات أثرية، إضافة إلى ما قام بتجميعه بعد ذلك، كما أن هناك جزءاً من محتويات المتحف وصل إليه عبر الشراء والإهداء من أشخاص عرفوا حبه للتراث وحفاظه عليه.
ويشرح عاشق التراث أهم أسباب إنشائه المتحف قائلاً: "السبب الأهم الذي افتتحت هذا المتحف من أجله هو إطلاع الأجيال الجديدة من أبنائنا وبناتنا على تراث آبائهم وأجدادهم، وتعريفهم بالفارق بين حياتهم المرفهة الآن وما كان يعانيه آباؤهم وأجدادهم من صعوبة الحياة، وذلك حتى يدركوا النعمة التي أنعمها الله عليهم ويحافظوا عليها".
انفصال الماضي عن الحاضر
ويستطرد: "كان أكثر ما يؤلمني الانفصال الذي تعانيه قطاعات كبيرة من أجيالنا الصاعدة مع تراث السابقين، لأن الحضارة عبارة عن حلقات متصلة لا يجوز أن ينقطع أحد أجزائها وتندثر مع الزمن. وأعتقد أن الحفاظ على المقتنيات الأثرية من الضياع جزء من استكمال تلك المنظومة الحضارية، فالذي ليس له ماضٍ كيف يطمع أن يكون له حاضر ومستقبل؟!".
ويلفت إلى أن الشباب هم الفئة الأكثر زيارة للمتحف، سواء بشكل فردي أو عن طريق الزيارات الجماعية لطلاب المدارس والجامعات، وهو الأمر الذي يشعره بالسعادة؛ لأن هؤلاء الأبناء يحرصون على التعرف على تراث الآباء والأجداد.
وتشجيعاً لزيارته من كافة الفئات والأعمار يفتح المتحف أبوابه على مدار الساعة، دون تحصيل رسوم، كما تأتي وفود من مختلف مناطق المملكة لزيارة المتحف، إضافة إلى مجموعات من الزوار الأجانب.