لبنان مهدد في سمعته السياحية، وسماته الفلوكلورية، وتاريخه الغنائي المجيد، وبروتوكولاته الكلاسيكية.. وألقابه الذهبية التي كانت تتراوح بين "سويسرا الشرق" و"لبنان يا أخضر حلو" و"يا قطعة سما"!
فبعد أن دخل لبنان كتاب (جينيس) للأرقام القياسية سابقاً بأكبر صحن تبولة، وأكبر صحن حمص لبناني، وأكبر كأس نبيذ.. لبنان مهدد هذا العام أن يدخل (جينيس) بأكبر مطمرة نفايات، وأكبر فترة شغور رئاسي!
فقد حذر الرئيس اللبناني السابق ميشيل سليمان خلال لقائه وزير الدفاع اللبناني ومجموعة من الوزراء مؤخراً مما أسماه: "سلبيات ترشيح لبنان لدخول موسوعة جينيس بصفته أكبر مطمر للنفايات أو بنتيجة أطول فترة زمنية من دون رئيس".
وإذا أردنا أن نجاري (جينيس) في بحثها المحموم عن الأرقام القياسية.. لأمكن لنا أن نرشح لبنان، لأغلى سعر خيمة لللاجئين في العالم..
حيث يبلغ أجرة الخيمة التي يؤجرها أشقاء "سوا ربينا" للسوريين المنكوبين الساكنين خياماً، لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء بـ"600-800″ دولار سنويًّا.. وأعتقد أن لبنان لن يجد أي منافس له في هذه "المكرمة" لأنه الوحيد في العالم -على ما أعلم- الذي يتقاضى أجرة بناء خيمة من لاجئ فر من الموت في بلاده.. حتى إيران لم تفعلها مع اللاجئين الأفغان!
كذلك يمكن أن نرشح لبنان لدخول (جينيس) بوصف "دولة حزب الله" هي أكبر دولة داخل دولة في العالم..
وفقد استطاع حزب الله، أن تجعل دويلة لبنان الكبير عام 2008 "تلحس" كل قرارات مجلس الوزراء اللبناني بمصادرة شبكة الاتصالات التابعة لسلاح الإشارة الخاص بحزب الله، وإقالة قائد جهاز أمن مطار بيروت الدولي العميد وفيق شقير.. بعد أن نفذّت دولة حزب الله، "يوماً مجيداً" في السابع من مايو/أيار ضد بيروت وبعض مناطق جبل لبنان، وقامت بأعمال حرق وتكسير وهجوم على مؤسسات إعلامية..
ولم يستطع أحد أن يشتكي أو يطالب بأضرار أو تعويضات، مثلما لم تفتح دويلة لبنان الكبير فمها لمعاقبة مرتكبي هذه الأفعال، بغض النظر عن تراجع الحكومة عن القرارات التي أثارت غضب دولة حزب الله.. واعتبرت ذلك مجرد "فشة خلق مطلبية شعبية في دولة ديمقراطية"!
وعندما أعلنت أسماء متهمين من حزب الله باغتيال الشهيد الرئيس رفيق الحريري، ظهر زعيم دولة حزب الله الملك غير المتوج حسن نصر الله، ليتحدى الجميع بأنه "ولا خلال 300 سنة رح تحلموا أن نسلم أحداً للمحكمة الدولية"!
وعندما اندلعت الثورة ضد حكم بشار الأسد في سوريا، وقّع الحزب مع حلفائه على "إعلان بعبدا" باتباع سياسة النأي بالنفس تجاه ما يحدث في سوريا المجاورة.. ثم عندما جاءته الأوامر من إيران، ذهب يقاتل هناك.. ودعا من يخالفه أو يعارضه أن يذهب للقتال هناك.. دون أن يتمكن أحد من أن يقول له شيئا عن الإعلان الذي وقعه، وموقف دويلة لبنان الكبير الذي داسه مقاتلو حزب الله تحت أرجلهم وهم يعبرون ليقتلوا السوريين في القصير والقلمون ويحسموا نصرهم في يبرود!
أكثر من ذلك.. تمكنت دولة حزب الله، أن تخرج "الإرهابي" المعترف على نفسه (ميشيل سماحة) والذي امتلك الأمن اللبناني، كل الوسائل والقرائن والأدلة والتسجيلات، التي تثبت تورطه بنقل متفجرات في سيارته الخاصة، من سورية لتدبير مجموعة تفجيرات إرهابية في لبنان تستهدف مكوناته وما تبقى من وحدته الوطنية، تمكن الحزب من إخراجه عبر المحكمة العسكرية بكفالة (70) ألف دولار جراء هذا كله.. فيما حكم على المطرب فضل شاكر غيابيًّا، من نفس المحكمة العسكرية، بالسجن 5 سنوات وغرامة مالية قدرها 500 ألف ليرة لبنانية وتجريده من حقوقه المدنية، بتهمة التهجم على دولة شقيقة خلال مقابلة صحافية أجراها في 2014 بمخيم عين الحلوة (نعم مقابلة صحفية) أدلى فيها بأقوال تهدف وتؤدي إلى تعكير صلات لبنان بدولة عربية.. علماً أن الدولة العربية المقصودة هي "سوريا الأسد" التي دفعت لميشيل سماحة (100) ألف دولار وزودته بالأسلحة والمتفجيرات لتنفيذ مخططه لاغتيال شخصيات سياسية ودينية في دويلة لبنان الكبير.
أفلا يستحق حزب الله يا هيئة تحرير كتاب (جينيس) إن كنتم تتحلون بشيء من المهنية والنزاهة والإنصاف.. أن يدخل كتابكم باعتباره أقوى وأكبر دولة داخل دولة في العالم.. بدل أن تختصروا إنجازاته، بمسائل شكلية يلهث وراءها المتصيدون في الماء العكر.. كتحويله لبنان إلى أكبر مطمرة نفايات، وصاحب أكبر فترة شغور رئاسي؟!
سأناشدكم بحق كل الأرقام القياسية التي جمعتموها خلال تاريح كتابكم السنوي الشهير.. ألا تعاقبوا لبنان كما فعلت دول مجلس التعاون الخليجي، وألا تتركوا لقمة سائغة في فم إيران.. وعاقبوا حزب الله فقط.
عاقبوا حزب الله باعتبار أن ما يفعله وما أنجزه، وما سيهديكم إليه من أرقام قياسية مخجلة.. ليس له علاقة بالصمت اللبناني، ولا السكوت المتتالي عن الجرائم، ولا التوافقات الهشة التي لم تنتج سوى مزيد من النفايات السياسية، والانسلاخ عن عروبة لبنان الإيراني.. بل له علاقة بحزب الله فقط الذي لا يمثل إلا نفسه، وشعاراته، وأعلامه، وصور زعمائه، وحماسة جمهوره. ولطميات محطاته التلفزيونية.. ولو خيّل لكم غير ذلك!
ملحوظة:
التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.